كان عدد سكان البحرين في ذلك الوقت لا يزيد عن ((٧٠ ألف نسمة))، ولم يكن في عهد الشيخ عيسى بن علي الخليفة شرطة بالمعنى المعروف لدينا الآن، وإنما كان يوجد دائرة نواطير كان يرأسها والد محمد الأمير الدلال المعروف، وعندما تولى الشيخ حمد بن عيسى شئون الحكم قام بتأسيس دائرة شرطة، ثم أرسل في طلب مائتين جندي من الهند وطائفة من البيتان مثل الأفغان، ولم يكن بين هؤلاء شرطي بحريني واحد.
وأذكر هنا هذه الحادثة التي وقعت تلك الأيام، عندما عوقب أحد الشرطة الهنود بالإعدام لإنه حاول اغتيال الميجر الإنجليزي ديلي معتمد الدولة البريطانية في البحرين.
وأنضم بعد ذلك بحرينيون إلى شرطة البحرين هم الشرطة ألآتية أسمائهم محمود وعلي ميرزا و سلمان بن جاسم. واستمر هؤلاء الأشخاص في خدمة الشرطة في عهد حاكم البحرين السابق الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة، ثم تقاعدوا بعد ذلك عن العمل،
و تولى عبدالكريم سلمان مركز والده. ومرت السنوات وتطورت شرطة البحرين وازداد عدد أفرادها في إطار نظام حديث و متطور يحمل إسم (( وزارة الداخلية)).
عدت إلى مدرسة الهداية الخليفية عندما بلغت الثانية عشرة من عمري، وتابعت دراستي بها حتى وصلت إلى سن السادسة عشرة.ولأنني لم أكن أميل إلى الدراسة بشكل عام كنت أحصل على درجات مقبولة تؤهلني للنجاح دون التفوق فكان أبي يؤنبني لعدم اجتهادي، وكان يقارنني دائماً بأخي عبدالرحمن الذي كان من الطلبة المتفوقين في الفصل كما ذكرت من قبل ، وكان والدي يصر على أن أحصل على درجات أفضل لكنني كنت أواجهه بإنني أسعى بقدر استطاعتي في الدراسة ،ولكنني لا أستطيع الحصول على نتائج إفضل وكنت ولا أزال أعتقد أن على المرء أن يسعى و يثابر لكي يحصل على ما يريد، ثم يتقبل النتائج
التي يصل إليها ولا بد أن يجد المرء المجال الذي سيرى نفسه متفوقاً به، ليثابر و يجتهد و يتطور، مثلما حدث لي فيما بعد عندما اخترت التجارة مجالاً لأثبت من خلاله ذكائي و تفوقي، وقد أستطعت بسبب توفيق الله لي، و إخلاصي لعملي وحبي له أن صبح رجل أعمال ناجح.
فكر المسؤلون في عام (١٩٣٤م) بشق طريق أطلقوا عليه اسم (( شارع براير)) نسبة إلى أحد المعتمدين البريطانيين المرسلين من قبل الحكومة البريطانية إلى البحرين أثناء وقوعها تحت الحماية البريطانية، وقد سمي هذآ الشارع فيما بعد الاستقلال و إلى عهدنا الحاضر (( شارع خليفة)).
كان هذا الطريق يقطع أملاكنا إلى قسمين ، حتى إننا قمنا ببناء بيت بمحاذاة الشارع ثم مددنا جسراً أعلاه لكى نثبت ملكيتنا للقسمين، ولكن المسئولين أزالوه فيما بعد لإنه لم يكن عملياً.
كانت حدود البحرين الشمالية في تلك الفترة متمثلة في شارع الخليفة الحالي وكانت المياه تصل إلى أول (( باب البحرين)) حالياً .كما أذكر ايضاً أن طريق فريق الفاضل الواقع ضمنه بيت العائلة الكبير كان يمر محاذياً لمسجد كانو و مجمع يتيم حالياً، وقد أدى افتتاح شارع الخليفة الحالي إلى تسهيل حركة التنقل بالسيارة في هذه المنطقة، كما فصل شارع الخليفة أيضاً مبنى الجمارك ومنشآتها فأصبحت تقع شماله، لأن هذا المبنى كان قبل ذلك واقعاً في موقع شارع باب البحرين الذي يضم حالياً تسعة متاجر، قمت باستئجار إحداها في تلك الفترة، ومارست فيه تجارتي كمقر رئيسي عشرين عاماً، ثم أنتقلت إلى (عمارة المؤيد)، وظل المتجر كأحد فروع المؤسسة في داخل السوق القديم.