لقد أصبحت نوره اليوم امرأة ثرية وحيدة .. بعد أن تزوج أبنائها الثلاثة ..هدى وليلى ومحمد الواحد وراء الآخر في ثلاث سنوات.. بعد رحيل والدهم .. تذكر أن أهم ما لفت أنتباهها إلى زوجها محمود عندما قابلته وأحبته .. وسامته وطموحه , كانت سعيدة لأنها ستكون زوجة لهذا الرجل ... وكان من الممكن أن تكون حياتهم كاملة لولا انشغاله الدائم بعمله كرجل أعمال .. لو أنه سمح لها بالعمل معه أو في أي شركة أخرى .. أغلب الرجال أنانيون لا يفكرون أن من حق الزوجة أن تشبع طموحها مثل الرجل .. كان محمود من هذا النوع من الرجال .. ولم تكن هي قوية بشكل كاف يجعلها تثور على وضعها .. وأكتفت بدور الزوجة والام فترة زواجها .. وبحياة كان زوجها محورها .. حفلاته وسفراته ونجاحاته في أعماله التجارية وتربية أبنائها .. ولا أحدمن حولها كان يهتم بما تريد أن تحققه من عمل يمنحها الاشباع النفسي ..
في البداية . وقفت الى جانبه ليحقق أحلامه .. لكنه أستغرق في طموحه ونسى حقوقها كزوجة عليه.
حتى استنفذت كل قدرتها على التحمل والصبر وبدأت تتعب , حاولت تغييره .. لكنه يأبى أن يتغير.. ابتعد عنها وعن أبنائها بسبب هذا الطموح ..كان ..
عليه أن يعطي لكل جانب من حياته حقه .. حتى يسعدان كزوجين.. ويقوم بواجبه كأب نحو أبنائه ..كانت نورة تقوم بهذا الدور كله ولم يهتم قط في الاقتراب منهم وتحسس مشاعرهم أو مشاكلهم أو مشاركتهم هواياتهم .. ترك هذه المسؤولية على عاتقها .. حتى أصبحت قريبة منهم بحكم تواجدها الدائم معهم وكان هو بعيد جداً عنهم بسبب انشغاله المتواصل بعمله .. كان همه في الحياة أن يصبح ثرياً . ثم يتفرغ بعد ذلك للراحة والتمتع بحياته الزوجية وأبنائه .. وكأن الزمن سيتوقف حتى ينتهي من تحقيق أحلامه .. لكن العمر كان يمضي .. وكان يسحب معه رحيق صحته ..التي بدأت تتدهور بسبب إرهاق العمل .. حتى سقط يوماً بسبب نوبة قلبية .. ورحل عنها في ذلك اليوم المشؤم تاركاً وراءه المال والزوجة والأبناء .. وبقيت هي وحيدة تجتر أيامها المملة وحدها .. حتى شهادتها في إدارة الأعمال التي حصلت عليها عندما أرسلها والدها إلى إنجلترا للدراسة بسبب إيمانه بضرورة تعليم
المرأة مثلما فعل القليلون من لآباء في ذلك الوقت لم تستخدمها أبداً لأن زوجها كان يؤمن بضرورة تفرغ الزوجة لبيتها
حاولت أن تطرد ذكريات الماضي .. حدثت نفسها أن الماضي قد رحل .. ورحل معه محمود .. فما فائدة التفكير به .. ها هي الآن امرأة ثرية .. وحيدة .. بلا عمل يشغل تفكيرها .. بعد أن بلغت الخامسة والخمسين منذ أيام .. ماذا يمكنها أن تفعل في هذه السن المتقدمة بشهادة مضى عليها أكثر من ربع قرن ؟