برعاية كريمة أبوية من قائد مسيرة هذا الوطن حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى القائد الأعلى حفظه الله ورعاه، أقيم الاحتفال المهيب بالذكرى المئوية لتأسيس شرطة البحرين، وهو احتفال يكرس النهج الذي سارت عليه شرطة البحرين منذ تأسيسها بأن تكون ساهرة على الاستقرار والأمن ورعاية للحقوق وحفظ الواجبات، وأن تكون مراكز الشرطة في المدن والقرى تحيط الوطن بسياج من التعاون المجتمعي بما يحفظ الأمن، وأن تكون أبوابنا مفتوحة وحوارينا يسودها الاستقرار. فقد كان وما يزال الشعور بالطمأنينة يبعث الارتياح لدى رب الأسرة وأهل بيته وأطفاله.
وتاريخ الشرطة في البحرين الناصع يعود بنا إلى ذلك الشعور الذي انتابنا ونحن صغار ونرى أحد أهلنا أو أقربائنا أو جيراننا، وقد ارتدى حلة رجل الأمن بمختلف الرتب، وكنا ومازلنا نفخر بهذا اللباس الذي يترجم كل معاني إخلاص هؤلاء للوطن وسهرهم على مصالحه ورعاية شؤونه، كنا نراهم وهم يؤدون واجباتهم في المراكز بكل حرفية ومهنية، ويستقبلون الناس ويستمعون إلى قضاياهم بغية الوصول إلى حلول ترضي جميع الأطراف، وكانت الثقة المتبادلة هي عنوان حل كل إشكال صغر أم كبر، نعم كانوا هم البناة الأوائل ولولا ضيق المساحة لأشرنا لكل واحد منهم ودوره، ولكن حضرة صاحب الجلالة الملك المفدى حفظه الله ورعاه في كلمته السامية بهذه المناسبة أشار إليهم بقوله: «يسعدنا أن نكون معكم اليوم لنحتفل بمرور مائة عام على تأسيس شرطة البحرين، هذه المناسبة الوطنية التي نتذكر فيها وبكل فخر، أمجاد من أسسوا لنا البحرين الحديثة، وجعلوا الأمن والاستقرار ركيزة لنماء الوطن، معربين عن اعتزازنا بهذه المناسبة وما تحمله من دلالات تاريخية ومعان سامية تتضمن الشكر والتقدير للبناة الأوائل الذين قدموا نموذجاً صادقاً في البذل والعطاء، ومن حق الوطن أن يفتخر بأبنائه، ويستذكر مواقفهم، فالمواطنون المخلصون تفخر بهم الأجيال، ويخلدهم التاريخ بأحرف من نور».
نعم كان الانسجام في أداء الواجب بين الجميع بمختلف رتبهم دليل الحرص على الاستقرار الأمني والمجتمعي ومن عاش تلك الحقبة بمختلف مراحلها يدرك روح التعاون التي كانت ومازالت سائدة، والثقة التي عشناها بين أداء الأمن عندنا ولجوء المواطن إليهم لحل كل ما يطرأ على حياته من عقبات، شعوراً منه أنه سيلقى الحرص على الحصول على حقه ورد المظالم، وقد عبر الفريق أول معالي الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة وزير الداخلية عن ذلك في كلمة الاحتفال بقوله: «إن هذه الاحتفالية تعيدنا إلى صفحات مشرقة من مسيرة البحرين المباركة، والتي بدأت بواكير نهضتها في عهد مؤسس أركان الدولة الحديثة جدكم صاحب العظمة المغفور له الشيخ عيسى بن علي آل خليفة طيب الله ثراه، الذي أولى الجانب الأمني أهمية كبرى لضمان استتاب الأمن والطمأنينة فأمر بتأسيس الشرطة لحفظ الأمن الداخلي للبحرين وأهلها وحماية مقومات الدولة ومؤسساتها، ثم نظم عظمته مهام الشرطة بإصدار ما عرف بقانون البوليس الذي حدد واجباتهم، وبين حقوقهم».
إن العهد الزاهر لحضرة صاحب الجلالة الملك المفدى حفظه الله ورعاه هو امتداد لهذا الحكم الرشيد في الاهتمام بالأداء الأمني وحفظ الحقوق، وهو ما عبر عنه جلالته في كلمته السامية «إن مسيرة الأمن تسير بخطى ثابتة ورؤى واضحة أسهمت في تعزيز مسيرة الخير والعطاء في وطننا الغالي البحرين مؤكدين على ضرورة الاستمرار في الإلتزام بالقانون والنهوض بالرسالة الأمنية النبيلة، وكلنا ثقة بتماسك جبهتنا الداخلية ووحدتنا الوطنية فهي الأساس في تحقيق الأمن والاستقرار الوطني».
إن المواقف الوطنية كثيرة، كان الأداء فيها مشرفاً خدمة للوطن والمواطنين، واحسب كل واحد منا مر بظروف وجدنا فيها هذا الأداء الراقي لشرطتنا ورجال أمننا في مختلف مجالات الأمن ولعل المباشرة اليومية لبعض الأقسام كالمرور، والدفاع المدني وحفظ المنافذ والحدود ومراكز الشرطة في المدن والقرى تؤكد على أهمية التعاون والتكاتف في الأداء الراقي الذي يحفظ للوطن مكانته وعزته ويصون حقوق المواطن ويسهل عليه حياته اليومية..
إننا كمواطنين نفتخر بمثل هذه الاحتفالات التي تنزل الناس والمواطنين منازلهم وتؤكد على أدوارهم الوطنية عبر حقب متعددة من مسيرة هذا الوطن، ونبارك الأمر الملكي السامي لرجال الأمن والشرطة عندما قال جلالته رعاه الله: «وتعبيراً عن اعتزازنا وتقديرنا للدور الفاعل للشرطة في حفظ أمن البلاد واستقرارها فقد أمرنا باستحداث الوسام الملكي للشرطة ويمنح للذين قدموا أعمالاً أمنية استثنائية أظهروا فيها الشجاعة والبسالة، وكذلك وسام الخدمة الأمنية المميزة لمن لهم سجلاً حافلاً بالعطاء والإنجاز ويتحلون بأخلاقيات العمل الأمني».
يظل الوطن وبما يحققه من إنجازات مدعاة فخر لكل مواطن غيور ينشد الخير والنماء والبناء لتظل راية مملكة البحرين خفاقة وتؤكد دورها الحضاري والإنساني.