العمانيون أشقاؤنا، أهلنا، تقاسموا معنا لقمة العيش، تعلمنا في مدارسنا بمراحلها المتعددة، استقبلت جامعاتنا طلبتنا من البلدين الشقيقين، اشتركنا في تأسيس الصحافة، والفنون والثقافة، وتاريخ التبادل الحضاري والثقافي والتجاري منذ حضارة دلمون في مراحلها المختلفة وحضارة ماجان عمان، وكان النحاس وقتها السلعة التي تم تبادلها بين الحضارتين إضافة إلى السلع الأخرى.
مرحلة الغوص على اللؤلؤ وتجارته كانت رائجة بين البلدين والشعبين خاض الأجداد والآباء البحرينيون والعمانيون في سفن الغوص غمار البحر من أجل لقمة العيش، ولما أفاء الله علينا بالنفط عمل أبناء عمان في شركة النفط بابكو مساهمين في النمو الاقتصادي.
كانت الزيارات بين البلدين والشعبين الشقيقين مستمرة رغم صعوبة وسائل المواصلات وقتها ولكن المحبة والصلات الوثيقة والود بين الشعبين كانت تهون دون التواصل أية عقبات أو عوائق وإذا كانت الحلوى العمانية الأثيرة إلى النفس البحرينية فإن العمانيين وجدوا في «صوغة» البحرين عنوان محبة وألفة وأهل وأحبة... على مر العهود كان حكام البحرين من آل خليفة الكرام يكنون المودة والمحبة للأسرة الكريمة من حكام عمان، وكان التواصل معهم ومع أبناء عمان رمز المحبة والمودة كما هو الشأن مع الأشقاء في دول الخليج العربي ممكن يكنون المودة والمحبة الخالصة لبعضهم بعضاً.
تاريخ من العلاقات بين البلدين ممتد سطرته صفحات مضيئة من العلاقات بين البلدين، وعندما تولى المغفور له بإذن الله تعالى السلطان قابوس بن سعيد مقاليد الحكم في السلطنة في 23 يوليو 1970م تواصلت العلاقات بين البلدين فكان المغفور له بإذن الله تعالى عظمة الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة أمير البلاد الراحل طيب الله ثراه على علاقة وثيقة ومتأصلة بجلالة الراحل باني عمان ومشيد نهضتها وصاحب الصحوة العمانية المباركة السلطان قابوس بن سعيد، فكان إنشاء مجلس التعاون لدول الخليج العربية عنوان بارز لما يربط هذه الدول من وشائج آمن بها المؤسسون وبذلوا كل ما يستطيعون من جهود لإنشائه فكان لهم السبق.
وتواصلت الصلات الوثيقة بين حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه مع أخيه صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد سلطان عمان طيب الله ثراه، مناسبات كثيرة جمعت قائدي البلدين الشقيقين.
وشهدنا بعد رحيل السلطان قابوس بنعي الديوان الملكي بأمر من حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد سلطان عمان الشقيقة رحمه الله وجاء فيه: «بنفس راضية مؤمنة بقضاء الله وقدره وبقلوب خاشعة مفعمة بالإيمان والرضى وبما كتبه الله عز وجل وقسمه ينعي صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المفدى حفظه الله ورعاه صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد سلطان عمان الشقيقة رحمه الله الذي انتقل إلى جوار ربه بعد عمر حافل بالعطاء والإنجازات في خدمة شعبه وأمته العربية والإسلامية ونصرة قضاياها». وجاء في النعي أيضاً: «وإذ تؤكد مملكة البحرين وقوفها إلى جانب سلطنة عمان الشقيقة والشعب العماني الشقيق في هذه الظروف الأليمة لنستذكر بالعرفان والتقدير بصمات الفقيد الكبير البارزة في نهضة سلطنة عمان وتطورها في كافة الميادين وبدوره في تعزيز العلاقات الأخوية التاريخية الوثيقة مع مملكة البحرين واسهاماته مع إخوانه أصحاب الجلالة والسمو في تأسيس مجلس التعاون لدول الخليج العربية وتعزيز مسيرته المباركة». وبناءً على أمر حضرة صاحب الجلالة الملك المفدى حفظه الله ورعاه فقد صدر عن صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء حفظه الله قرار جاء فيه: «حداداً على روح الفقيد الراحل صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد سلطان عمان الشقيقة رحمه الله يعلن الحداد الرسمي لمدة ثلاثة أيام اعتباراً من اليوم وتنكيس الأعلام خلالها بجميع الدوائر الرسمية داخل المملكة وسفاراتها وبعثاتها الدبلوماسية في الخارج».
إن الشعب العماني الذي التف حول قيادته وآمن برسالة الراحل قابوس بن سعيد في بناء الدولة الحديثة بسواعد أبنائها حقق الكثير من أجل السلطنة وباتت السلطنة محل إعجاب العالم فموقعها الإستراتيجي وتاريخها القديم والحديث والمعاصر يجعلها في وضع تحافظ فيه على الأمن والإستقرار والنماء والسلم العالمي.
لقد تعرفنا عن قرب لخصال الشعب العماني المتواضع والساعي نحو البناء وطلب العلم والوفاء لمن وقف معه في الرخاء والشدة، وإن أنسى لا أنسى تلك الزيارة الكريمة التي قام بها صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الموقر حفظه الله ورعاه وأعاده إلى وطنه سالماً معافى وتقر به عين البحرينيين جميعاً عندما قام سموه بزيارة سلطنة عمان بتاريخ 10/9/1985م والتقى بجلالة السلطان قابوس فكان الاحتفال الكبير بمقدم سموه رسمياً وشعبياً وكنت مرافقاً للوفد الإعلامي وسعينا لإعداد برنامج تلفزيوني قبيل الزيارة ونزلت في شوارع مسقط وأسواقها التقليدية وقابلت العديد من العمانيين في مختلف المواقع فكان الحب عنوان هذه اللقاءات والكل أشاد بالبحرين وقادتها ومواقفهم المشرفة من عمان وأهلها ورحبوا بزيارة صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الموقر حفظه الله ورعاه، وكلهم أشادوا بذكرياتهم عن البحرين وأهلها وقالوا: «نحن لا ننساكم يا أهل البحرين».
إننا إذ نودع جلالة السلطان قابوس بما حفل تاريخه من إنجازات كبيرة ومشهودة فإننا على ثقة بأن حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق آل سعيد سيسير على نهج الراحل قابوس بن سعيد في بناء السلطنة وتبؤها المكانة التي تليق بها وفقه الله وسدد خطاه وللشعب العماني المزيد من التقدم والرقي والنماء.