آخبار عاجل

إصرار على النجاح .. بقلم- سلوى المؤيد .. الفصل الثامن

25 - 01 - 2020 4:09 5537

في يوم جاءني تاجر من السعودية وسألني عن إمكانية توفير ماكينة (بلاك ستون) له وكنت حتى ذلك الوقت لم أتعامل مع هذه الشركة لذا أخذت التفاصيل التي تناسب متطلبات التجار السعوديين وغادرت البحرين في عام (1950 م ) إلى لندن مرة أخرى واتصلت بشركة بلاك ستون وقلت لهم أنني أرغب في ان أكون وكيلاً لهم, إلا أن رئيس الشركة قال لي:
( إننا غير متفائلين بالنسبة لمنحك الوكالة, لقد أعطيناها من قبل لوكيل سعودي فلم يبع لنا للسعودية إلا عشر مكائن في السنة)

قلت له:

( ثقوا بي, و سأبيع لكم كميات أكبر).

قال لي:

( سنجرب أولاً مهارتك كتاجر,سوف نرسل لك عشرة مكائن لتقوم بتسويقها).

وافقت على هذا الشرط لكي أثبت لهم كفاءتي في العمل, و حتى أستطيع أن أحصل فيما بعد على الوكالة.

وعندما وصلت البضاعة إلى البحرين ذهبت إلى الرياض لتسويقها ،و في مدة لا تزيد عن 10 أيام أستطعت بيع عشر مكائن وكانت أرباحي عن كل ماكينة( 500 روبية) أي 15% من ثمن البضاعة حمدت الله على نجاحي , وأرسلت طلبية تتضمن 20 ماكينة وصلتني بعد ثلاثة شهور ,إذ كان الممر المائي في قناة السويس مفتوحاً في تلك الفترة فلم تأخذ الباخرة لتصل إلى البحرين أكثر من ثلاثة أسابيع و رحلت إلى الرياض مرة أخرى لتسويق العشرين ماكينة و أستطعت بيعها جميعاً بربح قدره ( 400 روبية) عن كل

ماكينة و واصلت طلب المكائن البلاك ستون, إلى أن بلغت وارداتي من هذه الشركة في السنة الواحدة أكثر من 250 ماكينة وكلها عن طريق البحرين.

قمت في عام (1951م) بزيارة إنجلترا و أذكر أن الطائرة كانت تقطع المسافة خلال 12 ساعة ولم تكن مريحة في طيرانها كما هي الآن.

وعندما وصلت اتصلت بمدير الشركة و يدعي (فرانك بلاك ستون) و اقترحت عليه ان أكون وكيلاً لهم في المملكة العربية السعودية و وافق على ذلك لان مبيعاتي للشركة عن طريق البحرين كانت رائعة حيث ازدادت إلى حد كبير بالنسبة لهم.

وعندما حصلت على الوكالة في السعودية ازدادت وارداتي إلى أن بلغت 500) (ماكينة في السنة.

وأعتقد أن الشركة بلاك ستون كانت ركيزة أخرى من ركائز ثرائي اذ ما بين عام (1950م) و عام (1962م) استطعت تصريف الكثير من مكائن هذه الشركة إلى السعودية و رغم ما طرأ على تلك الدولة من متغيرات اقتصادية الى جانب احساسي بالارهاق بسبب كثرة اسفاري و تنقلي بين البلدين إلا انني واصلت عملي التجاري بها وكان أكبر التجار السعوديين ممن كنت اتعامل معهم في عام (1960م) هم الحقباني و عبدالعزيز محمد النمر و محمد العقيلي و الريزيحان و غيرهم وكنت اتعامل ايضاً مع السعوديين في تلك الفترة على نطاق واسع من خلال الأدوات الكهربائية التي كان يشتريها مني تاجر كان يدعى محمد بن نفيسة و غيره, إذ أنني كنت وكيلاً لشركة ((جي. إي.سي)) منذ عام (1948م) وكنت استورد منها كميات كبيرة من أدروات الكهرباء في الوقت الذي لم يكن فيه تاجر في السعودية يتعامل مع شركة للأدوات الكهربية لكن الأمر لم يستمر على ما هو عليه, فقد انتبه السعوديون الى الربح الذي اجنيه والحت وزارة التجارة السعودية على جلالة

الملك سعود بن عبدالعزيز على أن يكون وكيل شركة بلاك ستون في السعودية سعودي الجنسية و فتحت مجالاً للسعوديين أمثال ابراهيم زاهد و ابراهيم شاكر و محمد النمر و محمد العقيلي فأصبح الجميع ينافسون على تلك الوكالة ولكن الشركة كوفاء منها بالتزاماتها معي قامت بالدفاع عن حقوقي كوكيل رسمي لها في المنطقة وألزمت كل من يتصل بها أن يتصل أولاً بي وأن يطلب البضاعة عن طريقي لكنها في النهاية رضخت لأوامر الحكومة السعودية و طلبت مني ان اتفق مع أحد السعوديين ليكون شريكاً معي حتى أتمكن من الاحتفاظ بامتياز حملي للوكالة ،و إلا فإنها ستسحبها مني وبالطبع يتأثر تعامل الشركات بالأشخاص حسب سياسة حكومة الدولة و سياستها تتغير حسب اختلاف الأوضاع لذلك انزعجت كثيراً عندما وصلني خطاب الشركة ،و سعيت للقاء حاكم البحرين الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة و طلبت من سموه أن يشملني برعايته بإن يكتب رسالة الى جلالة الملك سعود بن عبدالعزيز يذكر فيها أني من عائلة المؤيد و اننا من تجار البحرين و تربطنا بالعائلة الحاكمة الصداقة و المودة و لم يستجب سموه لطلبي فقط وانما ذكر في نهاية رسالته لاخيه جلالة الملك سعود بن عبدالعزيز انه ينتظر منه مساعدتي في تسيير اعمالي التجارية في المملكة العربية السعودية.

وأخذت الكتاب معي عندما رحلت إلى السعودية لإستخدمه وقت الضرورة

سعيت إلى لقاء عبدالعزيز القصيبي وأحمد القصيبي اللذين اتخذا مدينة الخبر مقراً لإقامتهما و طلبت منهما أن يشاركاني كسعوديين في حمل وكالة بلاك ستون في السعودية على أن تكون الأرباح مناصفة بيننا ورغم موافقتهما إلا أن وزارة التجارة في السعودية لم توافق ولم تكن أسباب الرفض وجيهة لكنها عبرت عن رغبة السعوديين في تسجيل الوكالة بإسمهم لذلك اتفقت مع السيد عبدالعزيز القصيبي على أن نذهب الى جدة و نتصل اولاً بوزارة التجارة و

نحاول اقناع المسئولين بها على ان نكون شركاء في الوكالة فإذا لم تفلح نغادر الى الطائف لنقابل الملك سعود بن عبدالعزيز.

و بينما كنت في لقاء مع عبدالعزيز القصيبي في مكتبه أتصل بي أحمد أمين مدير مكتبي في ذلك الوقت هاتفياً ليخبرني ان حريقاً هائلاً شب في مخزني الوحيد الواقع في فريق الفاضل بالمنامة.

أزعجني هذا الخبر كثيراً حيث كنت في تلك اللحظة متعباً بسبب المشاكل التي تواجه تجارتي في السعودية ،فاضطررت الى العودة للبحرين لأواجه مصيبتي الثانية

كنت قد تمالكت نفسي ورسمت ابتسامة على وجهي عندما وصلت الى مطار البحرين ،لأنني قررت ان أواجه أزمتي المالية بشجاعة و رباطة جأش ،ورغم فداحة خسارتي في هذا الحريق حيث التهمت النار في 12 ساعة بضائعي المتواجدة في هذا المخزن ،وكانت هذه البضائع الموتور المحرك لتجارتي.

حزنت كثيراً عندما شاهدت مخزني بعد أن دمره الحريق ،و شعرت أني في حاجة إلى الإختلاء بربي فذهبت في صباح اليوم التالي إلى الجامع و صليت ركعتين ،و ابتهلت الى الله سبحانه أن يساعدني على اجتياز أزمتي المالية وعدت الى البيت لأرى أهلي ،وجدت زوجتي عائشة في حالة يرثى لها من الحزن و الانهيار النفسي لكنني أملتها خيراً ،واوضحت لها معزياً نفسي ان هذه هي سنة الحياة وان الانسان بها بين صعود و نزول و المهم ان نكون جميعاً في صحة جيدة و المال يذهب و يأتي وسيعود بإذن لله.



شبكة Gulf 24 منصة إعلامية متميزة تغطى أخبار دول مجلس التعاون الخليجي والوطن العربي والعالم تضم بين صفحاتها الرقمية وأبوابها المتنوعة كل ما تحتاجه لتصبح قريباً من ميدان الحدث حيث نوافيك على مدار الساعة بالخبر والتحليل ونسعى أن نصبح نافذتك إلاخبارية التى تمنحك رؤية راصدة تجعل العالم بين يديك ومهما كانت افكارك واهتماماتك. سواء في حقل السياسية، الاقتصاد، الثقافة

جميع الحقوق محفوظه لشبكه Gulf 24 الاخبارية

Gulf 24 © Copyright 2018, All Rights Reserved