آخبار عاجل

إصرار على النجاح .. بقلم- سلوى المؤيد .. الفصل الحادي عشر

16 - 02 - 2020 11:27 5372


شهدت البحرين انتعاشاً اقتصادياً نسبياً خلال سنوات الأربعينات و الخمسينات عندما جاءت إليها القوات البريطانية مصحوبة بضباطها و جنودها وطاقم موظفيها مع اسرهم مما جعل الاقبال على البيوت المستأجرة يزداد كثيراً فيضاعف الاهالي عملية البناء العمراني و تنشط الحركة التجارية في الاسواق البحرينية.

وبقيت الأوضاع هكذا حتى عام (1966م) عندما اعتزمت بريطانيا على ان تسحب قواتها بعد ان عقدت معاهدة مع حكومة البحرين لتصبح بعدها البحرين دولة مستقلة.

خلت برحيل عائلات القوات المسلحة البريطانية الكثير من البيوت المستأجرة و انخفضت الايجارات و برزت ازمة دائني البنوك الذين استلفوا لبناء أملاكهم من اجل استغلالها اقتصادياً و بقيت دون ايجار و تراكمت الديون عليهم فبدأوا في عرض أملاكهم للبيع ووجدتها فرصة كرجل أعمال أن اشتري عدة بنايات في مناطق مختلفة ولو فكرت في بنائها في تلك الفترة لكلفني ذلك 30 % أعلى من سعر شرائها جاهزة ثم توالى شرائي للعديد من الممتلكات التي أنشأت عليها

أيضاً بيوتاً للإيجار اطلقت عليها اسماء ابنائي فاروق و فريد و محمد ,كنت اهدف من وراء هذا الشراء الى الاستثمار المالي لانني توقعت من خلال عدة مؤشرات سياسية و اقتصادية ان البحرين ستصبح بعد عدة سنوات مركزاً مهماً للمصارف المالية وقد تمثلت تلك المؤشرات في الحرب اللبنانية التي نشبت مشاكلها في هذه الدولة قبل اندلاعها بعدة سنوات و تصاعدت حتى انفجرت في صورة هذه الحرب الشرسة (1975م) و الثاني تجسد في صراع جمهورية مصر العربية مع اسرائيل و نشوب حرب اكتوبر عام (1973م) .

وحدث ما توقعته فقد بدأت البنوك و الشركات الاجنبية تنقل مراكزها في الشرق الاوسط من لبنان الى البحرين بسبب الامن و الاطمئنان المتوفرين على ارضها و توفير الدولة لهذه المؤسسات الاقتصادية افضل وسائل الاتصال بالعالم الخارجي و تسهيل معاملتها المالية في البحرين و خارجها.

كانت منطقة الخليج قد شهدت بداية الطفرة الاقتصادية عندما اندلعت حرب اكتوبر بين جمهورية مصر العربية و اسرائيل في عام (1973م) وأدت الى ازدياد اسعار البترول بسبب وقوف الملك فيصل الى جانب مصر وقفة صامدة تمثلت في قطعه لنفط السعودية عن امريكا و الغرب لمساعدتهم اسرائيل في حربها ضد مصر .

و هكذا انتشرت ظاهرة السيولة النقدية في الخليج و بدأت البنوك العالمية في الانتقال الى البحرين لكي تؤسس فروعاً سميت (الأفشور) يرتكز عملها على السيولة النقدية الناتجة عن بيع نفط المملكة العربية

السعودية و الكويت و الإمارات إلى الدول الصناعية.

كما انشأت الكويت في تلك الفترة مؤسسة اطلقت عليها اسم (سوق المناخ) قامت على تعاطي اسهم البنوك و الشركات الاخرى التي نشئت في الكويت وبالتدريج انتقل الكويتيون بأموالهم الى البحرين بغية التعامل في سوق الأسهم فأرتفعت اسعارها كثيراً و ازدهر سوقها و اثرى الكثير من الناس اثراءً سريعاً من خلال عملية بيع و شراء هذه الاسهم وادى ذلك الى انتشار الرغبة بين الموظفين المحدودي الدخل للدخول في هذه الدائرة المتحركة الخطرة دون ان يدركوا اخطارها المستقبلية وقد شجعهم على ذلك تساهل البنوك في مسألة منح الديون دون ضمانات عقارية وقد خشيت منذ البداية عواقب هذه الحركة الاقتصادية السريعة المفتعلة خصوصاً وان حركة بيع و شراء الاسهم لم ينتج عنها مشاريع انتاجية اقتصادية لذلك انهارت تلك الاسهم بعد عدة سنوات و خلفت وراءها الكثير من الازمات الاقتصادية التي نتج عنها العديد من المآسي لدى الاسر البحرينية كما تأزمت أحوال البنوك بسبب كثرة الديون وعدم مقدرة أصحابها على تسديدها وكان اكثر الاشخاص تضرراً هم الطبقة المحدودة الدخل و التجار الصغار و رجال الاعمال اللذين غامروا بالتوسع كثيراً في أعمالهم بسبب ازدهار السوق و انضم الى الطائفة المتضررين اصحاب الاملاك الذين استدانوا من البنوك لبناء بيوت بقصد استثمارها و بقيت البيوت بلا مستأجرين أو بإجارات لا تفي بتسديد الديون.

وكنت كرجل اعمال اتعامل مع هذه الطفرة الاقتصادية بحذر لذلك

لم اصب بخسائر مادية إلا من خلال انخفاض المبيعات في السوق بسبب تدهور أحوال الناس المادية.

ولكى أدلل على مدى ارتفاع اسعار الاسهم اذكر أن سعر السهم في بنك البحرين الوطني قد ارتفع خلال تلك الطفرة الاقتصادية الى (21 دينار) مع العلم اننا كاقتصاديين كنا نعتقد ان قيمته الفعلية لا تزيد عن (7 دنانير) فقط.

ومع حدوث هذا الازدهار الاقتصادي اتجه الناس الى بناء منازل للإجار فأتسعت الحركة العمرانية ما بين عام(1982م) وعام (1986م) ولم تكن سوق البحرين قادرة على استيعابها فأصبح العرض اكثر من الطلب خصوصا بعد ان انهارت الاسهم و اشتعلت الحرب العراقية الايرانية في عام (1982م) و تطورت بشكل أخذ يهدد أمن منطقة الخليج و انخفضت الاجارات كثيراً و خلت الكثير من البيوت المستأجرة بسبب رحيل العديد من الشركات عن البحرين الى جانب تردي احوال الناس المعيشية لانهيار سوق الاسهم كما ذكرت من قبل وتراكم الديون على دائني البنوك ممن استلف لكي يشتري اسهما او لبناء بيوت للإجار.

ولو عدنا الى الوراء لوجدنا اننا قد نستفيد من أخطاء الماضي لبناء مستقبل اقتصادي اكثر اشراقاً لبلادنا إذا وضعنا في اعتبارنا ان البحرين دولة صغيرة ذات إمكانيات محدودة و جزء من دخلها القومي يعتمد على ازدهار الحركة الاقتصادية القادمة لبلادنا مثلما تمثل ذلك مؤخراً في انشاء سوق البورصة على اسس اقتصادية سليمة سيكون لها اطيب الاثر.
 



شبكة Gulf 24 منصة إعلامية متميزة تغطى أخبار دول مجلس التعاون الخليجي والوطن العربي والعالم تضم بين صفحاتها الرقمية وأبوابها المتنوعة كل ما تحتاجه لتصبح قريباً من ميدان الحدث حيث نوافيك على مدار الساعة بالخبر والتحليل ونسعى أن نصبح نافذتك إلاخبارية التى تمنحك رؤية راصدة تجعل العالم بين يديك ومهما كانت افكارك واهتماماتك. سواء في حقل السياسية، الاقتصاد، الثقافة

جميع الحقوق محفوظه لشبكه Gulf 24 الاخبارية

Gulf 24 © Copyright 2018, All Rights Reserved