الثلاثاء المقبل.. ليس يوما عاديا وإنما هو عيد لكل مظلوم، حيث سيشهد إجراءً غير مسبوق، وستستدعي قمة جنيف السنوية الثانية عشرة لحقوق الإنسان والديمقراطية، مجلس حقوق الإنسان القطري. وذلك لمناقشة التهم الموجهة إليها باستعباد عددٍ كبيرٍ من العاملين من جنسيات مختلفة، وتطبيق إجراءات غير إنسانية فيما يخص منعهم من مغادرة البلاد؛ فضلًا عن الإخلال بقوانين حماية الأجور وعدم دفع الرواتب لأشهر طويلة، وذلك تحت عنوان "إنهم يستعبدون العمال". ويُشار إلى أن منظمة "هيومن رايتس ووتش" الدولية، كشفت أن عمالًا وموظفين في مشاريع تتعلق بكأس العالم التي ستستضيفها قطر في 2022، يعانون تأخر أجورهم لأشهر، معتبرة أن السلطات القطرية مهتمة بـ"الترويج" لقوانين حماية العمال الوافدين لديها "أكثر من إنجاحها". وبيًن التقرير أن السلطات القطرية لم تحل مشكلة تأخير دفع أجور الموظفين من قِبل أحد أصحاب العمل، رغم أن نظام حماية الأجور لعام 2015، أُنشئ لضمان دفع أصحاب العمل أجور موظفيهم في الوقت المحدّد وبالكامل. ووفق ما نقلته صحيفة "سبق" السعودية، فقد أضاف التقرير: "صاحب العمل القطري لم يدفع رواتب موظفيه الإداريين لمدة 5 أشهر، وعماله لمدة شهرين، قبل أن يحتج العمال علنًا على هذا الوضع". وذكر نائب مدير قسم الشرق الأوسط في "هيومن رايتس ووتش"، مايكل بيج: "سنّت قطر بعض القوانين لحماية العمال الوافدين، لكن يبدو أن السلطات مهتمة بالترويج لهذه الإصلاحات الطفيفة في وسائل الإعلام أكثر من إنجاحها. ينبغي للفيفا والحكومة القطرية ضمان أن يدفع أصحاب العمل الأجور المتأخرة فورا ويغرموا حسب الاقتضاء". ويشغّل صاحب العمل هذا، أكثر من 6 آلاف عامل، ولديه أكثر من 25 مشروعًا حاليًا في قطر، من بينها ملعب في الدوحة سيستضيف مباريات كأس العالم 2022، إضافة إلى الشوارع المحيطة بالملعب، ومشروع بناء طريق يربط مناطق وسط الدوحة بعدة ملاعب ستستضيف المونديال. وتواصلت "هيومن رايتس ووتش" مع 11 عاملًا لدى صاحب العمل هذا (7 إداريين و3 عمال وإداري سابق)، وقد تلقوا أجورًا مستحقة عن شهرين في 7 فبراير. واستعرضت المنظمة الوثائق ذات الصلة، بما فيها 5 مذكرات رسمية تطلب من موظفي الإدارة مواصلة العمل للحفاظ على "سمعة صاحب العمل". واوضح موظفو الإدارة السبعة جميعهم أن صاحب العمل تخلّف عن دفع أجور ما لا يقل عن 500 من الموظفين الإداريين، مثل المهندسين و"المسّاحين" والمشرفين منذ سبتمبر 2019. واعتبرت المنظمة أنه على الرغم من أن هذه المشكلات تتعلق بصاحب عمل واحد، فإنها تكشف عن عيوب منهجية تؤثر في جميع أصحاب العمل العاملين في قطر. ولعل أكثر ما يثير الصدمة في تقرير المنظمة الدولية، أن موظفي الإدارة أكّدوا أنهم استمروا في العمل دون أجر "تحت تهديد الخصم"، حتى قرر عديد من الموظفين التوقف عن العمل حتى يتلقوا أجورهم. كما وجّه صاحب العمل وإدارته العليا تهديدات مماثلة لإبقاء العمال يعملون طوال شهرَي ديسمبر ويناير، وخلال هذا الوقت، بقي العمال في أماكن سكنهم التي يوفرها صاحب العمل، وحصلوا على وجبات منتظمة، فيما يرتب موظفو الإدارة شؤون سكنهم بأنفسهم. وقال أحد "المسّاحين" (32 عامًا) وقد حصل على راتب 4 أشهر في 13 فبراير: "كنت بائسًا جدًا، وزوجتي ستنجب طفلًا قريبًا. كان من المفترض أن نذهب إلى الهند لولادتها، بدلًا من ذلك، لم يكن لديّ أي أموال لأعيش بها في قطر، وأنا مدين بآلاف الريالات، وهناك حظر سفر محتمل عليّ (بسبب التخلف عن سداد قرض بنكي).. كيف حدث هذا لي؟". وأضاف: "سأذهب الآن وأسدد شهورًا من المستحقات للبنك ومالك العقار وصاحب محل البقالة الذي يمنحنا الخضراوات بالدَين". من جانبهم، احتج الموظفون الإداريون خارج أحد مكاتب مشاريع صاحب العمل الكثيرة في الدوحة، في 9 فبراير، وأوضح بعضهم لـ"هيومان رايتس ووتش"، أن مسئولي الحكومة والشرطة تدخلوا، ووعدوا شفهيًا بسداد الأجور الفوري، وأعادوا المتظاهرين إلى منازلهم، وأُرسلت أجور سبتمبر إلى حساباتهم المصرفية في ذلك اليوم. وبموجب "اتفاقية منظمة العمل الدولية بشأن العمل الجبري" (رقم 29)، يعد العمل قسريًا أو جبريًا، عندما يُجبر العمال على العمل تحت تهديد العقوبة أو حجب الأجور وعدم دفعها. ومما زاد الطين بلة، هو أن الموظفين اتخذوا إجراءات رسمية سعيًا للحصول على حقوقهم، إلا أن الأمر لم يأت بنتائج سريعة. وقال الموظفون إنهم قبل احتجاجاتهم على الطرق الرئيسة، تقدّموا بشكاوى بشأن رواتبهم الناقصة لدى الشرطة المحلية في 30 يناير، وإلى "اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان" في 4 فبراير، مؤكدين أنهم لم يتلقوا أيّ ردود مكتوبة على هذه الشكاوى. في يناير 2020، أبلغت جهة العمل هذه موظفيها الإداريين أنهم إذا لم يرغبوا في العمل دون أجر، فيمكنها إصدار شهادات عدم ممانعة تسمح لهم بالانتقال إلى وظائف جديدة، ومع ذلك، قال الموظفون الذين قوبلوا إنهم لا يريدون الاستقالة حتى يتلقوا أجورهم بالكامل عن العمل السابق لأن الموظفين الذين غادروا قبل عام ما زالوا ينتظرون رواتب ومكافآت مستحقة. وينص قانون العمل القطري، على أن يتلقى العمال الوافدون مكافأة سنوية يجب أن تصل إلى ثلاثة أسابيع على الأقل من الأجر الشهري. وقال موظف سابق من باكستان لـ"هيومن رايتس ووتش"، إنه استقال قبل عام، ولا تزال لديه مستحقات 20 ألف ريال قطري (نحو 5493 دولارًا). وينتهك هذا التأخير القانون القطري، الذي ينص على أنه في حالة إنهاء عمل العامل، فعلى صاحب العمل دفع أجوره وأي مبالغ مستحقة أخرى في غضون سبعة أيام من آخر يوم عمل. وكشف تقرير مشترك صدر أخيرًا عن منظمة العمل الدولية ووزارة التنمية الإدارية والعمل والشؤون الاجتماعية، عن سلسلة من المشكلات في نظام حماية الأجور تعيق فعاليته، وتثقل كاهله في حالات عديدة. وأفاد التقرير بأنه في نوفمبر 2018، كان موظفو نظام حماية الأجور يتعاملون مع قضايا تعود إلى يناير 2018. وقيل أيضًا إن التهديد بفرض عقوبات على الانتهاكات لم يكن فوريًا. وتشمل العقوبات السجن لمدة أقصاها شهر واحد، ودفع غرامة بين ألفين إلى 6 آلاف ريال قطري (نحو 550 إلى 1648 دولارًا) أو كليهما. وقالت "هيومن رايتس ووتش" إنه رغم أن النظام يمكنه الإبلاغ عن عدم الدفع، فإن الأمر متروك لإدارة حماية الأجور لتطبيق القانون على المدفوعات الكاملة وفي الوقت المناسب. وقال بيج: "هذه الحالة لمئات الأجور المتأخرة تؤكد مجددًا أن نظام حماية الأجور وإدارة حماية الأجور ليسا كافيين لضمان حصول العمال الوافدين في قطر على رواتبهم، في الوقت المناسب وبالكامل".