كم نحن بحاجة إلى أن نرسم البسمة على الشفاه، ونمضي في طريقنا بثبات وعزم لا يلين، نتعاون، نتكاتف، نتناصح، نقول الحق فيما يرضي أملنا في الحياة فطريق البذل محفوف بالتحديات والفرص، والكل مدعو لأن يقوم بواجبه خير قيام فيسهم مع أخوانه بما يقدر عليه، وبالتأكيد هناك من يشاركوننا خبرة وتجربة واسعة في الحياة، ومسؤوليتنا تتجسد في الاستفادة من هذه الخبرات والتجارب بتواضع من يريد أن يستفيد من الآخرين، كما يتواضع العلماء في الاستفادة من زملائهم ونظرائهم في العلم وربما العمل، فتزداد الخبرات، وتغنى التجارب ويكون البذل والعطاء.
في وقتنا الحاضر كثرت وسائل التعبير وتعددت، والكل يأخذ يردد ما يقوله وينشره الآخرون دون تمحيص وتدقيق، قد يكون ما ينشر فيه فائدة جمة وهذا ما لا يمكن تجاهله ونسيانه ولكن أيضاً هناك ما هو غث ومحبط ويدخل اليأس إلى النفوس، وفي ذلك أعدت الدراسات والمقالات والمحاضرات، وصنفت بعضها بحرب الإشاعات وإدخال الوهن والضعف في النفوس وربما البلدان. في الماضي السحيق كان الشعراء قد سجّلوا مثل هذه المواقف التي نشهدها في وقتنا الحاضر، وإن اختلفت الدرجة والمقدار والنوعية والأهداف والغايات والمرامي، فقد قال الشاعر العميد مؤيد الدين أبو إسماعيل الطغراني المتوفى 514هـ:
أعلل النفس بالآمال أرقبها
ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل
فالأمل في البقاء يعادله الأمل في البذل والعطاء وتحفيز الناس على العمل الذي فيه خير الجميع وخير الإنسانية، لا يمكن أن يتجاهل المرء حاجته ومقتضيات حياته الخاصة وحياة أسرته الصغيرة أو أسرته الكبيرة حتى يصل إلى غايته في خدمة الوطن والتفاني من أجل مصلحته وتبؤ المكانة التي تليق به بين البلدان والأمم.
علمونا في المدارس والجامعات أننا لابد أن نتحلى بالصبر، وأن نقطع مراحل دراسية لابد منها للوصول إلى غاياتنا في الحياة…. كان المربون الذين تحملوا مسؤولية التدريس على درجة كبيرة من الوعي بأدوارهم التعليمية والتربوية والإنسانية، وأحسب أن تلك فعلاً هي أدوارهم إلى اليوم، ونحتاج إلى أن نقف معهم، نساندهم ونشد على أيديهم ونقدر الواجبات والمسؤوليات المنوطة بهم، فهم رسل خير يحملون أمانة وصول أجيالنا إلى الغايات التي تنشدها الأوطان، مهنهم واجهت وتواجه التحديات المعاصرة كغيرها من المهن والوظائف في وقتنا الحاضر التي اختلفت مفاهيمها وقيمها ومعاييرها وبات التحدي ربما هو سيد الموقف ولذا فقد اجتهد المخطّطون والمبرمجون والمعنيون بتطوير الأداء من خلال العلم الحديث والتطورات الراهنة، والتجارب الناجحة في اكتساب مثل هذه المعارف والعلوم في التطوير والبناء والنماء، وكل هذه الجهود بحاجة إلى المؤازرة والوقوف معها وتأييدها وعدم التشكيك فيما يتحقق من إنجازات، فالكل معني بنجاح جهود بلاده في بلوغ الأهداف المتوخاة، والأمر ليس سهلاً لكنه بالقطع ليس مستحيلاً، نحتاج طبعاً إلى أن نكون أمناء في نقل هذه التجارب وبلورتها ودراساتها والاستفادة من كل الخبرات الوطنية وخبرات الأشقاء والأصدقاء في وطننا العربي أو بلدان أجنبية سبقتنا في تجاربها.
نحمد الله أننا في مملكة البحرين وجدت عندنا مراكز بحوث ودراسات وجمعيات ووزارات أخذت على عاتقها عقد الندوات والمحاضرات والخروج بقرارات وتوصيات تخدم مسيرة الوطن في مختلف المجالات والقائمون عليها من أبناء الوطن بخبراتهم وعلمهم وعزمهم وإصرارهم قادرون على أن يحققوا ما نصبو إليه جميعاً، من حقنا أن نفخر بشبابنا الذين أنيطت بهم مسؤولية هذه الصروح الوطنية، وعلينا أن نكون معهم نؤازرهم، ونأخذ بما توصلوا إليه وبما يفيدنا في المسيرة بكل عزم وإصرار، ورغبة في التطوير والبناء والنماء.
إن إلقاء الضوء على ما تقوم به صروحنا الوطنية من دراسات وبحوث من شأنها تطوير الأداء الوطني مما يتطلب منا أن نكون متفائلين ببلوغهم للأهداف والغايات التي ينشدونها وبتكاتف الجميع نستطيع أن نحقق الكثير من الأهداف التي تساهم في بناء الوطن، على سبيل المثال لا الحصر مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي برئاسة رئيس مجلس الأمناء سعادة الدكتور الشيخ خالد بن خليفة آل خليفة وما يقوم به المركز من جهود كبيرة في الرسالة الإنسانية التي يضطلع بها منذ إنشائه بأمر ملكي رقم (15) لسنة 2018م بإنشاء مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي، حيث يجسد المركز في رؤيته ورسالته وأهدافه المبادئ المستخلصة من تاريخ وحضارة مملكة البحرين عبر عصورها والمتمثلة في الانفتاح على جميع الحضارات والأديان والثقافات وتعزيز قيم التعايش والتسامح والسلام.
والمركز يقيم المعارض والندوات والمؤتمرات داخل وخارج مملكة البحرين، بالإضافة إلى مركز عيسى الثقافي وتنوع أنشطته بما يخدم مسيرة الوطن وأدواره المشهود لها داخل وخارج مملكة البحرين بالتعاون والتنسيق مع مراكز متعددة في الوطن العربي والعالم وجهود الدكتور الشيخ خالد بن خليفة آل خليفة المدير التنفيذي للمركز.
وكذلك مركز البحرين للدراسات الإستراتيجية والدولية والطاقة (دراسات) برئاسة الدكتور الشيخ عبدالله بن أحمد آل خليفة رئيس مجلس الأمناء للمركز وجهود سعادته المقدرة، وهو أحد هذه المراكز المهمة التي تابعنا نشاطها عن كثب ولمسنا مقدار الجهد الذي يبذل في التهيئة والإعداد والتوصل إلى نتائج طيبة هدفها خدمة الوطن والمواطن.
إن كل الجهود الخيرة الرسمية والأهلية التي يقوم بها أبناء الوطن مقدرة وهي تسهم في بناء الوطن وتوطيد أركانه وتغرس في نفوسنا الأمل لخير هذا الوطن العزيز وقيادته الرشيدة وشعبه الأبي الوفي.
إننا فعلاً بحاجة إلى أن نزرع الأمل في نفوسنا جميعًا.