تزوج والدي أحمد إبراهيم أحمد المؤيد من والدتي مريم الصحاف ، وكما أسلفت فإن أمي من
عائلة الصحاف ووالدها أي جدي من ناحية الأم هو عبدا لله بن عبدا لرحمن الصحاف وهو
معروف بتدينه وروحانيته ألعالية وهو من بنى مسجد »الصحاف« بالمنامة وقد درس جدي فى
مدينة الإحساء بالمملكة العربية السعودية مسقط رأسه ، و اشتهر بعمل »الجوامع« جمع جامعة
وهي عبارة عن حزمة أوراق يكتب فيها بعض أيات الشفاء ويحملها أو يلبسها على المرضى على أمل
أن تجلب لهم الشقاء كما كان هو وبعض أفراد العائلة يقرئون القرآن على المرضى والمصابين
بالسحر والمس وكانوا يأمون المصلين فى مسجد الصحاف أذكر أن والدتي قالت لى يوما
ان والدها كان يقرأ آيات من القرآن الكريم على كأس ليشربه أحد المرضى الذي لجأ إليه طلبا
للشفاء من سحر أصيب به، وقد أنكسر الكأس س فى يده. .
قام جدي ببناء عدد من الدكاكين وترك بعد وفاته للعائلة العديد من العقارات والأراضى والأملاك .
غير أن العائلة بأكملها – فيما عدا والدتي- قضت بعد أن اصابها مرض الطاعون الذي انتشر فى ذلك الوقت ومات بسببه الكثيرون ومما اذكره فى هذا الخصوص أن محمد بن احمد كانو قام بتغسيل أفراد عائلة الصحاف اللذين توفوا بسبب الطاعون فأصابته العدوى وتوفى هو ايضا يرحمهم الله جميعا .
وبوفاة جدي عبد الله عبدالرحمن الصحاف وبقية أفراد العائلة أصبحت أمي يتيمة وهي لم
تبلغ بعد الحادية عشرة سنة من عمرها وقد تولت تربيتها السيدة آمنه بنت ماجد إلى أن
ً كبرت وأصبح عمرها 12 عاما عندما خطبها والدي أحمد المؤيد وترددت فى البداية بسبب
صغر سنها وعدم شعورها بالرغبة فى الزواج والاستعداد له إلا أنها لم تجد بدا
من قبوله لإحساسها باليتم والوحدة . .
وكما أ سلفت فقد أنجبت والدتي بنتين وولدا. الكبرى أختى لطيفة التى تزوجت فيما بعد من
جاسم بهزاد صاحب مؤسسة بهزاد للأجهزة الطبية فى الوقت الحاضر وولدا اسمته مؤيد ‘
عمل فى مجال الأدوات المكتبية والطباعة وكان صاحب مكتبة ومطبعة المؤيد ثم أنا..
فتحت عيني فى »البيت العود« هذا البيت الذي نعيش فيه جميعا
مجموعة عائلات كبارا وصغارا نأكل ونشرب وننام فى البيت وفى امتداده من ناحية البحر
الذي كان يقترب منه كثيرا الى الدرجة التى تمكننا نحن الصغار من القفز الى القوارب الصغيرة المربوطة بالبوانيش والمراكب التى تجلب البضائع من ايران والهند ونلعب فيها وكأننا نلعب أمام بيتنا .
هذا هو البيت العود
قبل الحديث عن البيت العود من الداخل لابد أولا من التنويه أن بيتنا هذا يقع فى
فريق الفا ضل وهو الفريق أوالحى الذي ترعرعت فيه وعرفته زقاقا كما عرفت أهلة
والعائلات التي تسكن وتعمل فيه بالقرب من بيتنا العود ومن البحر تتواجد الكثير من
العمارات فهناك بيت المستشار ومن بعده تقع عمارة الزامل، ثم عمارة عبد العزيز العلي
وعمارة يوسف الشتر وببته وقد قام فى وقت لاحق ببيع عمارته وبيته على عثمان بلوش
وبعدها تقع عمارة عبدا لله محمود وبيته بالخلف منها وهو الآخر قام ببيع عمارته على
العوجان واحتفظ بالبيت ، وبعدها تقع عمارتنا العودة الكبيرة ) وخلفها البيت العود ثم
عمارة وبيت القصيبي وقد قام ببيع العمارة على الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة حاكم
البحرين آنذاك ، وبعدها تقع عمارة ابن عامر وقد أ شترى هذه العمارة الشيخ حمد وبعدها
عمارة كانو وخلفها بيتهم وعلى الغرب منهم عمارة كريبال وموقعها الآن أ صبح مجمع يتيم.
هكذا كانت تتناثر وتتلاصق العمارات وهي أشبه ما تكون بمخازن ودكاكين تجاريه جميع
هؤلاء تجار يتعاملون فى بضائع متنوعة ومكملة لبعضها البعض وجميعهم تقريبا يسكنون
بالقرب من عمائرهم وكل هذه العمائر كما رأينا تقع بالقرب من البحر أما داخل الحى الفريج
.
وعلى مقربة من البيت العود هناك بيت عبد
الواحد قراطة وبيت عبدالله محمود.
أذكر ايضا أن عمارة البيت العود ثم بناء عدد من
الغرف حولها ليسكنها النجادة الذين يأتون من المملكة
العربية السعودية الى البحرين لطلب الرزق حيث
اصبحوا بالقرب من ( الجد إبراهيم) وعندما وقعت
المعركة بين النجادة – السعوديين وبني العجم أخذ
النجادة الأخشاب العادية وأخشاب الجندل من عمارة
الجد إبراهيم وهجموا بها على العجم داخل السوق،
ولما انتهت المعركة عادو الى العمارة وهم يرقصون
ويغنون مستبشرين بالنصر ويرددون فى أغانيهم عبارة الله يخلى (ابراهيم بن احمد) الله يسلم ابراهيم بن أحمد .
فى الشارع الذي يقع خلف البيت العود هناك بيت أحمد القصر وبيت علي الخاجة وبيت
قراطة وبيت أحمد اليمانى وبيت أم شيخة وبيت العمانى وبيت ابن عقال وبيت ابن سالم،
وخلف بيت أحمد القصير هناك حوطة (قطعة من الأرض) الفا ضل التي يسكنها عدد من العائلات الفقيرة.
نقترب الآن أكثر من البيت العود ونلقي عليه نظرة من الداخل لنرى أنه يتكون من غرف على
شكل دائري، وبمقابل الغرف هناك دواوين على شكل شرفات وعادة ما تكون محاذية للقبلة،
وهو مقسم الى عدة أقسام، أقسام الشمالى الشرقي منه كان مخصصا
لأمى وأبى أحمد المؤيد وقسم لعائلة خليل المؤيد وقسم لمحمد المؤيد (كانو) وقسم آخر لعبد الرحمن المؤيد
الأبن الأكبر لعمي خليل بعد أن تزوج من زوجته أمينة يو سف فخرو، وفى مرحلة لاحقة تم تخصيص قسم خاص لى ولزوجى يوسف.
وكان جدي إبراهيم يسكن فى الدور الأول من الجانب الغربي مع زوجته لطيفة أحمد كانو وهي
شقيقة يوسف أحمد كانو التاجر المعروف وعميد عائلة كانو.
كنا نسكن فى ثلاثة غرف بالدور الأرضي فى فصل الشتاء وثلاثة غرف فى الدور الأول فى
فصل الصيف ونفس التقسيم ينطبق على بقية أفراد الأسرة وكان البيت العود عبارة عن حوشي كبري وبه بابان كبيران أحدهما من جهة الشرق والثانى من جهة الغرب قريب من مسجد
الفا ضل، وكان البابان يطلان مفتوحين طوال النهار وفى الدور الأرضي كذلك يوجد ليوان)ممر( طويل يرتفع عن أر ضية الحوش مسافة متر ونصف ومغطى برخام أزرق
كان عمي خليل قد جلبه من الهند، وقد أحيط هذا الليوان بلوزية (سياج) لحماية الأطفال من
السقوط فى الحوش، وكان له أعمدة طويلة من الخشب الأ صلي مما كان يضفي عليه جمالا ورونقا.
أما الغرف (الدور) فى الطابق الأر ضي فقد كان لكل دار سبعة أبواب وهي
مستطيلة
الشكل وفى أعلى كل نافذة جزء مزين بالزجاج الملون الجميل على شكل مثلثات يفصل بينها
خشب أبيض رفيع. فى الحوش الكبير للبيت العود كنا نلعب ونحن صغار أولادا وبانتا ’
طول النهار ، عبد الرحمن و أصدقائه، وجاسم بهزاد و عبد الرحمن تقي وفرقة يوسف المؤيد وبيت
كانو، صالح الدين وعبد العزيز كانو ومحمد كانو وجميعهم مع يو سف إبراهيم المحمود وبعد
أن كربنا وأ صبح اللعب منفصلا و مقتصرا
ً على البنات حيث انضمت البنات بنات بيت كانو شريفة وفاطمة كانوبقينا نلعب جميعا فى البيت العود وعلى امتداد العمارة من البيت العود الى رأس البحر
مرة ونحن نلعب فى الحلو ش الكبير أهدتنا أمي حباب قرآنا من الحج أخذته لطيفة إلا أنها
فوجئت بيوسف المؤيد يأخذ الكتاب من لطيفة أختي وركضت خلفه لتأخذه منه،فصعد على السلم وسقط منه وإذا بعائشة بهزار الزوجة الأولى لجدى خليل تصرخ فى وجه الطفلة المسكينة ، فقد كان يوسف طفلا مدللا من قبل والده لأنه فقد والدته وهو فى سن الثانية من عمرة.