استهل المستشارالمصري محمد شيرين فهمي رئيس محكمة جنايات القاهرة، كلمته قبل الحكم في القضية المعروفة إعلاميًا بـ «حرق كنيسة كفر حكيم»، بسم الله الرحمن الرحيم "إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَىٰ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَن يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ ۚ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ ۚ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا" صدق الله العظيم.
وقال رئيس محكمة الجنايات، إن الغضب جماع الشر، ومصدر كل بلية، فكم مزقت به من صلات، وقطعت به من أرحام، وأشعلت به نار العداوات، وارتكبت بسببه العديد من التصرفات، التى يندم عليها صاحبها ساعة لا ينفع الندم.
وتابع، لحظة غضب غبية كفيلة بهدم صروح، ذوت في سبيل تشييدها غصون وأعواد، لحظة غضب غبية كفيلة بصرم حبال ودك المتينة، وبتأجيج شماتة الشانئين، لحظة غضب غبية كفيلة بإنزالك من كوكب الفضيلة الي مسارح الخطيئة، لحظة غضب غبية كفيلة بأن تجعلك بعد زوالها تعض أصابع الحسرة والندامة وبأن تكسر فيك الانفة والكرامة وأن تجعلك من متسولى العطف والرعاية وهلم شرا.
واستكمل، ألا قاتلها الله من لحظة يسكن عقلهم غباء وجهل، لا يدركون أنهم بتصرفاتهم الهوجاء يضيعون الوطن، ويهشمون نسيجه الرقيق، ويقطعون أوصاله، أنهم لا يدركون شناعة هذه الأعمال وجسيم أثارها على الفرد والجماعة والامة أنهم لا يبعئون بوطنهم وينفذون مأربهم على مصلحة الوطن، لا تهمهم آلامنا ولا آمالنا، روايتهم كاذبة، وحججهم فارغة يسعون في ضرب عنصري الامة ببعضهم البعض يسعون في نشر الفوضى بين فئات المجتمع، لا يعتبرون بأحكام الديانات والشرائع وحقوق الانسان.
وأضاف، فقد حرم الله الاعتداء على من عاهد المسلمين بعقد ذمة أو هدنة أو أمان، بل أن كل من سالم المسلمين لا يجوز قتاله أو الاعتداء عليه، قاتلكم الله أيها المجرمون، يستغلون كل الوسائل لتحريف الواقع وتزيف الحقائق،وإثارة الفتنة بين المواطنين، ليحرضوا على التمرد والإرهاب والخروج على الدولة، وهو أمر لن ترضى به أي دولة، تحرص على أمن مواطنيها، فأمن المواطن مستمد من أمن الوطن.
ففي لحظة غضب غبية مساء يوم الأربعاء الموافق 14 أغسطس 2013 وعلى أثر فض إعتصامي رابعة والنهضة أطلق المنتمون لجماعة الاخوان بمنطقة كفر حكيم، صيحات تحريضية عبر مكبرات الصوت بالمساجد يدعون فيها الأهالي إلى إحراق كنيسة كفر حكيم، بدعوى أن الدين الاسلامي في خطر، وأن المسيحين هم من فوضوا المسئولين في قتل المسلمين في رابعة، وصورا الامر على أن ما فعله رجال الشرطة من فض الاعتصام كان بإيعاز من المسيحين، وحثوا على الاعتداء عليهم، وهدم منازلهم، وحرق الكنيسة.
فأحتشد المتهمون عبدالرؤوف نجم وماهر عبدلعظيم واشرف السيد وسعيد يحيي عتريس وصبحي ربيع وأشرف السيد زهران وشريف سعد حنفي وآخرون سبق الحكم عليهم وأخرون مجهولون من عناصر جماعة الاخوان والقيادات الاسلامية المتشددة بكفر حكيم تجمعوا في تجمهر غير مشروع مؤلف من أكثر من 1000 شخص، يحملون الاسلحة النارية والبيضاء والمولوتوف وهاجموا الكنيسة وأشعلوا انابيب البوتوجاز وزجاجات المولوتوف وأضرموا النيران في الكنيسة، ومنعوا سيارات الاطفاء من ممارسة أعمالها، فأشتعلت الكنيسة، واحترقت بعض أجزائها، وعاثوا فيها فسادا وإفسادا، ثم قاموا بسرقة منقولاتها وكان ذلك بقصد إشاعة الفوضى،
إن المحكمة قامت بدورها في البحث عن الحقيقة من خلال محاكمة منصفة تحققت فيها كافة ضمانات الحقوق والحريات في إطار الشرعية الإجرائية فقامت بنظر الدعوى في جلسات متعاقبة وأستمعت الى شهود الاثبات الذين تقدمت بهم النيابة العامة وشهود النفي الذين طلبهم الدفاع استدعت المحكمة من رأت لزوما للاستماع لشهادته وأتاحت لدفاع المتهمين الفرص الممكنة لتقديم دفاعهم وحققت المحكمة كل قواعد العدالة دون اخلال او التفات عن حق لأحد وعكفت عن دراسة جميع أوراق الدعوى وصولا للحقيقة حتى استقر في يقين المحكمة عن جزما ويقين، كافيا لإدانة المتهمين على نحو ما ورد بالوصف القانوني.
وأنهى المستشار محمد شيرين فهمي كلماته قبل النطق بالحكم، نعم حياة بردع هؤلاء الذين يفكرون مجرد تفكير في الاعتداء على الناس، حياة يأمن فيهم كل فرد على نفسه لأنه يعلم جيدا أن هناك قصاصا عادلا، ينتظر كل من يتعدى على حدود الله.
وبعد الاطلاع على مواد القانون حكمت المحكمة حضوريا بمعاقبة كلا من عبدالرووف نجم أبو عبدالله، واشرف السيد عبده، وماهر جميل عبدالعظيم، وسعيد يحيي عتريس، وصبحي ربيع عبدالعال، وحسام السيد محمود، وأشرف سعد حنفي، بالسجن المشدد لمدة 15 عاما عما أسند اليهم.
ووضع المحكوم عليهم تحت مراقبة الشرطة لمدة 5 سنوات، وبراءة كلا من طارق إبراهيم أحمد وياسر سامي إسماعيل.
صدر الحكم برئاسة المستشار محمد شيرين فهمي، وعضوية المستشارين حسن السايس وطارق محمود، وسكرتارية الاستاذ حمدي الشناوي.
والمتهمون المعاد إجراءات محاكمتهم هم كل من عبد الرؤوف نجم عبد الوهاب السنوسي، واشرف السيد عبده، وماهر جميل عبدالعظيم القهاوي، وسعيد يحيي عتريس أحمد، وصبحي ربيع عبدالعال حسن، وحسام الدين محمود، وأشرف سعد حنفي، وطارق إبراهيم أحمد، وياسر سامي إسماعيل.
جدير بالذكر أنهم صدر ضدهم جميعا حكم غيابي بالسجن المؤبد لكونهم كانوا هاربين وألقي القبض عليهم مؤخرًا، فتمت إعادة إجراءات محاكمتهم من جديد حضوريًا أمام الدائرة الأولى إرهاب.
كانت النيابة العامة وجهت للمتهمين تهم التورط في حريق "كفر حكيم" بكرداسة يوم 14 أغسطس 2013 بالتزامن مع مجزرة قتل 11 ضابطًا ومجندًا من بينهم مأمور مركز كرداسة.