«علمتني الحياة، أن الحياة لا تتوقف، تنتهي مرحلة لتبدأ أخرى، وينقضي أمر ليأتي آخر.. تماماً كما يتعاقب الليل والنهار، تتعاقب الأحداث، وتتجدد الحياة، ويعود الإنسان دائماً لحركته التي أرادها الله، لا ييأس، ولا يفتر، بل ينطلق في إصرار دائم، لصناعة الحياة»، هذا هو كلام وفكر ورؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، حفظه الله، وهكذا هو دائماً لا يتوقف عن العمل والإنجاز، ولا يتوقف عن الطموح.. هكذا تعلّم من الحياة، وهكذا تعلّمنا جميعاً منه.
الحياة لن تتوقف بسبب فيروس، بل نحن من نتحكم بأيدينا في هذا الفيروس، نحن من نساعده على الانتشار، ونحن من نوقفه عند حدّه، ونعود إلى حياتنا الطبيعية، بإصرارنا وإرادتنا، والتزامنا التام بالإجراءات الاحترازية الكفيلة بمنع انتشاره، نكافحه بشراسة، كما حاول أن يوقف حياتنا بشراسته!
المرونة والقابلية للعمل في مختلف الظروف، هي سرّ جميل تتميز به دبي، هذا السرّ نابع من حب حاكمها لمواجهة التحديات، هو هكذا دائماً، يعشق الصعوبات، ويمتلك القدرة على تطويع التحديات، وتحويلها إلى فرص، وهو الذي وضح حكمة خالدة يرددها أبناء الإمارات في قوله «وان وعرت الأرض، يعجبني المشي فيها».
عندما ضرب الفيروس العالم، وتوقفت الحياة في معظم إن لم نقل جميع دول العالم، بالتأكيد وباعتبارنا جزءاً من هذا العالم، تأثرنا مثلهم، ووصل إلينا الفيروس مثلهم، وأصاب كثيرين، وحدثت وفيات، ولكننا لم نتصرف مثل بقية العالم، بل واجهنا الفيروس بشراسة تفوق بكثير شراسته، قاومناه، وحاصرناه، واتخذنا إجراءات مشددة، بل وساعدنا ثلث دول العالم للتخفيف من حدة انتشاره لديها، لذلك فالإمارات كانت من أفضل دول العالم في مواجهة فيروس كورونا المستجد، وهذا بشهادة وتصنيف عالمي.
لم تتوقف الحياة هنا تماماً، بل استمرت الحكومة في العمل عن بُعد، وتأقلمت سريعاً مع حالات الإغلاق، وأصبح هناك عمل وإنتاجية رغم الإغلاق وتقييد الحركة، وبالأمس عادت الحياة من جديد، رُغم وجود الفيروس، وهي بالتأكيد خطوة حكومية جريئة، اتخذتها الحكومة بعد أن وثقت برهانها على وعي الناس، والتزامهم، وجديتهم في اتباع الإرشادات والتعليمات والإجراءات الاحترازية الكفيلة بمنع انتشار المرض، وبذلك تكون الإمارات قد دخلت في مرحلة جديدة سابقة فيها كثيراً من دول العالم، مرحلة التعايش مع الفيروس، وعدم الاستسلام له، مرحلة العمل والاستمرار في البناء والعطاء، رغماً عن أنف «كوفيد-19»!
ولمن يريد معرفة سرّ وصفة التقدم والنجاح، فليتأمل قليلاً في أحداث يوم أول من أمس، وهو اليوم الأول لدوام موظفي حكومة دبي في المكاتب، بعد العمل عن بُعد لمدة ثلاثة أشهر، أتعرفون أين كان حاكم دبي، وأين كان ولي عهده، وأين كان نائب الحاكم؟
محمد بن راشد كان في مكتبه يعمل عن قُرب، وحمدان بن محمد كان يتفقد مشروع تطوير طريق دبي - العين، ويطّلع على إنجاز مرحلة منه ميدانياً، تحت أشعة الشمس، ومكتوم بن محمد كان يعمل برفقة أبيه، قبل أن يذهب إلى استكمال عمله من مكتبه أيضاً.. إنهم القادة القدوة، الذين ينفذون القرارات الحكومية بحذافيرها، قبل أن يبدأ بها الموظفون!