بداية لابد من التأكيد على أن مجالس إدارات الشركات المساهمة العامة، هي أساس الثقة بالشركة، وهي عامل رئيس ومهم في نجاح هذه الشركات، وكذلك فشلها، لكنّ هناك عنصراً آخر يعطي بعض هذه الشركات قوة إضافية، ونجاحاً شبه مؤكد، وهو نسبة حصة الحكومة فيها، التي عادة ما تراوح ما بين 30 و60%.
ومن المعروف أن هناك شركات أسسها القطاع الخاص، ودخلت فيها الحكومة بحصص، وبهذا الدخول تضاعفت أهمية هذه الشركات، وأصبحت لها صدقية، وموثوقية، وأسهم وجود الحكومة في نجاحها، فالحكومة عادة ما تقدم الكثير من التسهيلات لهذه الشركات، سواء بإعطائها أراضي، أو مشروعات، أو أفضلية، وهنا لابد أن يعرف الجميع أن نجاح هذه الشركات لا يعتمد فقط على كون إدارتها إدارة كفوءة وناجحة، بل يعتمد بشكل مباشر على الدعم والتسهيلات الحكومية!
وهذا يعني بكل وضوح أن الأساس في تحقيق هذه الشركات أرباحها الضخمة، يعود إلى وجود الحكومة داعماً أساسياً لها، بغض النظر عن مدى قوة أو ضعف مجالس إدارتها.
هذه الحقيقة تقودنا تلقائياً إلى الاستفسار عن سبب حصول أعضاء مجالس إدارات الشركات التي تسهم فيها الحكومة على مكافآت ضخمة تصل إلى عشرات الملايين، وهو ما بدا أمراً ملحوظاً ومستغرباً بشدة خلال آخر 10 سنوات، حيث ارتفعت مكافآت أعضاء مجالس الإدارات، ووصلت إلى أرقام كبيرة جداً، بشكل مبالغ فيه، ووصلت إلى مستويات خيالية، ومع ذلك فلن يمانع أحد إن كانت المكافآت مشروطة بتحقيق توافق في مصالح الشركة نفسها، والمساهمين الذين دفعوا أموالهم لتأسيس هذا الكيان، وفوضوا المجلس لإدارته نيابة عنهم.
بمعنى لا يجب أن تكون هناك مصلحة عليا لطرف على حساب الشركة والمساهمين، ولا يعقل أن يتقاضى مجلس إدارة شركة مكافآت ومبالغ تصل إلى ملايين، تحت أي بند، سواء كان بدل حضور جلسات أو غيره، في وقت لم تحقق الشركة أرباحاً بل حققت خسائر!
بل ومن المستغرب حقاً، أن تُظهر تقارير الحوكمة لبعض الشركات حصول أعضاء مجالس الإدارة على بدلات نظير حضور جلسات، بملايين الدراهم، ومع ذلك يتم حجب توزيعات الأرباح عن المساهمين بأي ذريعة كانت، حدث ذلك فعلاً في بعض الشركات، وتم صرف بدلات اجتماعات مجلس إدارة، رغم أن هناك خسائر في هذه الشركات تجاوزت 55% من رأس المال!
ندرك تماماً أنه لا يوجد نص في قانون الشركات يمنع حصول أعضاء مجلس الإدارة على مكافآت حتى في حال تحقيق خسائر، وندرك أيضاً صعوبة إضافة مادة جديدة إلى قانون الشركات، تمنع أعضاء الإدارة من الحصول على مكافآت سنوية، لأن الشركات على سبيل المثال قد تتعرض لخسائر، نظراً إلى ظروف السوق، وفي بعض الأحيان يتم تعيين مجلس إدارة للشركات الخاسرة لتعديل وضعها، وبالتالي قد يحتاج تحويل الشركة إلى الربحية إلى عامين أو أكثر، وفي هذه الحالة لا يمكن حرمان مجلس الإدارة من المكافآت السنوية، لكن هذا لا يعني ترك هذا الأمر من دون تنظيم، فلابد من آلية معينة تحتم على الشركة التي لا تتمكن من توزيع أرباح للمساهمين، لمدة ثلاث سنوات متتالية أو أقل، على سبيل المثال، ألا توزع مكافآت لمجلس إدارتها!