آخبار عاجل

بلومبرج .. المستقبل بين القلب والعقل .. بقلم د: محمد مصطفى الخياط

11 - 07 - 2020 2:01 1050

 

البيانات الدقيقة والتحليلات المفعمة بالوضوح هما أداتا اتخاذ القرارات الصائبة، تطبيقًا لقاعدة بحسب المدخلات تكون النتائج، ولأن كل ما حولنا يتحول إلى أرقام، يصبح قياسه وتقييمه عملاً يسيرًا، دخل الدولة رقم، معدل النمو رقم، المكسب رقم، والخسارة أيضًا رقم، تِبعًا لمستوى الدقة تأتى نتائج الإجراءات والقرارات، يقترن الأصعب دائمًا عند تغيير المسارات. اتخاذ قرار بناءً على انطباعات شخصية يؤدى إلى نتائج سلبية وربما كارثية كونه يفتقد الصورة الدقيقة العميقة، ويصدر أسير نظرة محدودة ضيقة الرؤية مهما اتسعت زاويتها مقارنة بنظرة طائرٍ مُحَلِق.

فرض فيروس كورونا تبعاته على الجميع، أعلن الرئيس ترامب، المشغول بانتخابات نوفمبر القادم، أن القادم أسوأ، ولا أحد يعرف هل كان يقصد عدد ضحايا فيروس كورونا فقط أم انهيار أسواق النفط الأمريكي، فرضت قواعد السوق سطوتها على الجميع، نعم للسياسة دورها الرئيسي فى تحديد كميات الإنتاج والأسعار، لكن للعرض والطلب كلمة أخرى، في أبريل الماضي تحولت الأسعار للسالب؛ بمعني اشتري برميل نفط مجانًا واحصل على ثلاثة وثلاثين دولار، مع العديد من الإجراءات القاسية بدأت المعادلة تستقيم.

ضربت الأزمة الجميع وألقت بأعباء إضافية على الحكومات كافة؛ المتقدمة والنامية، تدبير تمويلات عاجلة بالمليارات لمواجهة الأزمة، تصدرت السياسيات الصحية قائمة الأولويات، مراقبة ترمومتر احتياطيات الغذاء ومصادرها، حساسية الكثير من العملات أمام تقلبات السوق وضع البنوك المركزية أمام تحديات أصعب، انخفاض موارد الدخل واحتمالات عدم يقين لا يمكن وصفها بالمتفائلة، هشاشة القطاع الخاص من دون مظلة حكومية، لخص الخبير الاقتصادى، الدكتور محمد العريان، الموقف فى مداخلة تلفزيونية مع الإعلامي ريتشارد كويست قائلاً (لقد دمر الفيروس قوانين السوق؛ العرض والطلب، لأنه وببساطة أوقف نمو الاقتصاد بشكل مفاجئ، ناهيك عن التفاوت الكبير بين التوقعات والواقع). عدنا للأرقام مجددًا.

من جمع الأرقام؛ الإيجابية والسلبية، استطاع رجل الأعمال الأمريكي مايكل بلومبرج تكوين ثروة تجاوزت قيمتها الخمسين مليار دولار، أنشأ أوائل التسعينيات وبالتعاون مع أحد الصحفيين وكالة للأخبار، تحمل اسمه، تقدم تحليلات شاملة من زوايا متعددة، تخصصت في إيجاد روابط بين الكثير من قطع شطرنج السياسة والاقتصاد مما أوجد لها مكانة متميزة فى عالم المال والأعمال، سيل هائل من البيانات والأرقام بمستويات عمق متباينة غيرت الكثير من معايير تداول البيانات المتعارف عليها؛ سرى، سرى للغاية وغيرها.

بعد تحليل مستفيض للمشهد الأمريكي قرر مايكل الترشح في انتخابات الرئاسة المقبلة مُمنيًا النفس بإزاحة ترامب، خصص لحملته بضع مئات الملايين من الدولارات، رغم ضخامتها بدت ضئيلة قياسًا بثروته؛ أكثر من خمسين مليار دولار، الطريق طويل، لكنه مُزين بالورود، لم يشغله خوض تصفيات مع منافسيه في الحزب الديمقراطي، فأغلبهم رجال أعمال وما يملكه من معلومات عن أنشطتهم يكفل له حسم الأمر، لم يُلق بالاً لمعارضيه، ولا لأصوات ادعت شراءه لمنافسيه في الحزب. للأسف، لم يدم التفاؤل طويلاً، خيبت نتائج الجولة الأولى آماله؛ أصوات محدودة لا تتناسب مع أحلامه وتوقعاته، فقرر الانسحاب، وصدق المثل (يؤتى الحَذِرُ من مأمنه)، رغم نجاح بلومبرج في تقديم أرقام وإحصاءات يفتتح بها كبار الساسة والرؤساء التنفيذين ورجال الأعمال صباحات عملهم ويراجعونها قُبيل اتخاذ قراراتهم، إلا أنه لم يستطع الصمود أمام وهج الرئاسة، تجاهل كل البيانات السلبية وأعطى التفاؤل أكثر من قدره، غريب أننا حين نخطط للآخرين نستعمل عقولنا، لكننا عندما نخطط لمستقبلنا نُصَدِر قلوبنا، يقينًا أن ليس في عالم الأعمال مكانٌ لحكم القلوب وهو ما يعرفه ترامب جيدًا.



شبكة Gulf 24 منصة إعلامية متميزة تغطى أخبار دول مجلس التعاون الخليجي والوطن العربي والعالم تضم بين صفحاتها الرقمية وأبوابها المتنوعة كل ما تحتاجه لتصبح قريباً من ميدان الحدث حيث نوافيك على مدار الساعة بالخبر والتحليل ونسعى أن نصبح نافذتك إلاخبارية التى تمنحك رؤية راصدة تجعل العالم بين يديك ومهما كانت افكارك واهتماماتك. سواء في حقل السياسية، الاقتصاد، الثقافة

جميع الحقوق محفوظه لشبكه Gulf 24 الاخبارية

Gulf 24 © Copyright 2018, All Rights Reserved