هذة سيرة ذاتيه مملحة بتراب الوطن الأسمر، لطائر أهلكه الغياب، والوفاء والحنين، يطل عن كثب قبل أن يفلت بندول الوقت، بكتاب يقشر على صفحاتة ثمار العمر، يكتب بحنين زاعف منذ الطين الأول وحتى التربة الأخيرة، يتحدث عن حواري تداعيات الماء القديم، وطعم البرد والجوع والبكاء، يختزل متاعب قلب طفلا يعمل أباه في((المدينة المنورة))على خدمة ضيوف المسجد النبوي، يتحدث عن جروح يسببها الفقر، وذلك عندما تشاهد الفل في حدائق الآخرين، يتحدث عمن كان يقذف في طريقه بأطنان من ديناميت الفشل، وكيف تعلم القفز، وكيف كان يقف بوجه الريح كشجرة سنديان منتصبة، ويذكر كيف تتسلط أعين الجياع على خبزك، رجلا أبيض، ووجهه نور، رجلا مضيئ كنجوم البدو الرحل، كريم، ما أن يمسك كرمه حتى يحتلك شعور القرى الصغيرة بعد ليلة كاملة من المطر، واضح كالحياة وغامض كالموت، تربطني والدكتور((صالح بكر الطيار)) منازل مهدمة لم تعد على قيد الحياة، أصبحت جزأً من الحرم، هو الحرم الشريف، وأنا الحرم المكي، وكذلك تربطني به طريقة تعديل النظارة الطبية، وقلبا طيبا، رغم أن قلبه الطيب أوجعه الكثير من الحشائش الطفلية،والتي أسقطها الزمان من حياتة، كثمرة تعفنت، يكتب، وهو من رواد المقال، والذي حين تقرأ له تدرك أنة يمتلك خاصية الإيجاز، الذي لا يخل بالمعنى، وأنة بمفرداته قادر على تلخيص سطور في كلمة، يكتب وكأنه يقول، ليس في الأمكان أبدع مما كان حيث يقول((حكيت قدر ما أستطيع وليس قدر ما أريد)) الكتاب هو خلاصةرحيق حياة، وعطورا مقطرةجمعت على أوراق الورد، من رجل منمق ليس في ملابسة فقط، ولكن في طريق كتابته، يتحدث عن حياته الأولى كطفل، ((مديني)) طفلاً فقيراً منح حرية جميلة كان يمارسها بين حواري وطرقات ((المدينة)) واربعة جدران، ورغم ذلك لم تتكلس أحلامه، فكل مشاريعه كانت نحو تجديد وجودة الحياة، تباغتك الكلمات والأحداث كموج مندفع، رقيقه كماء، تشبه شاي الصباح الخفيف في بعض فصولها، لكنها في أخرى جارحة كالحقيقه، حيث السكاكين تلمع في بريق الكلام، في بعض المواقف يسكب ((أبوبكر)) بشاشته مستعرضاً حياته في((القاهرة)) مسقط رأس والدته، حيث اختار أن يكمل دراسته للقانون هناك، فتضحك حتى تنزعج جيوبك الأنفية، وفي أخرى، يكتب عن مساءت لا تشبه ظلام ((ابراهيم ناجي)) ولا لليل ((خليل مطران)) طفلاً رغم فقره إلا أنة يتحدث عن أوساخ الحياة بفخر من تخلص منها ولم يلوث أصابعه، تسافر العبارات كالأنهار، للنتقل معه الى ((باريس)) المدينة التي تحصل من جامعاتها درجة الماجستير والدكتوراة، والتي أسس فيها ((مركز الدرسات العربي الأوروبي)) وأصبح رئيساً له، ولم يقف هذا الرجل العظيم كنورساً متأملاً الحياة الفرنسيه، عند أعلى صارية كغيرة، بل شارك وعمل بمشاعر سعفات نخل ((المدينه)) والتي لا تكف أن تجلب الثمر، وحصل على((وسام الشرف الفرنسي بدرجة فارس)) ((سيرة ..ومسيرة)) كتاب عبارة عن حصار من الورود، وسماء مثقله بالمطر، وسيل من ذاكره مستفيضه وشهب يذيب حلكة النفس، وحلما يعانق المجئ، وطائر يرفرف ، يزرع الزرقة، ويلتحف بالغيوم، ويرقص في الإمتداد، ويعلو في الزرقة، يحلق نحوها ..قولو لي .. وهل للسماء لون أخر غير الزرقة.!!