موجة انسحابات جماعية من مشاهير التواصل الاجتماعي في الإمارات، شهدها، اليوم، تطبيق «بوتيكات»، وذلك وفق ما كشفت عنه حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث بدت جملة «إنهاء العلاقة مع شركة بوتيكات» قاسماً مشتركاً بين عموم مشاهير التواصل الاجتماعي في الإمارات الذين حجزوا لهم مكاناً خاصاً في «بوتيكات»، حيث جاءت هذه الانسحابات إثر الكشف عن تورّط القائمين على التطبيق وعدد كبير من مشاهير التواصل الاجتماعي بقضية «غسيل الأموال»، بعد إعلان النائب العام الكويتي المستشار ضرار العسعوسي التحفظ على أموال 12 متهماً من مشاهير «السوشيال ميديا» مع منعهم من السفر، وذلك وفق ما أعلنته وسائل إعلام كويتية، والتي بادرت إلى نشر قائمة عدد من مشاهير «السوشيال ميديا» في الكويت، وردت أسماؤهم في القضية، ليشغل ذلك بال الكثير من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، الذين تفاعلوا مع القضية بتغريدات مختلفة.
هذا في وقت طالب المحامي الإماراتي علي مصبح بضرورة تحرّي مشاهير وسائل التواصل الاجتماعي عن نزاهة وحقيقة الشركات أو الجهات التي يتعاقدون معها للإعلان لمنتجاتها عبر حساباتهم على منصات التواصل باختلاف أنواعها، واستشارة الجهات الأمنية المختصة حول مصدر دخل تلك الشركات والجهات، وعدم استلام أي تحويلات مالية منها إلا بعد اتخاذ الإجراءات والاحتياطات اللازمة، خشية تورطهم في جرائم إذا كان نشاطها مشبوهاً، مشدداً على أن كسب المال بغير «الشرع» جريمة أمن دولة تصل عقوبتها للمؤبد.
وتفصيلاً، فقد أكد عدد من مشاهير الإمارات الذين اتخذوا من «بوتيكات»، الذي يعرض أكثر من 30 ألف منتج تجميلي، نافذة لترويج منتجات المكياج والعناية بالبشرة والعطور وغيرها، انسحابهم من التطبيق وكانت الإعلامية حصة الفلاسي من أوائل الذين أعلنوا انسحابهم من «بوتيكات»، حيث أشارت عبر حسابيها على «سناب شات» و«إنستغرام» إلى إنهاء علاقتها وارتباطها مع شركة «بوتيكات»، مؤكدة في الوقت ذاته «احتفاظها بالأسباب التي دفعتها إلى هذه الخطوة»، الأمر نفسه انسحب على الإعلامية تيم الفلاسي، وزميلتها مريم الياسي، وكذلك لطيفة الشامسي، والتي أكدت عبر إنستغرام «إنهاء ارتباطها ببوتيكات»، معتذرة في الوقت نفسه عن «ذكر الأسباب»، وهو ما جعل الإعلامية رحاب عبدالله تعلن رسمياً انسحابها من التطبيق، مؤكدة أنه تم «إبلاغ إدارته بذلك»، مشيرة إلى أنها طلبت «حذف البوتيك الخاص بها من التطبيق»، وفي الوقت ذاته أعلنت لمى سعد، عبر حسابها على إنستغرام سعيها لـ«حذف اسمها من تطبيق الشركة»، مبينة أن الموضوع «مسألة وقت» فقط، ومؤكدة أنها «تعكف حالياً مع محاميها على اتخاذ الإجراءات المناسبة لإقفال حسابها وإنهاء العقد»، داعية «الفتيات إلى عدم شراء أي شيء من البوتيك الخاص بها».
الانسحاب الجماعي من تطبيق «بوتيكات» لم يقتصر على مشاهير الإمارات، وإنما شمل أيضاً مشاهير التواصل الاجتماعي في الخليج، من بينهم عهود العنزي وفيصل البصري وبيان لنجاوي، وغيرهم، والذين أعلنوا عن ذلك من خلال حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، في وقت تمكنت فيه هذه القضية من هزِّ أركان «التواصل الاجتماعي»، ليصعد معها هاشتاغ «غسيل أموال المشاهير» إلى سدة «التريند» في تويتر، حيث عبر الكثير من متابعي هذه الأسماء عن صدمتهم، في حين آثر بعض مشاهير الكويت ممن وردت أسماؤهم في قائمة الاتهام، وقامت النيابة العامة بتجميد حساباتهم، ومنعهم من السفر، عدم «التزام الصمت»، ليطلوا عبر منصات التواصل بتغريدات ومقاطع مصورة، يدافعون فيها عن أنفسهم، وليردوا في الوقت ذاته على جملة الاتهامات، على رأس هؤلاء كانت الفنانة الكويتية فرح الهادي التي أطلت عبر إنستغرام، وقالت: «ليس لديّ ما أخفيه، وإذا كنت قد أخطأت بشيء سوف أحاسب»، وواصلت: «كل شيء موجود، وإن شاء الله سيظهر الحق، وسيتم الرد على كافة الشائعات والاتهامات في الوقت المناسب». في حين بادرت الفاشينيستا الكويتية فوز الفهد، إلى نشر مقطع مصور على حسابها في «سناب شات»، نفت فيه أن تكون «متورطة في غسيل الأموال»، حيث قالت: «أريد طمأنة الجميع.. أنا بخير، والأمور كلها بخير.. هذا فقط إجراء روتيني قانوني.. الدولة من حقها أن تسألنا في كل شيء، وكل شيء إن شاء الله نظيف.. أنا أقدر كل شخص تواصل معي، وهذا الموقف بيَّن لي الكثير من الناس الذين يخافون عليّ». وأكدت أنها «مرتاحة.. وأنها نظيفة». وفي تعليق آخر نشرته الفهد، كتبت: «ولا تيأس فإن اليأس كفر.. لعل الله يغني من قليل.. وإن العسر يتبعه يسر.. وقول الله أصدق كل قيل».
على ذات النسق سارت حليمة بولند، حيث اجتهدت في الآونة الأخيرة في الدفاع عن نفسها، في أروقة التواصل الاجتماعي، حيث نفت في أكثر من مقطع مصور «التهمة المنسوبة لها»، في وقت نشرت فيه صورة لها على «سناب شات» وأرفقتها بتعليق مفاده: «لا تخلط بين الطيبة والضعف.. الطيبة صفاء في القلب والضعف قصور في التفكير والتدبير.. كن طيباً قوياً حتى لا يمكر بك الخبثاء والله طيب يحب الطيب».
عدم التساهل
من جهته، أكد المحامي الإماراتي علي مصبح لـ«البيان» خطورة تردد هؤلاء المشاهير في حماية أوطانهم، أو التساهل في عدم الإبلاغ عن الجهات التي يتعاقدون معها، طمعاً في المال، مشيراً إلى أن الإمارات دولة قانون، وأن المؤسسات الأمنية لن تتهاون مع كل من تسول له نفسه في كسب المال بطريقة غير مشروعة.
ولفت إلى أنه في حالة اشتباه أي مشهور عن مصدر دخل أي جهة يتعامل معها ويروج لها ولمنتجاتها، إبلاغ الجهات المختصة سواء بأرقام التواصل المنتشرة في الدولة أو إبلاغ الشرطة مباشرة، لاسيما أن التعامل في هذه القضايا يكون بسرية تامة ودون الكشف عن أسماء.
وقال: «في ظل التطور التكنولوجي الذي طرأ على العالم، وما يحتويه من مزايا في الحصول على الأخبار والمعلومات، فقد نرى أنه بدأ التحول الجذري في هذا التطور إلى ساحة للإعلانات التجارية والتي كنا في السابق نشاهدها على اللوحات الإعلانية أو في المجلات والصحف أو في التلفاز، والآن أصبحنا نشاهد جميع الإعلانات التجارية عبر منصات التواصل الاجتماعي والتي لاقت رواجاً وشهرة ومن أبرزها سناب شات أو إنستغرام، وهما أكثر وسائل التواصل انتشاراً ومشاهدة، وبعد ذلك ظهر من يسمون مشاهير التواصل الاجتماعي الذين باتوا يستخدمون حساباتهم لتقديم خدمات الإعلان بمقابل مادي يتفاوت ما بين المرتفع والمتوسط، وصار عدد منهم من الأغنياء وأصحاب الثراء الفاحش، وتجاوزت أرصدتهم في البنوك، أرصدة رجال أعمال عصاميين قضوا سنوات طويلة في جمع مالهم.
شهرة وخطورة
وذكر علي مصبح أن شهرة التواصل الاجتماعي أصبحت اليوم حديث الساعة، لا سيما مع ظهور قضية لبعض هؤلاء في دولة خليجية مثل الكويت، حيث لن يصدق أحد التبريرات التي سيسوقونها للجهات الأمنية التي بدأت تتبع خيوط جريمة غسل أموال، بدأت من دولة في شرق آسيا ووصلت إلى الكويت، ووضعت علامات استفهام حول مدى مشروعية الأموال التي جمعها هؤلاء المشاهير في حساباتهم أو العقارات والسيارات الفارهة واليخوت التي أصبحت ملكهم جراء إعلان لا يتعدى الدقيقة.
وتابع: خيوط هذه الجريمة يمكن أن تمتد إلى دول مجاورة خصوصاً إذا تبين أن بعض مشاهير التواصل الاجتماعي على تواصل مع تلك الشركة أو هؤلاء المعلنين، ومتورطون في جرائم غسل أموال، ومعاونتهم لعصابات الغسيل باستلامها لتبييضها بحجة ورود كثير من الإعلانات لهم أو أنهم امتهنوا هذه الطريقة بغطاء واستغلال لعملية الغسل.
جريمة واضحة
ولفت المحامي مصبح إلى أن غسل الأموال هي أكثر جريمة تكون واضحة حتى للشخص العادي، ونحن بانتظار وترقب ما يسفر عنه التحقيق في قضية الكويت، وهذه الجرائم من الجرائم الماسّة بأمن الدولة، ولا شك أن وجود تعاون قضائي وتبادل المعلومات بين الجهات الأمنية أصبح سهلاً جداً، وذلك للبحث عن المتهمين والمشاركين، ومحاكمتهم.
وأكد أن من يملك الأدلة والبراهين والحجج والمستندات فينبغي عليه أن يقدمها إلى جهات التحقيق ليبرئ نفسه من هذه التهم، وأن حجة عدم العلم بأن هذه الأموال غير مشروعة، أو مشاركته للاستثمار فقط، هي حجه واهية «فلا عذر للجهل بالقانون».