آخبار عاجل

الباب الثاني.. اشغال البيت .. ما بين المؤيد والصحاف .. قصة عائشة بنت البيت العود

28 - 07 - 2020 2:02 3262

 المرأة مكانها البيت هذا ما كان يتردد علي مسامعنا كل صباح وكل مساء ومن ثم يطلب من النساء والفتيات والبنات أن يتكيفن مع هذه المقولة وأن تتعلم في البيت وأن تعمل في البيت ما يخصها وما يخص الآخرين الذين يعيشون معها في هذا البيت .

وبناء علي هذه المقولة فقد كنت وبالتعاون مع البنات والنساء في البيت العود ومنذ الصباح الباكر وحتي المساء نقوم بحلب البقرة وتوزيع الحليب واعداد الروب ( الزبادي) واللبن وبقرتنا كان فيها خير كثير مدرة للحليب نحلبها ثلاث مرات في اليوم وتعطينا من الحليب ومشتقاته ما يكفي العائلات بالبيت العود واحياناً نوزع منه علي الجيران ونقدم منه للضيوف الذين يزوروننا في البيت العود من رجال ونساء فهولاء لهم أوقات ومجالس وأولئك لهن جلسات مسائية خاصة في حوش البيت العود . وكنت بجانب حلب البقرة وتوزيع خيراتها وهو بالنسبة لي هواية ومهنة فقد كنت متعلقة بتلك البقرة اقضي وقتاً ليس قصيراً معها كل يوم أرعاها واطعمها وأنظف حولها وافرح عندما

 

 

تطلب مني أمي أن أذهب لحلبها فالوقت الذي اقضيه مع هذه البقرة بالنسبة لي متعة . بجانب ذلك فأشغال البيت العود بمساحته وعدد غرفة والعائلات التي تسكن فيه . هذه الاشغال كثيرة ومتنوعة تبدأ في الصباح ولا تنتهي إلا بعد أنم يرخي الليل سدولة كما يقولون تتعاون البنات والأمهات في إعداد الفطور صباحاً واثناء ذلك وبسبب الأعصاب المشدودة والسرعة المطلوبة لتقديم الفطور إلي الجميع وعلي الاخص الآباء الذين يحرصون علي الذهاب بسرعة إلي عماراتهم ومحلاتهم والأولاد الذين يريدون إلا يتأخرا عن المدرسة .

 

 

أما النساء والبنات فهن من يتكلفن بإعداد الفطور إلي هؤلاء وأولئك وتقبل الصراخ والاستعجال واللوم علي التأخير كل ذلك كان يشد أعصاب نساء العائلة ويتسبب في قوع بعض الحوادث المنزلية غير المقصودة لكنها مؤلمة ومؤثرة في العلاقات بين العائلات المتعايشة في البيت العود. مثال ذلك تلك الحادثة التي وقعت لأختي لطيفة ففي صباح يوم من الأيام العادية اعطتني أمي كما أعطت أختي لطيفة صحناً به دهن وبيضة علي أن تأخذ كل واحدة منا صحتها إلي الأم عائشة زوجة العم خليل المؤيد باعتبارها رئيسة البيت العود في ذلك الوقت حيث تقوم بقلي البيضة وتقديمها ومعها كوب من الشاي نأكل البيضة ونشرب الشاي ثم نذهب - وقتها - إلي المدرسة . ماحدث ذلك الصباح أن أختي لطيفة خلعت نعالها وهي في طريقها إلي الأم عائشة ووصلت إلي غرفتها بقدمين متسختين ووطأت بهما علي حصير الدار ورأت الأم عائشة البقع التي خلفتها قدما لطيفة فغضبت غضباً شديداً وصرخت في وجه أمي مريم قائلة :

 

- لماذا لا تلبسين إبنتك نعالاً لقد تسبب في إتساخ حصير الدار - قالت أمي : والله العظيم .. أنا ارسلتها لك نظيفة بعد أن البستها ومشطت شعرها والبستها نعالها ، لكن يدو أنها خلعت نعالها قبل أن تصل اليك فأتسخت قدماها . وعندما واصلت الأم عائشة زعلها صبت أمي مريم جام غضبها علي أختي لطيفة وأخذت تضربها وهي تهرب منها وتتحاشي ضربها حتي سقطت في القدر الذي تغلي فيه القهوة بقدمها اليمين التي حترقت واحمر وتقطع جلد ساقها. في هذا الوقت كان العم خليل نازلاً من غرفته بالدور الاول وسمع الصراخ وشاهد ما أصاب إختي لطيفة فغضب من والدتي ثم حمل أختي لطيفة وذهب بها سريعاً إلي المستشفي الأمريكي .

 

الخوف الذي أبدته والدتي من وضع موقد الكيروسين في حمام دارها مبعثة الحوادث التي تكررت في البيت وأدت إلي نشوب حرائق في الملابس وذهاب صاحباتها ضحايا لهذه الحرائق

 

مثل لطيفة كانو زوجة جدي إبراهيم وإبنتها شيخة ومن ذكريات طفولتي المؤلمة هو موت جدي إبراهيم وكان عمري ٥ سنوات وكانت مريم كانو ( أمي زينة) والدة جدتنا لطيفة كانو جالسة بالقرب من جدنا أبراهيم وبالقرب منها شيخة ابراهيم أخت أبي ( التي احترقت) وشيخة هي زوجة محمد كانو وأم جاسم وعلي ومريم كانو . ومن ذكريات تلك الحادثة الحزينة هو جلوس عمي خليل المؤيد ينعي وفاة أبيه بالأشعار الحزينة والجميع يبكون علي وفاته وبعد أن تم تغطية رأسه ببشته و طلب منا الخروج و طلب منا الخروج إلي فناء البيت حتي تتم إجراءات دفنه . ومن الحوادث المؤلمة في عائلتنا قبل ولادتي وتذكرها والدتي مريم دائماً قصة حادثة إحتراق عمتي شيخة فقد كانت تحاول طبخ قرص الطابي لأخيها محمد وقامت بسكب الغاز علي الموقد لتجهيز النار ولكن اشتعلت النار في ثوبها وخرجت إلي الفناء تركض والنار مشتعلة بها وحاولوا اطفاء النار ولكن بقي جلدها محترق وكان الاعتقاد تلك الفترة أن يضعوا الملح علي الجرح وتصرخ من الألم وتطلب الماء ولكن لم يسقوها بسبب اعتقادهم أن الماء يزيد من آلام الحرق . كانت الحياة في ذلك الوقت صعبة جداً فالنساء يقمن مع بناتهن بجميع اعمال البيت فلا خدم لديهن يساعدنهن وليس هناك ماء للغسيل والاستحمام في البيت هناك فقط زير فخار يأتي ساقي ويملأه كل يوم بماء يفترض أنه صالح للشرب وكثيراً ما نكتشف أن الدود يسبح ويتكاثر في قاعة حتي قام الانجليز الممثلون للحكومة يوماً بشن حملة علي البيوت أدت إلي مصادرة وتكسير كافة الاواني الفخارية التي يخزن فيها ماء الشرب بالبيوت حفاظاً علي صحة الأهالي غزا الدود بطون الكثيرين منهم وقامت صحة البلدية أيامها بتوزيع محلول دوائي يشربه الاهالي ويعمل علي قتل الدود والتخلص منه عند الذهاب للمرحاض

عفواً لم تكن في بيوتنا مراحيض وانما حفر يقضي فيها المرء حاجته أو يذهب إلي ساحل البحر ليقضي حاجته وعلي ذكر الاستحمام كان يتم علي ساحل البحر حيث تقوم النساء كل يوم بحمل ما يردن غسلة إلي هناك وعلي الاخص في أوقات الجزر ومن الحكايات أو بالاحري الروايات الطريفة التي تستحق الذكر بهذه المناسبة هو ما حدث لوالدتي مريم ولطيفة زوجة محمد المؤيد (كانو ) ووالدة ابراهيم المؤيد فقد حملتا ما لديهن من ملابس وأواني وذهبتا إلي البحر لغسلها ووقتها كان البحر جزراً فجلسنا علي أرض صخرية مرتفعة وانشغلتا بالغسيل وتبادل الاحاديث ولما انتهينا من الغسيل وأرادتا العودة إلي البيت وجدنا نفسيهما محاطتين بالماء فقد جاء المد وجعلهما تقفان فوق جزيرة فانتابهن الخوف من الغرق واخذتا في الصراخ وطلب النجدة حتي سمع صراخهما بعض الصيادين وحملوهن علي أكتافهم وأوصلوهن إلي البر. منظر حمل الرجال للنساء علي الاكتاف كان مضحكاً مبكياً فأمي ولطيفة لم يكن أمامهن الاقبول هذ الحل لانقاذ حياتهن ، لكن من حسن الحظ أن منظر حملهن علي الاكتاف لم يشاهده والدي أحمد المؤيد الذي كان يغار علي زوجته ويمنعها من الخروج من البيت لأي سبب، بل ويعاقبهاإذا ما علم بخر،وجها. بقي أن اذكر أن التخلص من أزرة أو أواني ماء الشرب الفخارية من قبل الحكومة كانت الخطوة الاخيرة تقريباِ في مكافحة الامراض والأوبئة المنتشرة في ذلك الوقت وعلي رأسها مرض الملاريا الذي كان ينتقل بواسطة البعوض . فقبل ذلك وفي عام ١٩٣٣ م والذي شهد انتشار مرض الملاريا قامت البلدية بحملة واسعة للقضاء علي البعوض اشتملت علي دخول عمال الصحة إلي البيوت والقيام بإفراغ

“الجحال أو الحبوب “ جمع حب أو زير من الماء مرة واحدة في الاسبوع بهدف القضاء علي بيض البعوض ومن ثم الطلب من سكان البيت بأن يواصلوا عملية التفريغ كل اسبوع . كما قامت البلدية بلصق نشرات توعية في مختلف مناطق البلاد مراعية غلبة أعداد الاميين وذلك باستخدام الصور والرسومات التي تشرح كيفية نقل البعوض مرض الملاريا إلي الانسان والخطوة الثالثة التي اشتملت عليها حملة البلدية هي تخصيص نصف ساعة في الاسبوع في كافة المدارس لارشاد الطلبة إلي اخطار هذا المرض وكيفية الوقاية منه إلي جانب لك قامت البلدية بردم المستنقعات ورشها بالزيت. ويبدو أن “ الجحلة” أو زير الماء باحجامه المختلفة لم يعد الوسيلة المثلي لتخزين ماء الشرب وتبريده في البيوت لتبدأ مرحلة جديدة في حياة أهل البحرين بصفة عامة وأهل المنامة بصفة خصة تقوم علي وداع الازرة الفخارية أو الاحتفاظ بها كتحف للذكري خالية وبعيدة عن الماء في ذلك العام ايضاً ١٩٣٣م علمنا أن المجلس البلدي بالمنامة اتخذ قراراً بضرورة ايجاد مشروع ابتدائي لتوصيل المياه إلي البيوت عن طريق مد الانابيب واستخدام الحنفيات كما قرر المجلس في نفس الجلسة ولاول مرة عمل مجار في المنامة والمحرق في تطور حضاري لاشك فيه.



شبكة Gulf 24 منصة إعلامية متميزة تغطى أخبار دول مجلس التعاون الخليجي والوطن العربي والعالم تضم بين صفحاتها الرقمية وأبوابها المتنوعة كل ما تحتاجه لتصبح قريباً من ميدان الحدث حيث نوافيك على مدار الساعة بالخبر والتحليل ونسعى أن نصبح نافذتك إلاخبارية التى تمنحك رؤية راصدة تجعل العالم بين يديك ومهما كانت افكارك واهتماماتك. سواء في حقل السياسية، الاقتصاد، الثقافة

جميع الحقوق محفوظه لشبكه Gulf 24 الاخبارية

Gulf 24 © Copyright 2018, All Rights Reserved