آخبار عاجل

الباب الثاني.. مهن تعلمتها البيت العود .. ما بين المؤيد والصحاف .. قصة عائشة بنت البيت العود

02 - 08 - 2020 4:09 355

 

“الجحال أو الحبوب “ جمع حب أو زير من الماء مرة واحدة في الاسبوع بهدف القضاء علي بيض البعوض ومن ثم الطلب من سكان البيت بأن يواصلوا عملية التفريغ كل اسبوع . كما قامت البلدية بلصق نشرات توعية في مختلف مناطق البلاد مراعية غلبة أعداد الاميين وذلك باستخدام الصور والرسومات التي تشرح كيفية نقل البعوض مرض الملاريا إلي الانسان والخطوة الثالثة التي اشتملت عليها حملة البلدية هي تخصيص نصف ساعة في الاسبوع في كافة المدارس لارشاد الطلبة إلي اخطار هذا المرض وكيفية الوقاية منه إلي جانب لك قامت البلدية بردم المستنقعات ورشها بالزيت. ويبدو أن “ الجحلة” أو زير الماء باحجامه المختلفة لم يعد الوسيلة المثلي لتخزين ماء الشرب وتبريده في البيوت لتبدأ مرحلة جديدة في حياة أهل البحرين بصفة عامة وأهل المنامة بصفة خصة تقوم علي وداع الازرة الفخارية أو الاحتفاظ بها كتحف للذكري خالية وبعيدة عن الماء في ذلك العام ايضاً ١٩٣٣م علمنا أن المجلس البلدي بالمنامة اتخذ قراراً بضرورة ايجاد مشروع ابتدائي لتوصيل المياه إلي البيوت عن طريق مد الانابيب واستخدام الحنفيات كما قرر المجلس في نفس الجلسة ولاول مرة عمل مجار في المنامة والمحرق في تطور حضاري لاشك فيه.

 

والتطورات تتابعت بعد ذلك اثبتت الكثير من الامل في حصول الناس علي مياه نظيفة في بيوتهم يشربون ويستحمون ويغسلون بها ملابسهم وأوانهم من هذه التطورات أن مستشار حكومة البحرين تشارلز بلجريف تقدم في عام ١٩٣٥م باقتراح إلي المجلس البلدي يقول فيه أن الوقت قد حان لاقامة خزان ماء كبير في المنامة توزع منه المياه إلي البيوت عن طريق الانابيب وأن المجلس وافق علي الاقتراح فوراً وقرر الكتابة إلي مدينة البصرة وبغداد مستعلماً عن كيفية توصيل المياه إلي البيوت وعن الرسوم التي يتم تحصيلها بعد ذلك .لكنني لا أتذكر بالتحديث مت تحقق هذا الحلم وأقيمت خزانات المياه العالية وتدفق الماء في البيوت عبر الانابيب والحنفيات هل حدث ذلك بالفعل في عام ١٩٤٩ م كما يتداول الناس الكبار في تلك الفترة وكان أول خزان ماء أقيم في المنامة كان في الحديقة القديمة الكائنة بالقرب من مدرسة الزهراء وبسعة ١٢٠ الف غالون ،المهم أننا كنساء مسؤولات عن كل اعمال البيت من طبخ وغسيل قد شعرنا بنقلة نوعية كبيرة في حياتنا وادركنا معني واهمية وجود المياه داخل البيت هذه الأهمية تنسحب علي الاستحمام الذي كنا نذهب إلي البحر من أجله أي أننا إدا اردنا الاستحمام نزلنا البحر وغسلنا أجسامنا في مياهه أما الصابون فلم يكن معروفاً وقتها وكان الطين هو بديل الصابون لغسل الجيم في ذلك الوقت وغير البحر كنا نذهب إلي عين عذاري للاستحمام ايضاً وفي عذاري الرجال يستحمون في العين أم النساء فمكان استحمامهن هو “ساب” عذاري أي المجري أو بالاحري الجزء المغطي من الساب أما الجزء المكشوف فيسبح فيه الاطفال وفي كل الاحوال يبقي الطين صابوننا المتوفر . كانت النساء تذهبن إلي عذاري مع اطفال العائلة في رحلة واحدة حفاة الاقدام حيث نمشي من البيت العود إلي عذاري وعندما تحترق اقدامنا من حرارة الشمس نلفها بقطع القماش ونواصل السير وهناك يتوزع الجميع علي مجموعات النساء الامهات معاً والفتيات - البنات - وأنا منهم ثم الاطفال ، لكننا جميعاً نقضي وقتنا ونستحم في الجزء الخاص من ساب عذاري والذي يملكه العم خليل المؤيد . كانت تربطني بعدد من البنات صداقة خاصة وهن علي سبيل المثال شخية المؤيد سليمة المؤيد ، وأختي لطيفة المؤيد ،كنا نلتقي دائماً في البيت العود نمارس هواياتنا معاً ونتعلم من بعضنا البعض ونذهب ضمن مجموعة العائلة إلي عذاري حيث نلقتي هناك بفتيات الحي الاخريات اللواتي يأتين إلي عذاري ايضاً.

 

مهن تعلمتها

 

البيت العود كان ملتقي لنساء الحي بأعمارهن المختلفة اللواتي كن يزرنا بيتنا كل مساء تقريباً ما بين الساعة الرابعة والسادسة حيث تصطحب النساء الأمهات اطفالهن ويتحول البيت ساعتها إلي زوايا النساء يجتمعن معاً حول سلال التمر وفناجين الشاي والقهوة والاطفال يلعبون في الحوض أما نحند البنات فنجتمع معاً نمارس ونتعلم مهناً جديدة أما المعلمات دائما فهن جاراتنا النساء والبنات اليهوديات اللواتي يتواجدن في بيتنا كل يوم تقريباً يوزعن الفوائد علي الجميع ماذا يعني هذا؟ النساء اليهوديات غالباً ما يأتين بما لديهن من بضائع لبيعها علي نساء البيت العود وزائراته فالعقلية التجارية راسخة لدي اليهود الرجل واليهودية المرأة الرجال لديهم محلات يبيعون فيها الاقمشة والملابس أو يمارسون مهناً اخري مثل الصرافة وتجارة الذهب وغيرها. والزوجات النساء يحملن صرراً علي رؤسهن فيها الملابس النسائية والاقمشة ويتنقلن من بيت إلي آخر يبعن ما يحملن من بضائع علي النسوة في تلك البيوت . وليس ذلك فقط بل أن النساء اليهوديات كن يتقن انواعاً مختلفة من الطبخ ومنهن تعلمت أنا وأختي لطيفة وبنات العائلة الكثير من الاكلات وانواع الكعك حيث اصبحنا بعد ذلك نعد الاكلات التي تعلمناها في البيت وعلي الاخص حين يكون عندنا ضيوف كما تعلمنا من النساء الهنديات ومن رجل أسمه خان صاحب كيفية عمل المتاي والسمبوسة وغيرهما من الاكلات الهندية اللذيذة. اذكر أن نساء العائلات اليهودية مثل عائلات حبيبة وسعوده وخضوري وناجي مراد نونو وروبين علمننا ايضا مهنة خياطة الملابس البحرينية الشعبية مثل الدراعة والثوب النشل والبخنق وغيرها والثوب النقدة كما تعلمت أنا كيفية عمل الزري علي الطارة وتعلمنا مهنة الخياطة وفنونها ومن ثم ممارستها اذ كان ذلك في تلك الايام من الامور الضرورية للمرأة وللبنت في البيت وذلك لأن كلتيهما بحكم العادات والتقاليد ممنوعتان من الخروج من البيت وثانياً لأن الاسواق في تلك الايام خالية من المحلات التي تبيع الملابس النسائية الجاهزة وحتي من محلات الخياطة النسائية وبالتالي فإنه ليس امام البنت والمرأة إلا أن تتعلم بنفسها خياطة ملابسها في بيتها . وكما اسلفت ففضل النساء اليهوديات كان في قدرتهن علي تعليم مهن الطبخ والخياطة وفي بيعنا انواع الاقمشة ومستلزمات التطريز والخياطة داخل البيت وعلي ذكر بيع الاقمشة فقد كانت العقلية التجارية اليهودية تفضل دائماً أن يتم البيع نقداً وفي الحال وإلا نقرض الفائدة علي من تتأخر في الدفع فقد حدث يوماً أن اشترت شيخة المؤيد من احدي البائعات اليهوديات فستاناً واردات أن تدفع ثمنه في اليوم التالي بالنظر لعدم وجود المبلغ المطلوب معها وفي اليوم التالي حضرت البائعة ( اليهودية) ولما اعطتها شيخة الثمن المتفق عليه رفضت استلامه وطلبت اضافة فائدة تأخير علي الدفع وهكذا كان الثمن الاصلي اربع انات وأصبح ثمن الفستان في اليوم التالي خمس انات . ومع ذلك فالحياة الاجتماعية المشتركة والعشرة التي كانت تجمعنا مع العائلات اليهودية كانت قوية وحميمة في نفس الوقت فبالاضافة إلي زيارات نساء هذه العائلات شبه اليومية للبيت العود فقد كن يداومن علي الحضور في صباح كل يوم سبت يوم العطلة الاسبوعية لدي اليهود الذي يحرم فيه ايقاد النار في البيوت وبالتالي فإنهن ياتين إلي بيتنا في صبيحة هذا اليوم ومعهن اباريق الشاي ومستلزمات الفطور حيث نقوم نحن بإعداد الشاي والفطور ويقمن هن بحملة إلي عائلاتهن لتناوله في بيوتهن والامر كذلك ينطبق علي الغداء والعشاء في ذلك اليوم . وللتأكيد علي أن العائلات اليهودية هم جزء لا يتجزأ من نسيج مجتمع البحرين اذكر هنا ما جاء في محضر اجتماع المجلس البلدي للمنامة في عام ١٩٤٧ ففي ذلك الاجتماع عرض علي المجلس كتاب من ( الجالية اليهودية) في البحرين كما كانت تسمي في ذلك الوقت يشعرون فيه المجلس “ أنهم كافة افراد الطائفة اليهودية في البحرين كاخوانهم في العراق وسائر البلاد العربية الاخري يعلنون انضمامهم في صفوف مكافحة الصهيونية الجائرة كعرب لغة وتقاليداً ومبدأ وتعاليم ويضمون صوتهم في الصرخة ضد تقسيم فلسطين . إلا أن هذا التأكيد والالتزام بالموقف العروبي من قضية فلسطين ونبذهم للصهيونة لم يحمهم في العام التالي ١٩٤٨ من الهجوم علي محلاتهم وعليهم كأشخص باعتبارهم يهود”صهانية” ساهموا في احتلال فلسطين الامر الذي دفعهم إلي الهجرة من البحرين إلي أوروبا وأمريكا وبقيت بعض العائلات في البحرين إلي اليوم آمنين مطمئنين علي حياتهم واعمالهم التجارية


  



شبكة Gulf 24 منصة إعلامية متميزة تغطى أخبار دول مجلس التعاون الخليجي والوطن العربي والعالم تضم بين صفحاتها الرقمية وأبوابها المتنوعة كل ما تحتاجه لتصبح قريباً من ميدان الحدث حيث نوافيك على مدار الساعة بالخبر والتحليل ونسعى أن نصبح نافذتك إلاخبارية التى تمنحك رؤية راصدة تجعل العالم بين يديك ومهما كانت افكارك واهتماماتك. سواء في حقل السياسية، الاقتصاد، الثقافة

جميع الحقوق محفوظه لشبكه Gulf 24 الاخبارية

Gulf 24 © Copyright 2018, All Rights Reserved