عندما شاهدت هذا الانفجار المدوي عبر وسائل الإعلام، ملأني شعور بأني كنت أقف في وسطه، وتفجرت بداخلي كل لحظة قضيتها على أرض بيروت الحبيبة، وعدت لتلك اللحظات التي كانت تسرق من الزمن زمناً حتى تبقيني في أجمل أحلامي ولحظاتي، رغم أنها كانت رحلة عمل ليومين لكن لم أضيع لحظة واحدة دون أن أستمتع بأدق التفاصيل، وكنت أقول لصديقاتي اللاتي يضحكن علي عندما أطيل النظر في تلك المناظر الساحرة من الطبيعة التي رسمها الخالق بكل دقة وإبداع، وأنا أكرر عليهن: «نعم، أنا أخزِّنها حتى أستعيدها في لحظة صعبة»، وكنت أستنشق الهواء على أصوات تراقص الموج على صخرة الروشة وكأنها تعزف لحناً صيفياً، وأتذكر كيف داعبت الشمس وجهي بشعاعها الدافئ، لأصعد إلى أعالي الجبل لأعيش أجمل شتاء وأتذوق ألذ الفواكه وأسمع أجمل المواويل بالصوت الجبلي. وكثير وأكثر أعلم أنه في ذاكرة كل منا لبيروت الحبيبة وشعبها وأناسها الطيبين، الذين وقفوا منذ زمن أمام كل انتهاكات سياسية واغتصاب للحرية، بالروح والصلابة والقلب الطيب.
واليوم، ومن قلبي لبيروت وشعبها الغالي، من ابنة الإمارات، دعاء ووقفة روح، أدعو بها العالم بأجمعه، كفى للبكاء وكفى للنحيب، كفانا ننظر لما فقدنا، كفانا لملمة في الحطام، والدموع على ما فقدنا، أجل نعرف بلاءنا وهو بلاء العظماء، لكن نحن الآن في هذه اللحظة، نبدأ بالدعاء وبث الروح بالأمل والحب، نعمل معاً للبناء، وتقديم يد العون والمساعدة الفورية بالتبرعات بكل أنواعها. نطمئن المذعور فبعد الصدمات يكون الدعم المعنوي أهم دعم مطلوب للأطفال والنساء والجميع.
نرسل طاقات الحب واللطف والسلام، والتسامح، هذا ما نحتاجه ويحتاجه لبنان، كلنا يد وروح واحدة، كلنا جسد وقلب واحد، ينبض لنعيش آمنين.. ونحن معك لترجع فتزهر يا لبنان.