طغى التفجير الدامي الذي وقع في مرفأ بيروت الأسبوع الماضي على كل الأحداث بعد أن دمر نصف العاصمة اللبنانية وأوقع عشرات الضحايا من موظفين وعمال ومدنيين ومواطنين ومقيمين، ولا يزال البحث عن المئات من المفقودين تحت أرضية الدمار الشامل الذي ضرب نصف المدينة وسط تشرد الآلاف من البشر ووسط تحول أرضية العاصمة إلى رماد متراكم جراء التفجير الكبير الذي وقع بسبب انفجار مادة نترات الأمونيوم في المرفأ..
مشهد محزن ومؤلم عندما تتحول هذه العاصمة الموعودة بالتدمير منذ سنوات إلى كتلة من الدخان وسط اندهاش شعبي وشجب واستنكار دولي من هول ما حدث، والذي حول بيروت إلى مدينة منكوبة وتحولت لبنان بأكملها وبكل قطاعاتها واهتماماتها إلى الحدث الذي كان بمثابة الفجيعة في العالم أجمع وسط تضامن دولي وإنساني ومساعدات كانت السعودية الأولى في إرسالها إلى الشعب اللبناني، ولا تزال عمليات الإغاثة متواصلة وهو ما عرف عن قيادتنا عبر التاريخ في عون الشعوب أثناء المحن والظروف.
الشعب اللبناني تلقى الضربة الكبيرة والتي ستظل حديثاً متنقلاً من جيل إلى آخر وسط تحول معظم المنازل اللبنانية إلى مواقع حداد نظير ما حدث.
وبعد الحادثة لم يكن أمام الشعب إلا المطالبة العاجلة بمحاسبة المتسبب وسط مطالبات كثيرة بأهمية أن يكون هنالك فريق تحقيق دولي محايد نزيه يرصد الواقع والمسببات بكل شفافية لأن اللبنانيين اعتادوا أن تنسى ملفاتهم أو أن تحول الإدانات إلى غير مرتكبيها..
كثرت الروايات والحكايات وتعددت القصص ودخل التأليف على الخط ولكن العاقل الحصيف يعرف أن لبنان منذ زمن تقع تحت طائلة تدخلات سرية وعلنية من إيران وذراعها المساند وممثلها الأول وهو حزب الله وخلاياه التي نشرت الفوضى والدمار والإرهاب في لبنان، وحولت الشوارع إلى حرب عصابات، ودمرت البنى التحتية، وكانت سبباً رئيسياً في الكوارث التي مرت على لبنان وشعبها، يساعدهم في ذلك نظام الملالي الذي يمدهم بالعتاد العسكري والكتائب المأجورة وسط صمت وخيانة غير مستبعدة وتعاون مبطن مع تلك الخلايا التي حولت أرض لبنان إلى معارك طائفية ومواقع لنشر التدمير بكل صوره.
رأينا الفيديوهات والتعليقات التي وجهت الأسباب إلى شحنة السفينة الخاصة برجل أعمال روسي ولكن السبب الرئيسي يبقى في عدم التصرف في كمية هذه المواد المتفجرة والسكوت على وضعها في موقع غير صالح ولا مناسب للتخزين طوال هذه الفترة في ظل وجود خلايا من حزب الله تخطط لهذا العمل المرتب له والذي جاء بعد سلسلة من المعلومات الرسمية التي أكدت ضرورة التخلص من هذه المواد أو إيجاد حل عاجل لها وحدث ما حدث.
أصابع الإدانة تتجه إلى حزب الله ومن وراءها إيران التي وضعت تدمير الشعوب وزعزعة الاستقرار الحكومي هدفاً أول.
ستصل لجان التحقيق إلى الحقيقة قريباً شريطة أن تكون تلك اللجان نزيهه عادلة، وأن تتقصى الموضوع من جذوره ومكامنه، وأن تفتش عن خفايا الحادثة وخيوطها وأطرافها لتصل إلى الجناة لتقديمهم إلى عدالة تعيد إلى لبنان استقراره وتعيد بناءه من جديد والذي سيكون شرطه الأول زوال واجتثاث هذا التنظيم ومحاكمة أفراده وأعضائه على مرأى من المجتمع والدولة كافة.