لم يخطر في بالي أبدًا أنني سأعجب بالمسلسلات الكورية الجنوبية.. وأفضلها على جميع المسلسلات الأخرى الأوروبية والأمريكية والعربية أيضًا.
فأنا لم أتوقع هذا المستوى الراقي من التمثيل والسيناريو والإخراج في هذه المسلسلات.. كما أني احترمت منتجيها لأنهم حريصون على أن تحتفظ مسلسلاتهم بالطابع الكوري من الناحية الأخلاقية.. وذلك من خلال حرصهم على أن تلتزم بالاحتشام إلى حد ما فيما يتعلق بالعلاقات بين الممثلين في التعبير عن عواطفهم.. وعدم وجود المشاهد الإباحية الجنسية المبالغ فيها والعلاقات الجنسية بين المثليين التي نجدها في المسلسلات الأوروبية والأمريكية بلا داع في سياق المسلسلات... كما لاحظت أداءهم الطبيعي وخفة دمهم العالية خلال مشاهدتي لمسلسلاتهم الكوميدية.. أي أنهم بالنسبة إلى دول الشرق الأقصى يماثلون المصريين في خفة دمهم بالنسبة إلى الدول العربية.
وبلغ بي الإعجاب بمسلسلاتهم التلفزيونية أنني أصبحت أتابع أخبار مسلسلاتهم القادمة التي تتزايد على تطبيق «نتفلكس» بسبب تزايد المشاهدين لها في أنحاء العالم.. لكي أشاهدها مستقبلاً.
إن ما يميز هذه المسلسلات تنوع مواضيعها إلى حد كبير.. وانتقادها للفساد في بلادهم في القطاعين الرسمي والخاص.. والخيال الواسع في استخدام التكنولوجيا بها.. ونسبة الجمال والوسامة العالية بين ممثلاتهم وممثليهم إلى جانب إتقان التمثيل الذي استمدوه من معاهدهم الفنية التي ساهمت الدولة في إنشائها بميزانيات ضخمة لتشجيع الإنتاج السينمائي والتلفزيوني.. الأمر الذي أكسبهم قدرة عالية على التمثيل الطبيعي بسبب دراستهم للتمثيل إلى جانب دراسة الجوانب الفنية الأخرى من سيناريو ومونتاج وإخراج لإنتاج الأفلام والمسلسلات التي ساهمت مع الوقت في زيادة الدخل القومي كثيرًا للدولة الكورية الجنوبية وإقبال السياح لزيارة هذه الدولة الحديثة المتميزة بمناظرها الطبيعية الخلابة.
كل ذلك يدلنا على مدى أهمية تشجيع الدولة للقطاع الخاص بإنشاء الاستديوهات الضخمة الحديثة المحتوية على كل الإمكانيات العلمية في صناعة الأفلام والمسلسلات التلفزيونية.. مثلما فعلت كوريا الجنوبية مؤخرًا.. عندما انتهت من إنشاء أكبر استوديو في دول الشرق الأقصى لهذا الغرض المهم ووصل ما أنفقته عليه إلى حوالي 70 مليون دولار وافتتحته مؤخرا.
بخلاف ما قامت به الدولة سابقًا من مساهمة كبيرة في دعم الإنتاج الفني والتلفزيوني حتى وصل إلى هذا المستوى المتقدم من أجل إنتاج المئات من الأفلام والمسلسلات مما يدلنا على مدى اهتمام قطاع الثقافة في هذه الدولة بهذا الانتاج المهم ودعمهم الكبير للقطاع الخاص.. ليرتفع مستوى الدولة في الإنتاج السينمائي والتلفزيوني والمسرحي فأدى مستواهم المتقدم إلى حصول فلمهم «باراسايت» على ثلاث جوائز في حفل الأوسكار في أمريكا لعام 2019م.
كما تشارك مسلسلاتهم وأفلامهم في العديد من المهرجانات العالمية التي حصدت فيها أفلامهم شهرة عالمية.. ساهمت في رفع الدخل القومي لهذه الدولة.
لقد ذكرت أهمية هذا القطاع الفني السينمائي والتلفزيوني في البحرين في مقال سابق.. وأعود اليوم لأتناول مدى أهمية دعم الدولة لكي نصل إلى مستوى متقدم من الأداء التلقائي الطبيعي في التمثيل.. وذلك بإنشاء معهد للفنون السينمائية والتلفزيونية والمسرحية ليرتفع مستوى هذه القطاعات المهمة في البحرين على أساس أن تضع خطة متقدمة لدعم القطاع الخاص في ذلك المجال المهم مستقبلاً.. وسنرى بعد ذلك مدى زيادة الدخل القومي من خلال هذا الإنتاج الفني الراقي.. إلى جانب جذب الكثير من السياح لزيارة البحرين في أشهر العام التي تتميز باعتدال الطقس وبرودته ما بين شهر أكتوبر وشهر يونيو.
وكلنا نعلم أن البحرين لها طابع خاص في الدول الخليجية بجزرها المتعددة ووجود الأمن على أراضيها ومدنية شعبها ولطفه واحترامه ولطافته في التعامل مع السياح والمقيمين في البحرين منذ القدم.