زمان كانت التقاليد والعادات بالنسبة للزواج واحدة أينما ذهبت تجد الناس يتزوجون بنفس الطريقة ويتبعون نفس الخطوات ليس هناك فرق بين الزواج في القرية أو المدينة وبين زواج العائلات الفقيرة والعائلات الغنية إلا ربما بارتفاع المهور وزيادة البذخ وغير ذلك لافرق فقبل أن أتزوج حضرت بعض الاعراس التي تمت في عائلتنا وفي الحي الذي نعيش فيه واعني به فريق الفاضل وبعد أن تزوجت وأصبحت أماً دعيت للمشاركة في افراح الكثير من العائلات التي احتلفت بزواج بناتها في المنامة وفي مدن وقري اخري بربوع البحرين ولم أر أي فرق في التقاليد الخاصة بالزواج صحيح أن أهل البحرين ينقسمون إلي مجتمعين مجتمع بحري يضم الذين يعيشون من البحر وقريباً منه ومجتمع زراعي يضم الذين يعملون في الزراعة ويعيشون من خيراتها وفي أحضان المزارع والحقول لكن الصحيح ايضاً أن كل المجتمعين تجمع بينهما عادات زواج واحدة .
من هذه العادات والتقاليد المتوارثة بين أهل البحرين أن الزواج يتم في نطاق العائلة الواحدة وإنه لا يفضل أن يتزوج أحدهم أو احداهن من خارج العائلة إلا فيما ندر ولاسباب وظروف مقدرة من كبار افراد العائلة ومن تقاليد العائلات البحريينية أن البنت تتزوج ابن عمها أو ابن خالها وأنه جرت العادة أن يتم الاتفاق بين والدي الولد والبنت وهما لازال طفلين ويظل الاتفاق ساري المفعول حتي بعد أن يكبرا الولد والبنت فلايحق لأ منهما أن يخرج عن الاتفاق وخاصة البنت التي امرها ليس بيدها وإنه لا يجوز لها أن تعصي والدها أو تكسر كلمة اعطاها لعمها أو خالها أو أي أحد من آفراد العائلة .
وفي هذا السياق فقد جرت العادة ايضاً أن تقوم العائلة التي تريد تزويج إبنها من خارج العائلة نظراً لعدم توفر العروس في نطاق العائلة بالتقصي حول اوضاع العائلات الاخري فإذا وجدت أن هذه العائلة أو تلك لديها بنتاً واصلت تقصيها بالسؤال عما إذا كان لديها إبن عم أو خال أو خالة فإذا وجدت أياً منهم ابتعدت بهدوء وذهبت تبحث عن عائلة اخري دون أن تتأكد من أن البنت مخطوبة أو موهوبه لواحد من افراد عائلتها فهناك تقاليد وعليها أن تحترمها وتلتزم بها .
وفي كل الاحوال تقوم الخطابة بدور المتقصية وجامعة المعلومات فإذا وجدت أن ليس للبنت أبن عم أو غيره من الشباب الاقرباء ابلغت عائلة الشاب بهذه المعلومة واضافت عليها معلومات اخري عن البنت فاذا ارت عائلة الشاب أنها مناسبة لابنها كلفت الخطابة بمواصلة اداء مهمتها وبناء عليه تقوم الخطابة بزيارة لبيت البنت ( العروس) عادة ما تكون في الفترة الصباحية تجتمع فيها بوالدة العروس ونساء أخريات قريبات لها تتعرف خلال الزيارة علي استعداد الأم والعائلة بشكل عام لتزويج إبنتهم فإذا تلقت إجابه مشجعة صارحت الآم بغرضها من الزيارة واسم الشاب الذي يريد الزواج وعائلته.
وفي اغلب الاحوال فإن الخطابة لاتحصل علي موافقة ولارأي واضح وإنما استعداد أولي للموافقة بعدها بأيام تقوم أم العريس ( المعرس) ومعها واحدة أو اكثر من نساء عائلتها بزيارة إلي أم العروس حيث تفتح الموضوع معها مباشرة وتطلب يد بنتها لولدها وفي هذه المرة تقوم أم العروس لأم العريس هذه الساعة المباركة لكنك تعرفين أن الموافقة ليست بيدي ولكن بيد ابيها فاعطيني فرصة لابلاغه واخذ رأيه وما يصير إلا الخير إن شاء الله.
وحس التقاليد المتبعة فإن الزيارة التالية تكون من جانب والد العريس لوالد العروس مصطحباً معه واحداً أو أكثر من أخوته وابناء عمومته حيث يتقدم رسمياً بطلب يد البنت العروس لولده وبعد التمهيدات السابقة فإن والد العريس يقوم بزيارته هذه وهو واثق أن طلبه مستجاب وأنه لن يرفض وعندما يتلقي الموافقة علي طلبه يتباحث مع والد العروس في مبلغ المهر وملحقاته من العطايا الاخري ثم يتباحثان في ترتيبات الزواج أو يؤجلان ذلك للقاء ثان ينتهي بتحديد موعد “ الملجة “ أو عقد القرآن وموعد الزفاف..
وحسب التقاليد تأتي الخطوة التالية من النساء اللواتي يقمن بتنفيذ أو تسليم ما اتفق عليه الرجال ففي ليلة يحبذ أن تكون مقمرة تتجمع نساء عائلة العريس تتقدمهن والدته بالاضافة إلي نساء الاقارب والجيران وتسير إلي بيت العروس حاملات معهن المهر المتفق عليه بالاضافة إلي هدايا مختلفة اغلبها من الملابس التي توضع وتربط في قطعة قماش تسمي “ البقشة” واحياناً تزيد كمية الملابس المهداه فتتوزع علي أكثر من “بقشة” وإلي جانبهن نساء يحملن هدايا من نوع اخر هي عبارة عن صواني حلويات ومكسرات وأجمل ما في هذه المسيرة أنها تكون شبيهة بالزفة حيث تتخللها الاغاني وما يسمي “باليباب” الذي تقوم به النساء وأشهر الاغاني التي تغني في مثل هذه المسيرة تلك التي مطلعها :
لولا دلالك ما عنينا لك صبي وغاوي وانتقينا لك
لولا دلالك ما عنينا لك ولا خطبناك ولا بينا لك
هذا الوفد أو الجمع يعرف بوفد “التسليمة” أي الذي يقوم بتسليم المهر و” الدزة”إلي والدة العروس حالما يصل إلي بيتها حيث ترتفع لحظتها “ اليباب”والغناأ والتصفيق وبعدها يجلس الجميع علي شكل حلقات في فناء البيت ويواصلن الغناء واليباب حتي وقت متأخر من الليل.
أما في حالة أن تكون العروس والعريس من بيت واحد أي من عائلة واحدة تسكن في نفس البيت مثل حالتنا نحن في البيت العود فإن الحركة باكلمها تتم في فناء أو حوش البيت الواحد وكما التقي الوالدان من قبل للاتفاق علي المهر والملجة فإن الوالدتين ونساء العائلة والفريق يقمن بالتسليمة داخل البيت نفسه .
وفي كل الاحوال تفرض العادات أن تعقب التسليمة الشروع في اعداد غرفة الزواج أو الفرشة في بيت العروس أو الجانب الخاص بها في البيت المشترك حيث تقوم بتصميمها وتنفيذها امرأة خبيرة وصاحبة ذوق تسمي “ الفراشة” لكن عملها التجميلي يبقي في اطار التقاليد المتوارثة والمعروفة في كل انحاء البلاد، فالجدران تغطي بقماش ملون وكذلك السقف وفوق أقمشة الجدران ترص المرايا وفي صدر الغرفة يوضع سريران غير متساويين في الارتفاع وعلي الاكبر منهما وسادة طويلة وفي زاوية بالفرشة يتم وضع الصندوق “ المبيت” وفوقه سلة كبيرة لثياب العروسين وعلي امتداد جدران الفرشة جلسات ارضية “دواشق” للجلوس عليها ومساند (وسائد) للاستناد عليها ثم وسائد “ تكيات” صغيرة للاتكاء عليها وقت الجلوس وفي خارج الفرشة بجانب الباب يتم وضع طاولة عليها صينية كبيرة بها ما يسمي بشموع العسل إلي جانب عدد من الزجاجات “ المراشة “ التي بها ماء الورد ثم المباخر التي تحتوي علي العود وذلك تهيئة لاستقبال الزوار وكذلك لكي تقوم العروس برش وتبخير العريس .
وبعد الانتهاء من تجهيز الفرشة أو أثناء هذه الفتر في بعض الاحيان تبدأ إجراءات عقد القرآن أو الملجة وفي تلك الليلة يتوجه العريس مع والده وافراد من العائلة إلي بيت العروس حيث يلتقي بهم هناك الشيخ أو المأذون وكذلك والد العرس وافراد عائلتها وبعد تناول القهوة ووسط الزغاريد تتم اجراءات عقد القرآن بسؤال العريس عن رغبته في الزواج من الخطيبة ثم يتكرر السؤال مع العروس التي يذهب اليها الشيخ في غرفة مجاورة وبعدها يتبادل الجميع التهاني والتبريكات بزواج سعيد.
وتزخر الايام التالية التي تسبق يوم الزفاف بجهود احتفالية متعددة لغسل العروسين كل علي حدة في الحمامات والعيون وتزيين العروس وتنعيم بشرتها وتصفيف شعرها كما تقوم العائلتان باقامة المأدب ونحر المواشي في الأيام السابقة لحفل الزفاف واللاحقة له تصل عند بعض العائلات إلي شهر كامل تصبح فيها الدعوات مفتوحة لسكان الحي لتناول الطعام وأخذ بعضة إلي بيوتهم وفي ليلة الزفاف وبعد تزيين العروس تجلس في غرفة مجاورة للفرشة وتتجمع النساء في فناء بيت العروس يغنين ويطبلن ويزغردن حتي تصل زفة العريس القادمة من بيته وبعد وصوله يتبادل الجميع التهاني وتستمر مظاهر الغناء والفرح حتي بعد انصراف الرجال ودخول العروسين إلي الفرشة .
وفي الصباح اليوم التالي أي صباحية الزواج جرت العادة أن يقوم العريس بتقديم هدية إلي عروسة هي عبارة عن مصوغات ومبلغ من النقود وهي ما تعرف عليه باسم الصباحية ، وبعد فترة من الوقت يتوجه الزوج ( المعرس) لزيارة والديه ويعود إلي بيت عروسه حيث يقوم باستقبال المهنئين له بزواجه ، أما والدة المعرس فقد جرت العادة أن تكون زيارتها لعروس إبنها في ثالث يوم الزفاف ومعها الهدايا الخاص لها من أهل المعرس.
فإذا حدث الزواج بين بيتين متباعدين فإن الزوج العريس يبقي مع زوجته في فرشته ببيتها عدة أيام ثم يتحول إلي بيت الزوجية أي بيته الخاص أو بيت والده أما إذا كان الزواج في بيت واحد كما هو الحال بالنسبة لنا في البيت العود فتقوم العائلة بتخصيص غرفة للزوجين يعيشان فيها أو يستقلان بيتهما خارج بيت العائلة العود( الكبير).