منذ أن كانت طفلة ذات 12 ربيعاً ويداها تخط المقالات الصحافية، فهي تمتلك اسلوباً يتميز بالبساطة والواقعية بكلمات تقربها من القراء أكثر، الا إنها لم تكتف بممارسة الكتابة، بل راحت تصوغ الحكايا والأفكار بألوانٍ شتى مكونةً لوحةً فنية للناظر وعميقة المشاعر لمن يبحث عن المعنى.
سلوى يوسف المؤيد صحافية وفنانة تشكيلية تعبر عن همومها وهموم غيرها بالقلم الصحافي والفرشاة الفنية، فكان لنا هذا اللقاء معها:
كيف كانت بدايتكِ مع الرسم؟
- كانت البداية منذ العام 1983، ومنذ بدايتي سلكت طريقاً مختلفاً عن غيري، لم أعرف انني أجيد الرسم ولم أكن أعرف بأنني أرغب في التلوين، ولكن شاء الله أن أكون كذلك.
وعندما أشاهد جارتي وهي تعبر بفرشاتها عما تريده، قلتُ لنفسي حينها لماذا لا أمسك بالفرشاة وأحاول الرسم؟ أخبرتُ صديقتي عن رغبتي بذلك، فناولتني بعض الفرش والألوان، وجلست بغرفتي محاولةً رسم صورة قد أصابتني بنوع من الإحباط؛ كوني لم أتقنها مثل ما هي. ولكن الفن كان أن ترسم ما تريده أنت، وقد نالت لوحتي إعجاب الناس، ومذّاك شعرتُ بأن لدي موهبة عليّ أن أنميها فرسمتُ لوحتين أُخريين، وإلى هذه اللحظة أرى بأن هذه اللوحات هي أجمل ما رسمته.
كيف وجدتِ نفسكِ في الفن؟
- أنا أعبر عما أشعر به في نفسي، لا أرسم من أجل البيع بل أرسم لأن لدي شيئا ما بداخل نفسي أود إظهاره، فأثناء الرسم تنتابني حالة من التوتر ولكني ما إن أنتهي من اللوحة أشعر بالارتياح.
في نظركِ، هل يختلف الفنان الهاوي عن ذلك الذي دعّم هوايته بالدراسة الفنية؟
- بالطبع، كان لدي معلمة متميزة كثيراً بالرسم، وكانت تدرسني دروساً خاصة مرة في الأسبوع، بعد ذلك أصبحت أرسم معها وهي توجهني وتعلمني كيفية مزج الألوان، فمعرفة مزج الألوان أمر مهم جداً بالنسبة للرسام.
كيف أصبحت علاقتكِ في بادئ الأمر بالفن؟
- لسعادتي بالرسم شجعتُ من هم حولي على أن يرسموا معي، ولكنني الوحيدة التي انطلقتُ بالفن وبدأت أرسم هذه الرسومات التي ترونها، وبعدها اصبحت أرسم من وقتٍ لآخر؛ بسبب انشغالي بالكتابة كوني كاتبة قبل أن أكون فنانة، كذلك انشغلت بأمور أخرى مثل حلقات في التربية.
كيف تطورت مهارات الفن لديكِ؟
- في سنة 2010 قررتُ أن أتعلم وأتوسع في ممارسة الفن، وكنت أنوي دخول مجال الرسم (التجريدي) كوني مهتمة في هذا النوع من الرسم ولدي إحساس بأنني قادرة على أن أقوم به. فذهبت إلى المعهد العالي للفنون التطبيقية في مصر الذي يحتوي على مجموعة كبيرة من الفنانين مثل مصطفى كمال وأحمد رومية، وبدأت أتعلم معهم أساليب جديدة في الفن. وفي كل يوم كانت هناك فكرة وعمل جديد أقوم بتطبيقه من بعد الدرس، وكنت أجد اهتمامهم وإعجابهم بأعمالي؛ ما دفعني لتعلم أنواع أخرى من الرسم مثل (الكولاج) وهو فن بصري يعتمد على قص ولصق العديد من المواد معاً مثل قصاصات الجرائد والأشرطة حيث تُجمع هذه القطع وتلصق على قطعة من الورق أو القماش.
لوحة (زواج) هل يمكن أن تحدثينا عن قصة هذه اللوحة المتميزة لديكِ؟
- هذه اللوحة (التجريدية) مثلاً، وهي اللوحة التي ما إن يراها أحد حتى تنال إعجابه، حين رستمها كنت أريد أن أعبر فيها عن زوجين يعيشان حياة سرية، وهذه هي نتيجة اللوحة أو ما ظهر لي بالتجريد! كما ان هناك لوحةٌ أخرى باسم (دوران الحياة) بها امرأة تبدو تائهة، هذه اللوحة تعبر عن شخصيتي في فترة من حياتين اذ كنت مُتعبةً كثيراً على الصعيد النفسي فقمتُ بالرسم وكانت هذه النتيجة.
هل هناك أوقات معينة لإبداعكِ؟
- ليس لدي وقت معين، وخصوصا اني أرسم لنفسي، فلستُ ملتزمةً بطقوس معينة، وإنما هي مجرد مشاعر تتزاحم في داخلي وأعبر عنها بمجموعة من الألوان والقلم.
معرض «إبداعات» هو أول معرض لكِ، بالرغم من وجودك على الساحة الفنية منذ وقت طويل، لم تأخر تنظيم أول معرض لك؟
- نعم، «إبداعات» أول معرض خاص بي، وكما ذكرتُ مسبقاً كوني كاتبة فإن الكتابة تأخذني من الرسم خاصة حين تكون هنالك مواضيع مهمة تهم الرأي العام، ولكني أشارك في كل سنة في معارض الرسم التي تقوم بها الوزارة، ولي أيضاً مشاركات بالخارج مثل الكويت، وما جعلني أبادر إلى عمل معرض خاص بي هو إمتلاكي عددا كبيرا من اللوحات في غضون 4 سنوات.
هل حقق المعرض ما تريدينه؟
- أجل، ولقد لاقى المعرض إقبالا كبيرا من المهتمين بالفن، وأنا سعيدةٌ كثيراً لأنني قمتُ بتنظيمه.
ماذا أضافت لكِ هذه التجربة؟
- في الحقيقة لم أكن أتصور بأنني قادرة على تحمل هذه المسئولية! وخصوصا أن المعرض تطلب مني تجهيز اللوحات وتلوين أطرافها من أجل الإطارات وعمل البوسترات والكتاب قد أخذ مني مجهوداً أنا سعيدة به.
لكل فنان ما يميزه عن غيره وأنتِ قد تميزتِ في لوحات التجريد، هل تجدين نفسكِ في هذه النوعية من اللوحات؟
- حقيقةً إن (التجريدي) كثيراً ما يؤنسني ويجعلني أنطلق وأحلق كطائرٍ حر. كما نعرف أنك قبل أن تكوني فنانة فإنكِ صحافية لها صيتها في مجال الاعلام.
حدثينا عن قلمكِ الصحافي وإن كان له فضل أو تأثير على مجالك الفني؟
- الصحافة لم تكن سبباً بدخولي الفن، وللعلم الصحافة بالنسبة لي موهبة وكنت أمارسها منذ كنت في عمر الـ 12 سنة اذ كنت اكتب المقالات، وقد شاركت آنذاك في مجلة (المجتمع) وأيضاً مع (الأضواء)، بعدها أخبرتُ والدي برغبتي في دراسة الصحافة وحرصتُ على أن أدرسها بالعربي؛ فوالدي كان يريدني أن أدرسها في لندن.
ما الذي يميز مقالاتك أو كتاباتك بشكل عام؟
- كل مقالاتي هي لمصلحة الناس، لا أجامل أحداً وأكتب ما لدي وما أريده، وحين أشعر برغبتي في الكتابة لابد لذلك القلق من مرافقتي أثناءها، وما أن تنطلق يدي بالكتابة أشعر أن أفكاري تسبق يدي في الكتابة وكأنه شيء ينهال من رأسي.
هل حل الفن مكان الصحافة عندك؟
- نعم، حيث أن الأربع سنوات الأخيرة قل إنتاجي في الكتابة.
في الختام كلمة من صحافية وفنانة تشكيلية للقراء الأعزاء...
- في نظري أن الكتابة عملية مقدسة، فمن خلال الكتابة أنت تساهم في توعية المتجمع وتطالب من أجل المجتمع وتعمل من أجل تطور حياة المواطن، لذا أقول للقارئ أن يكتب ما يؤمن به لأنه سيكتب ويعبر عما يجول بداخله وسيكتب بطريقته الخاصة التي ستميزه عن غيره من الكتاب.