آخبار عاجل

شينزو آبي .. خطوة للأمام .. بقلم: د: محمد مصطفى الخياط

25 - 09 - 2020 9:49 390

 

 

 

"لا يمكنني أن أكون رئيسا للوزراء ما لم أستطع اتخاذ أفضل القرارات للشعب، لذا قررت التنحي عن منصبي"، بهذه الكلمات اعتذر شينزو آبي، تحت وطأة مرض عضال عاني منه لسنوات، عن رئاسة الحكومة اليابانية، مفسحًا الطريق أمام منافسيه السابقين في الحزب الديمقراطي الحر، فى غضون أسبوعين، ومن خلال إجراءات محددة وسلسة وشفافة، تم انتخاب يوشيهيدي سوجا، خلفًا له.

 

تتشكل اليابان من أرخبيل؛ آلاف الجزر، لا يعرف مناخها استقرارًا، يتقلب على الجمر، آناء الليل وأطراف النهار. رغم أنف الجغرافيا، تأسست دولة قوية مترابطة تمدد مجالها الحيوي في محيطها الجغرافي وفرضت هيمنتها؛ احتلت العديد من الدول وضربت الأسطول الأمريكي في عقر داره في ديسمبر 1941 ردًا على العقوبات الأمريكية ضدها، فقررت أمريكا المشاركة في الحرب العالمية الثانية.

 

قبل أن تلفظ الحرب أنفاسها الأخيرة، وتُعلَن هزيمة قوات المحور؛ ألمانيا وإيطاليا واليابان، ثأرت أمريكا لكرامتها المهدرة في بيرل هاربور وضربت مدينتي هيروشيما ونجازاكي، دون رحمة، بالقنبلة النووية، مما اضطر الإمبراطور هيروهيتو لإعلان هزيمة اليابان، بعد ما وضعتها الأحداث على حافة الهاوية، انكمشت بعدها سياسيًا وعسكريًا وانكفأت تضمد جراحها في صمت وتمهد لهيمنة تكنولوجية اكتسحت بها الأسواق الأوربية والأمريكية، ووضعتها في مقدمة الدول العظمي اقتصاديًا، وإن لم تخل مسيرتها من تحديات.

 

في 11 مارس 2011 تسبب تسونامي مصحوبًا بزلزال بقوة 9 درجات على مقياس ريختر في مقتل نحو عشرين ألف شخص وتدمير البنية التحتية وانصهار الوقود النووي في ثلاث مفاعلات بمدينة فوكوشيما مما اضطر السلطات إلى إجلاء نحو 170 ألف شخص بسبب التسريبات الإشعاعية، خلاف اتخاذ قرار إيقاف كافة المفاعلات النووية؛ أكثر من خمسين مفاعلاً، أدت إلى عجز في إمدادات الطاقة الكهربائية. كالعادة، استدعت اليابان روح الساموراى وتكاتفت لعبور الكارثة، لتستعد المدينة المنكوبة؛ فوكوشيما، لاستقبال دورة الألعاب الأوليمبية العام المقبل.

 

كان شينزو آبي قد أعلن فى مايو الماضي التزام اليابان باستضافة الأولمبياد رغم جائحة كورونا، إلا أن المرض لم يمهله واضطر للتنحي بعد رئاسته الحكومة لأربع فترات. ولد آبي لعائلة سياسية، كان جده الأكبر جنرالاً في الجيش الإمبراطوري الياباني، ووالده أحد أبرز القادة السابقين للحزب الديمقراطي الحر، فضلا عن توليه عدة حقائب وزارية. والدته ابنة رئيس وزراء سابق. تلقي شينزو تعليمه في اليابان وحصل على بكالوريوس العلوم السياسية، ثم دراسات عليا في السياسة العامة من جامعة كاليفورنيا بأمريكا، عاد على إثرها وانخرط في العمل ببعض المؤسسات اليابانية قبل تفرغه للعمل السياسي أوائل الثمانينات ليتقاعد بعد نحو أربعين عامًا ويخلفه أقرب مساعديه، يوشيهيدي سوجا.

 

كان سوجا قد قرر الخروج عن نمط العائلة الزراعي والالتحاق بالجامعة ودراسة الحقوق، عُرف بأنه بني تاريخه باجتهاده الشخصي وفهمه لأصول العمل السياسي عبر مراحل مختلفة بدأها من أدني السلم؛ سكرتيرًا لأحد أعضاء البرلمان ثم الفوز في انتخابات المجلس المحلي لمدينة يوكوهاما، فعضوًا بالبرلمان، ثم وزيرًا للداخلية والاتصالات، وانتهاءً بمنصب الأمين العام لمجلس الوزراء قُبيل انتخابه بالأغلبية لرئاسة الوزراء. يعول الكثيرون على خبراته المتراكمة وعمله مع آبي عن قرب في تجاوز تحديات منها؛ انتخابات مجلس النواب العام المقبل وانخفاض شعبية الحزب وتباطؤ الاقتصاد الياباني وتداعيات فيروس كوفيد-19، وتعزيز الدور السياسي لليابان، وهو ما ستسفر عنه الأيام المقبلة. في الجانب المقابل حاز آبي، بعد إعلانه قرار التنحي، تقدير الجميع، وبدلاً من أن يخرجه الاعتزال من المشهد دفعه خطوة للأمام، فإفساح الطريق للآخرين لا يعني الغيابَ.

 

 

 



شبكة Gulf 24 منصة إعلامية متميزة تغطى أخبار دول مجلس التعاون الخليجي والوطن العربي والعالم تضم بين صفحاتها الرقمية وأبوابها المتنوعة كل ما تحتاجه لتصبح قريباً من ميدان الحدث حيث نوافيك على مدار الساعة بالخبر والتحليل ونسعى أن نصبح نافذتك إلاخبارية التى تمنحك رؤية راصدة تجعل العالم بين يديك ومهما كانت افكارك واهتماماتك. سواء في حقل السياسية، الاقتصاد، الثقافة

جميع الحقوق محفوظه لشبكه Gulf 24 الاخبارية

Gulf 24 © Copyright 2018, All Rights Reserved