تروجت في غرفة بالطابق العلوي من البيت العود تقع بالقرب من غرفة أمي وأبي في اليوم التالي من إنتهاء إحتفالات الزواج عاد يوسف إلي عمله أو بالاحري إلي تجارته ذهب مبكراً إلي دكانه وبقي فيه يبيع ويشتري حتي ما بعد الظهر حيث عاد إلي البيت يحمل معه تعب العمل وهمومه.
يومها كنت بانتظاره، هذه المرة كزوجة حريصة علي راحة وسعادة زوجها ومساعدته علي نسيان هموم العمل واستبداله بالراحة والدفء والاسترخاء جهزت له كل ما يحقق ذلك وأحضرت له الغداء حيث كنا في تلك الفترة نأكل كل ما يتم طبخه واعداده لجميع العائلات في البيت العود فأنا لا أطبخ وليس مطلوباً مني ذلك ، وإنما للبيت العود سيدة كبيرة وواحدة تشرف علي إعداد الوجبات وعلي توزيعها علي قاطني البيت حسب نظام الحصص المتبع والمتعارف عليه .
وبالاضافة إلي ذلك أوليت اهتماماً خاصاً بنفسي بملابسي وزينتي فأنا عروس ومتزوجة من ابن عمي الذي احببته وأحبني منذ نعومة اظافرنا أجل فزواجي من يوسف من الحالات القليلة والنادرة في خضم حالات الزواج التي كانت تتم في أيامنا والتي كانت معظهما تتم إما بناء علي رغبة الرجل وحده وقراره المنفرد أو بناء علي اختيار ( الخطابه) وموافقة أهل العروس لاسباب تتعلق بهم وبمصلحتهم واعتقاداتهم اكثر من ارتباطها برغبة واستعداد نابع من مشاعر البنت وفي الصفحات السابقة تطرقت إلي عدد من تلك الحالات التي تتزوج فيها البنت نتيجة لعوامل كثيرة ليس بينها المشاعر المتبادلة والمشتركة بين العروسين ولا التعارف المسبق الذي يعزز الرغبة ويجيش العاطفة ويجعل منهما الاساس القوي الذي يبني عليه الزواج ويحتمي به من التضعضع والإنهيار.
كان اليوم الأول أو التالي لزواجنا عادياً وهادئاً وجميلاً اختار فيه كل واحد منا مسئولياته الزوجية والمنزلية وعلاقته بالطرف الاخر اختار يوسف عملياً وبلا شرح ولا كلام أن يهتم بعمله ويركز علي تجارته واخترت أنا أن أكون زوجة وربة بيت أهتم باحتياجات بيتي وزوجي من جميع النواحي وبعد ذلك أتكفل بمتطلبات العيال وتربيتهم توزيع المهام جاء هكذا بدون اجتماع ولا اتفاق شفوي أو مكتوب إنما بتفاهم عفوي نبع بنفسه من فيض المشاعر والعشرة الطويلة بيننا منذ كنا صغاراً.
وبالتالي بناء علي هذا لفهم لطبيعة شخصية زوجي واهتماماته قمت بالتكيف معها وبعمل كل ما من شأنه أن يساعده علي تحقيق اهدافه والنجاح في تجارته فلم أكن أساله عن حركته وتنقلاته ولا عن وقت انصرافه وعودته إلي البيت ولم اطلب منه شأناً من شئون المنزل أو يتعلق باحتياجاتي واحتيال العيال فيما بعد فكل هذه هي مسئولياتي وكلانا يفهم ويدرك ذلك جيداً.
لكن هذا لا يعني أبداً أن يوسف زوجي كان مشغولاً فقط باعماله وبكيفية جمع المال وتوسيع تجارته والحصول علي وكالات وعملاء جدد وأنه لا يدري أي شيئ يدور داخل عائلتة الصغيرة وعائلته الكبيرة الشاغلة للبيت العود فالصحيح أن يوسف زوج عطوف محب وأب حنون يطمئن علي أولاده قبل أن يغادر البيت في الصباح المبكر ويسأل عنهم بعد أن يعود بل يجالسهم ويلعب معهم ويتأكد أن الجميع في صحة جيدة أو أن حال المريض منهم قد أصبح أفضل .
قدوم فاروق
مكثنا في البيت العود عامين تقريباً رزقناالله فيهما بمولود صبي أسميناه فاروق لحظة ولادته كانت مفعمة بالفرح والسعادة بالنسبة ليوسف ومن شدة فرحته اعطي زوجه كانو التي كانت أول من أبلغته بالخبر السعيد اعطاها البشارة ١٠ روبيات ولادتي لفاروق كانت سهلة وموفقة مقارنة بالكثير من الولادات التي تتم في الماضي وقد تمت علي يد الدكتورة نجمة في المستشفي الامريكي وهي طبيبة امريكية جاءتني في البيت وهي تلبس عباءة مثل النساء البحرينيات فالمعروف في ذلك الوقت أن الاطباء والطبيبات الاجانب بالمستشفي الامريكي اتخذوا اسماءً عربية إلي جانب أسمائهم الاجنبية كما ارتدوا الملابس البحرينية وذلك كما يقال من إجل الاندماج مع ابناء البلد الذين ينفرون منهم ويتهمونهم بممارسة التبشير من ناحية ومن أجل تعزيز ثقة المجتمع بالنساء الطبيبات اللواتي يتولين التوليد في المستشفي أو في البيوت إلي جانب العلاج من الامراض السائدة في ذلك الوقت .
ومن الاسماء المشهورة للطبيبات الاجنبيات الدكتورة نجمة والدكتورة لطيفة والدكتور لويس ديم والدكتور بول هاريسون وغيرهم من الاسماء الذين استطاعوا اكتساب ثقة ومودة المرضي البحرينيين وخاصة النساء الراغبات في الولادة ذلك أن المستشفي الامريكي عاني بعد افتتاحه من عزوف النساء البحرينيات عن الذهاب للولادة في هذا المستشفي الحديث وربما لجهل الاهالي بالامكانيات الطبية المتوفرة فيه ولمنع المرأة من