فيما يُشبه المعجزة الحقيقية، تعافى البنغالي المقيم في الدولة، أبوطاهر إسماعيل من فيروس «كورونا» المُستَجَد، والمعروف أيضاً باسم جائحة «كوفيد-19»، بعد أن أمضى 115 يوماً في وحدة العناية المُرَكًزَة بمستشفى «لايف كير» بأبوظبي.
وبذلك، يصبح إسماعيل واحداً من مرضى «كوفيد-19» في الدولة الذين قضوا أطول فترة زمنية في الشفاء من مضاعفاته.
وقال د. أبيش بيلاي، الطبيب المتخصص في أمراض الكُلَى بمستشفى «لايف كير» في تصريحات صحفية: «يبلغ إسماعيل من العمر 55 عاماً، وهو مصاب بداء البول السكري وارتفاع ضغط الدم. وعلاوة على ذلك، عانى من مضاعفات في الكُلَى بعد إصابته بعدوى «كوفيد-19». وفي هذه الحالات، تتراوح احتمالات وفاة المريض بين 75% و90%. لذا، فهو أمر مُذهِل حقاً أن نراه اليوم يمشي على قدميه، ونأمل أن تشهد حالته مزيداً من التحسن بمرور الوقت».
وكانت إصابة إسماعيل بعدوى «كوفيد-19» بمثابة محنة حقيقية له وكذلك لنجله أبو بكر الصديق، الذي يبلغ من العمر 20 عاماً، والذي اصطحب أباه إلى المستشفى بعد 10 أيام من تاريخ إصابته بالعدوى.
وقال أبو بكر: «شعر أبي بالإعياء لمدة تجاوزت أسبوعاً، كما انعدمت شهيته للطعام تماماً. وعندما بدأ يشكو أيضاً من صعوبة في التنفس، اصطحبته إلى المستشفى».
وبدوره، أفاد د. كارثيكيا تشينياه، المتخصص في طب الطواري لدى «لايف كير» أن إسماعيل خضع للفحص في المستشفى، وسُرعَان ما وُضِع بعد ذلك تحت جهاز التنفس الصناعي.
وقال تشينياه: «كان إسماعيل يعاني من أعراض تقليدية كالحمى والسعال، كما كان مستوى تشبعه بالأكسجين منخفضاً، إذ لم يتجاوز 80. كما شكا أيضاً من صعوبة شديدة في التنفس، فجرى تزويده على الفور بأنبوب التنفس».
وفي غضون ذلك، كان إسماعيل يخضع لعلاج «كوفيد-19» العادي، بحسب تعليمات السلطات الصحية في الدولة، والذي يتضمن تناول أدوية مضادة للفيروسات لمدة 10 أيام وجرعتين من العلاج بالخلايا الجذعية.
وأثناء خضوع إسماعيل لمتابعة طبية مُكَثًفَة، لاحظ الأطباء المُكَلًفون بمتابعته أنه لم يتبول لمدة تجاوزت 24 ساعة.
وقال د. بيلاي: «بدأنا حينئذٍ في إخضاعه للغسيل الكُلَوِي، إلا أنه لم يستطع أن يتحمله بسبب تعرضه لانخفاض حاد في ضغط الدم. وعليه، قرر الفريق الطبي المُعَالِج أن يلجأ إلى علاجه بطريقة الاستبدال الكُلَوِي المُستَمِر، وهي طريقة لتنظيف الدم من السموم يستخدمها الأطباء مع المرضى داخل وحدات العناية المُرَكًزَة عندما لا يتحملون الغسيل الكُلَوِي العادي».
وأضاف د. بيلاي: «يعتمد الاستبدال الكُلَوِي المُستَمِر على غسيل الكُلَى بصفة مستمرة طوال 24 ساعة، وليس لمدة ثلاث أو أربع ساعات فقط، كما في الغسيل الكُلَوِي العادي. وفي حالة إسماعيل، استخدمنا معه الاستبدال الكُلَوِي المُستَمِر لمدة 300 ساعة، أي حوالي 15 يوماً كاملاً».
وأفاد د. بيلاي بأن الكُلَى لدى إسماعيل بدأت تتعافي، ثم تعمل بشكل طبيعي في إفراز البول بعد حوالي أسبوع من انتهاء الاستبدال الكُلَوِي المُستَمِر. وعلاوة على ذلك، فإن نتيجة اختبار «كوفيد-19» أصبحت سلبية، وظلت كذلك، إلا أنه ظل خاضعاً للتخدير وأيضاً للتنفس الصناعي.
وظل إسماعيل غائباً عن الوعي لما يزيد على 30 ساعة أخرى بعد تعافي الكُلَى. وكان سبب غيبوبته هو حاجة الأطباء إلى تخديره كي لا يشعر بالألم بسبب التنفس من الأنبوب الذي يمر عبر فمه. واضُطُرً الأطباء إلى إجراء جراحة لثَقب القصبة الهوائية كي يتمكنوا من إبقاء إسماعيل على جهاز التنفس الصناعي بعد إفاقته من الغيبوبة.
وقال د. تشينياه: «استعاد إسماعيل وعيه أخيراً بعد 10 أيام أخرى من إجراء جراحة الثَقب. كان يهذي بعد إفاقته، ويعاني ضعفاً شديداً. فاحتاج استبدالاً للسوائل وتغذية كي يجتاز هذه الحالة، وهي حالة اعتلال عصبي حاد قد يعانيها المرضى بعد اجتيازهم مراحل علاجية حَرِجَة».
وأضاف د. تشينياه: «أتم إسماعيل بعد إفاقته حوالي شهرين، إلا أنه ظل يتلقى علاجاً طبيعية، بالإضافة إلى التغذية».
وبعد حوالي 100 يوم إجمالية في المستشفى، بات إسماعيل أخيراً جاهزاً للخروج والعودة إلى منزله، إلا أنه تعرض لانفجار مفاجئ في المرارة قبل خروجه.
وقال د. تشينياه: «كان إسماعيل في حالة ضعف شديد، ولم تكن رئتاه لتتحملا التخدير مُجَدًداً. لذا، استخدمنا قسطرة لتخليص جسمه من الصديد الناتج عن انفجار المرارة».
وبعد هذه الرحلة العلاجية الطويلة، التي استمرت داخل المستشفى 115 يوماً، خرج إسماعيل من المستشفى على قدميه وعاد إلى بيته في يوم الــ 31 من أغسطس الماضي، وصار قادراً على تناول الطعام بشكل طبيعي.