يا لشهرزاد ومكرها، لمح علاء الدين الأميرة في السوق والتقت عيناهما للحظة، ومع هذا أقنعت شهريار أنها كانت كفيلة بإغراقهما فى بحر الحب وأن يخوض علاء الدين، من أجل هذه النظرة، الأهوال ليعود بمهرها. وقع فى هواها ولم يلتفت لمكانتها وأنها عزيزة المنال. وكانت تعرف أنه أحد رعايا أبيها. لم يهتم الاثنان باختلاف المكانة الاجتماعية بينهما، هي انشغالاً بالحب عما سواه، وهو ثقة في قدرات الجني، والجني مشغول بأمنيته يتلهف لمن يحققها له !!.
فى النسخة الأمريكية من الفيلم، يتعرف علاء الدين على فتاة فى السوق، ويعجب بها، فتُخفي شخصيتها عنه، وتخبره أنها وصيفة الأميرة، فيحتال للدخول للقصر حتى يراها، غير مبال بما يواجهه من أخطار، سلوك يتناسب وثقافة راعي البقر، (الكاوبوى)، الأمريكي المغامر.
يُعد (الكاوبوي)؛ بشجاعته ومهارته فى استخدام الأسلحة النارية، رمزًا لثقافة أمريكية خليط من ثقافات شتي؛ أوربية وإفريقية ولاتينية وآسيوية، تأسست على يد المهاجرين الأوائل، وما زالت قوافلهم تحط رحالها على شواطئ المسيسيبي تباعًا، وتتطلع بعيون مُتعبة أضناها اليأس ويحثها الرجاء إلى تمثال الحرية. مهاجرين تركوا أوطانهم وقصدوا بلدًا غريبًا، رسموه بفرشاة خيالهم مدينةً فاضلة، حتى إذا ما هبطوا أرضها نحتوا مستقبلهم في كَبِدِ الصخر، فلا مصابيح سحرية هناك ولا سندباد.
أثارت قصص ألف ليلة وليلة خيال الفنانين؛ أبدع الموسيقى الروسي نيكولاي ريمسكي كورساكوف سيمفونيته شهرزاد، وتحول أحد مقاطعها مقدمة لمسلسل إذاعي استمر لأكثر من عشرين عامًا تبدأ حلقاته بالجملة السحرية (بلغني أيها الملك السعيد). وامتد سحر الليالي إلى السينما العالمية للتعبير عن ثقافة سكنت الشرق وتأبي أن تغادره، فكانت أفلام لص بغداد، على بابا، السيف الذهبى، رحلات السندباد السبعة، وعلاء الدين، وغيرها من أفلام عكست بصمة المؤلف والمخرج على أحداث القصة الأصلية.
فى النسخة العربية للقصة، اعتمد علاء الدين على نفسه عندما سُرق المصباح السحري، لذا كان أول ما فعله الملك بعد عودته مُظَفَرًا بمهر ابنته أن أمر بالتخلص من المصباح، أيقن أن في بقاءه خطر على شعبه؛ سوف يحاول كل منهم الحصول عليه ليحقق ما يحلم به، والجني يُنفذ ما يؤمر به؛ خيرًا كان أو شرًا. بالمقابل، سلك الشاعر جمال بخيت نفس المسلك فى مسرحيته الغنائية (عِندريلا)، ينتظر شعب مملكة أحلامستان يوم العيد لتلبي لهم سندريلا أمنياتهم فكانت النتيجة مملكة بلا أركان ومجتمع من الكسالى ومساجين الأحلام السعيدة. إذًا تخلص الملك من المصباح السحري حفاظًا على مملكته، وربما على مركزه أيضًا، ودعا شعبه للاجتهاد وتحقيق ما يحلمون به بأنفسهم، وأن ينسوا أمر الجني، فَسَعِدَ الناس إذ صاروا جميعًا سواسية، ولكن للنسخة الأمريكية شأن آخر.
حقق الجني أماني مالكيه وعجز عن تحقيق أمنيته الشخصية، من هنا جاءت الأمنية الأخيرة لعلاء الدين فى النسخة الأمريكية مخالفة للتوقعات، لم يطلبها لنفسه بل للجني الذي ساعده فى مواجهة العديد من المواقف الصعبة، فتمني تحوله لإنسان. حَلُمَ الجني أن يعيش كإنسان بسيط يُعمر الأرض بعرقه وليس بقدرات خارقة. يتساند وزوجته لتربية أولادهما ويراقبان أحفادهما بعين السعادة. عجيبٌ أمر خلقك يا الله !!.
ضحي علاء الدين بآخر أمانيه ولم يفكر فيما يمكن أن يطلبه ويتحقق له من فوره، لم يفكر في مستقبله وحده بل ومستقبل من وقف إلى جواره، في الجني، آثره على نفسه. ما أجمل أن تعيش سعيدًا، لكن الأجمل أن تكون سببًا لسعادة الآخرين.