رحم الله حضرة صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصُباح أمير دولة الكويت الشقيقة، مثواه الجنة ورضوان النعيم، إنه الأمير الذي أحب بلاده وأخلص لها وشمل حبه لأمته العربية والإسلامية، وخص العالم بإنسانيته فكان بحق أمير الإنسانية، قدر الكويت أن تكون في مقدمة من يقدمون المساعدات الإنسانية ومن يقفون مع الحق وحماية الأوطان بتنميتها وإيجاد المشاريع التي تدعم التنمية المستدامة بمؤسسات قائمة على العلم والفهم والاستيعاب بمشاريع مدروسة عبر صناديق سيادية محددة الأهداف والغايات وتقديم يد العون والمساعدة لبلدان عربية شقيقة ودول أفريقية وآسيوية صديقة.
المغفور له الراحل الكبير صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصُباح خبر السياسة والمتغيرات الدولية والصراعات الفكرية والعقائدية والسياسية، فقضى من عمره الكثير وزيرًا للخارجية فكان صاحب خبرة ورأي سديد وكان نظراؤه الوزراء من كل أنحاء العالم يقدرون رأيه وحكمته وتوصله إلى أفكار وآراء تفيدهم في التغلب على المشاكل التي تواجههم، ظلت ابتسامته تنم عن عمق شخصيته وتفاؤله وأريحيته في معالجة المشاكل، لم يعرف الحقد إلى قلبه طريقًا ولم يخاصم رغم التحديات التي واجهها، ظل إيمانه قويًا بأمته وبرسالتها وبدورها على مختلف الأصعدة، حتى وهو الأمير الوالد كانت السياسة تشغل باله كثيرًا، ولمَ لا فالكويت منذ نالت استقلالها وهي ساعية إلى أن يكون لها الدور المؤثر في الساحة الدولية، فتصدى لهذا الهدف الراحل الكبير منذ توليه وزارة الخارجية، فكانت وزارة الخارجية الكويتية مدرسة من المدارس التي شهدتها بعض دولنا العربية.
كان إيمان سموه يرحمه الله بمؤسساتنا القومية راسخًا وثابتًا معززًا بالأقوال والأفعال فكان الداعم لجامعة الدول العربية مؤمنًا بأهدافها وغاياتها، وكذلك منظمة المؤتمر الإسلامي ومجلس التعاون لدول الخليج العربية، بالإضافة إلى الأمم المتحدة ومنظماتها الدولية، ومجلس الأمن خصوصًا عندما كانت الكويت عضوًا مراقبًا عن الدول العربية. لمدة سنتين ظلت لغة الحوار والتفاهم والأخذ والعطاء ماثلة في فكر سموه يرحمه الله وزيرًا للخارجية وأميرًا لدولة الكويت...
عرفت دولة الكويت منذ العام 1968م طالبًا ينشد العلم والمعرفة، وإذا بجامعة الكويت الفتية وقتها تضم خيرة الأساتذة والعلماء من الوطن العربي والعالم في مختلف التخصصات فلم تبخل على طلبتها بخبرة هؤلاء الأساتذة، وكانوا بحق نجوم في مجالات تخصصاتهم وفي الكليات العلمية واللغات والأدبية والاقتصادية والقانونية، بالإضافة إلى الأساتذة الزائرين من شتى جامعات العالم.
وكان الطلبة أيضًا من كل الدول العربية والآسيوية والأفريقية وكانت تجري عليهم دولة الكويت المنح والمكافآت مع توفير كل لوازم العيش الآمن المستقر من سكن وغذاء ومواصلات، ولوازم الدراسة بما فيها مكتبة خشبية صغيرة بها مراجع أساسية للتخصص في كل الكليات القائمة يومئذ، كانت التجهيزات الجامعية على أرقى مستوى، وقد نال المتفوقون كل عام الحاصلين على امتياز وجيد جدًا مكافأة مالية مقطوعة عن كل سنة لحين التخرج، وفي حفل التخرج كان أمير الكويت هو من يكون حفل تخرج الطلبة الجامعيين تحت رعايته في مقر الجامعة بالخالدية بالمسرح الكبير، وأيامي تسلمت شهادتي من المغفور له بإذن الله تعالى صاحب السمو الشيخ صباح السالم الصباح أمير دولة الكويت 1965-1977م.
علاقات بلادي مملكة البحرين مع دولة الكويت راسخة الأركان متجذرة، فآل خليفة الكرام حُكام مملكة البحرين هم أبناء عم لآل صباح الكرام، والعلاقات وثيقة وثابتة وراسخة امتدت إلى عهد المغفور له بإذن الله تعالى صاحب العظمة الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة حاكم البحرين وتوابعها والمغفور له بإذن الله تعالى الشيخ عبدالله السالم الصباح أمير دولة الكويت 25 فبراير 1950-27 نوفمبر 1969م طيب الله ثراه.
وهي قد تواصلت إلى عهد المغفور له بإذن الله تعالى صاحب العظمة الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة أمير البلاد الراحل طيب الله ثراه مع حكام الكويت صاحب السمو الشيخ صباح السالم الصباح يرحمه الله، وصاحب السمو الشيخ جابر الأحمد الصباح يرحمه الله، وامتدت هذه العلاقة الى هذا العهد الزاهر عهد حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه.
إن زيارات صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الموقر حفظه الله ورعاه سنويًا في شهر رمضان لأمير دولة الكويت تعد رمزًا لعمق العلاقة بين آل خليفة وآل صباح، يستشعرها ويقدرها أبناء مملكة البحرين ودولة الكويت لما لها من أثر في تقوية العلاقات بين البلدين الشقيقين، وكذلك زيارات صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء.
ستظل ذكرى ومناقب الراحل الكبير صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت خالدة في وجدان الأمة، وأفعاله ستكون بإذن الله نبراسًا لكل من يريد أن يخدم وطنه وأمته.
إن صاحب السمو الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت حفظه الله ورعاه هو من ذات مدرسة الراحل الكبير، وفقه الله وسدد على طريق الخير خطاه لبلوغ أهداف وغايات دولة الكويت الشقيقة وأمته العربية والإسلامية، لتظل راية الكويت خفاقة في سماء العز والرفعة والنماء.
وعلى الخير والمحبة نلتقي..