يشهد موقع الخليج 24، خلال الفترة المقبلة نشر فصول من كتاب " حكايات شارع حسن المأمون، لـ الكاتب الدكتور محمد مصطفى الخياط".
ويقوم الموقع غدًا بنشر أول فصول كتاب " حكايات شارع حسن المأمون".
حكايات شارع حسن المأمون
تدور الأحداث بين منطقتي عين شمس، وتحديدًا محيط شارع أحمد عصمت، ومدينة نصر، شارع حسن المأمون، بالقاهرة. يقترب موعد خروج عبد الله الراوى إلى المعاش فيقرر أن يشغل نفسه بعمل ما، يتذكر محاولاته الساذجة فى الكتابة ونشره بعض الرسائل فى بريد القراء بالصحف وكتب لم تلق أى منها رواجًا يذكر، حتى لدى من أهداهم إياها، ومع إصراره بأن من نالتهم الشهرة لم يحصلوا عليها إلا بضربة حظ والقدرة على الوصول إلى الشاشات، يقرر كتابة حكايات الشارع الذى يقيم فيه والشوارع المحيطة به منتظرًا أن يتهافت عليه مخرجو السينما ليحولوها إلى فيلم.
يفتتح الراوى، حكاياته بوصف عام للمنطقة ونشأتها وتغير ملامحها مع مرور الوقت وذكر لبعض السكان والمعارف، ومن هنا تتسلل القصص التى يحكيها بأسلوب أشبه للسرد الذاتى، تتشابك خيوطها حينًا وتنفصل حينًا آخر، وتتنوع الشخصيات بين ذوى المناصب ومهمشين مؤثرين فى حياتنا. نزل فرج القاهرة للعمل فى المحافظة بعد ما توسط له البيك الكبير، تسلم عمله فى شارع حسن المأمون مسئولًا عن جزء من الجزيرة التى تفصل جانبى الطريق، يهتم بزراعتها ويرعى زهورها ومع الوقت أحس أنها ملكه الخاص، لذا كاد عقله يطير عندما رأى اللودر يأكل خديها كأنه يقتطع من جسده وتتوالى الأحداث.
فى نهاية الشارع، حيث النادى الأهلى، تعرض القصص زخم تنوع بشرى، تحول سيد الأوانطة المقيم بعين شمس من النصب إلى سايس سيارات أمام النادى ومع توسع العمل صار يتابع صبيانه ويدير أعماله مستظلًا بأحد أشجار فرج باسطًا نفوذه على الشارع، فأم محمد بائعة الشاى تدفع له شهرية مع بعض أكواب الشاى اليومية، وكذلك أهداب السورية التى يقع إبراهيم القطة، أحد صبيانه، فى حبها، لكنه يلقى معارضة أمه لرغبته الزواج من أرملة لديها طفلان وغير مصرية. سميحة التى تقطن فى عين شمس وتحلم بالوظيفة الشيك والشلة الثرية، وفيزا لا تعرف حدودًا للصرف انتهاءً بحملها لقب لقب سميحة مفارش، نسبة إلى طبيعةعملها، تقول سماح:
"
صورتي بالتايير الماركة، والسماعات في أذنيّ والشنطة النين ويست "Nine West" والتابلت الآبل "Apple"، والمج الحرارى "Thermal Mug" للقهوة الفرنسية، وقطع الشيكولاتة السويسرية، ابتسامة السائق، خطواتي الهادئة الواثقة كعارضة أزياء محترفة، ابتسامات زملائي، هاي وقبلات الصباح على وجنة واحدة لشوشو ولولو وريري، رائحة البرفانات والكريمات العالمية تعبق الأتوبيس وتنقلك إلى عالم آخر، موسيقى هادئة تتسرب في أركان الباص، أحاديث باسمة ضاحكة تطغى على انشغالات العمل.
- هه .. ها تعملي إيه النهاردة؟
- عندي شوبنج، محتاجة لبس وآكسيسورز "Accessories"
- خلاص، أنزل معاكي، ..
- ياي .. فانتاستيك (وقبلات على الوجنتين).
- نتغدا سوا في "أستوديو مصر"، ونشرب نسكافية في "كوفي كومباني Coffe Company"، وبعدها نخربها شوبنج، ها ها ها.
- ها ها ها.
- هايل .. (التفت بوجهي نحو ريري وأسألها)، تيجي معانا، فترد مبتسمة.
- ياي .. بلدي .. انتوا لسه بتشتروا من هنا، أنا لما احب اعمل شوبنج تذكرة وطيران على دبي، باريس، لندن، This is my way
- الفيزا شكلها دفيانة.
- دادي مش بيأخر عني حاجة، صحيح مودى جوزي وحبيبي بيلبي كل طلباتي، والبركة في أنكل، لكن شوبنج يعنى دادي.
ننفجر في ضحك صافٍ بلا مواجع ولا هم كيلو السكر زاد جنيهًا، والتموين مكرونة فقط، والجري خلف ميكروباصات شارع العشرين-ألف مسكن، وتحمل رزالة الزحمة، وآسف يا آنسة، هو حضرتك من هنا، وبارفانات العرق الملزق المخلوط بتراب الشارع وهباب السيارات. ما تخيلته ليس أوهام أو أحلام، فيه ناس تعيش بهذه الطريقة، فيه ناس همومها كيف تصرف، وناس همومها كيف تكسب جنيهًا."
وتتوالى الأحداث وتتشابك مع تعدد الشخصيات وخلفياتها، الدكتور عقل صاحب المركز المرموق، رضا الخضرى وزواجه من زميلة الجامعة بعد الستين، حباطة وحلم امتلاك كلب بوليسى يتحول إلى كارثة للشارع تكشف المتعاطين، أهداب السورية ورحلة عذاب طويلة بداية من فقد الزوج فى الحرب إلى الهجرة إلى مصر والعمل فى بيع الحلويات إلى الهجرة، مرة أخرى، إلى أوربا، وغيرهم من شخصيات تكشف لنا مستويات مختلفة من المجتمع.