فجعت مملكة البحرين يوم الأربعاء 11 نوفمبر 2020 كما فجعت الأمتين العربية والإسلامية بوفاة فقيد الوطن صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء مثواه الجنة ورضوان النعيم، فقد بكت العيون وتوجعت القلوب لفقد أحد مؤسسي البحرين الحديثة في مختلف المجالات.
كان تقلده يرحمه الله لمناصب كثيرة في صباه ثقة من والده المغفور له بإذن الله تعالى صاحب العظمة الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة حاكم البحرين وتوابعها طيب الله ثراه، فكان المرحوم عند مستوى المسؤولية، فاكتسب الخبرة والتجربة في المجالات التنموية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والصحية، أحب الوطن فكان مع شقيقه المغفور له بإذن الله تعالى صاحب العظمة الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة الأمير الراحل طيب الله ثراه متلازمين، يلتقيان تقريبًا يوميًا في دار الحكومة للتشاور وتبادل الرأي، واستقبال المواطنين والاستماع إليهم، وكذلك مقابلة الوفود الرسمية التي تزور البلاد، وكان فقد شقيقه شكل ألمًا بالغًا عليه، لكنه وجد في حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه السلوان والإخلاص والوفاء، فكان حب العطاء والبذل عنوان المرحلة، خصوصًا عندما أطلق صاحب الجلالة الملك حفظه الله ورعاه المشروع الوطني الإصلاحي ووجد هذا المشروع الترحيب من قبل سموه يرحمه الله كما تلقت البحرين وشعبها هذه الانطلاقة الوطنية لتبدأ مملكة البحرين مواصلة العطاء المخلص للوطن والمواطنين، وظل صاحب السمو الملكي الأمير خليفة متواصلاً مع المواطنين والرسميين في مجلسه الأسبوعي بدار الحكومة بالمنامة ومن ثم في قصر القضيبية حيث ديوان سمو رئيس الوزراء...
كان سموه يرحمه الله الحريص على هذا اللقاء الأسبوعي مع مختلف شرائح مجتمع مملكة البحرين، يستمع إلى الآراء التي يبديها المواطنون بكل ما عُرف عن سموه من إطلاع وعلم ومعرفة بمكونات المجتمع البحريني، ويشجعهم على الصراحة والشفافية لأنه يرحمه الله من المؤمنين بأن المصارحة تجعلنا أقرب إلى الحل، وتجاوز كل السلبيات.
وقد يفاجأ سموه الجميع بأنه اطلع على ما كتب في صحافة يوم اللقاء قبل الآخرين، فكان يشجع الناس على قول ما يؤمنون به ويعتبرونه مقلق لهم ينشدون من سموه الحلول الناجعة.. فالكل كان يحرص على حضور المجلس الأسبوعي لأن فيه الفائدة والمنفعة الوطنية، وهذا الحرص من أبناء البحرين وقيادتها نابع من إرث حضاري وثقافي تاريخي ربط العائلة الحاكمة الكريمة بأبناء الشعب أبًا عن جد، ولعل ذاكرة الوطن تحمل في طياتها سواء بالصور أو بما كان يرويه الأجداد والآباء في معايشة حميمية بين الحاكم والرعية، وهذا والحمد لله سيستمر بإذن الله، من أجل الوطن والمواطنين، فالعطاء الوطني المخلص يتجدد دائمًا والمعطيات الحضارية الطارئة تستلزم المواكبة والمعايشة وهذا ما اعتادت عليه مملكة البحرين المؤمنة برسالتها السامية ودورها التاريخي المشهود على المستوى المحلي الوطني والقومي وإدراك واعٍ لرسالة مملكة البحرين نحو أمتها العربية والإسلامية ورسالتها للعالم، وما المشاريع القومية والإنسانية التي تبنتها مملكة البحرين باسم جلالة الملك حفظه الله ورعاه وأصبحت لها سمعتها العالمية في المحافل الدولية كمنظمة الأمم المتحدة وهيئاتها المتخصصة والمنظمات العربية والإقليمية والدولية كجامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي ومجلس التعاون لدول الخليج العربية. كما أن فقيد الوطن صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء ستظل الجوائز التي باسمه باقية لأن الإيمان بها كان عن قناعة راسخة بأهمية وضرورة أن تتبنى مملكة البحرين مثل هذه الجوائز الإنسانية التي ستظل بإذن الله خالدة في سماء العطاء الوطني الإنساني كما كانت جائزة الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة لخدمة الإنسانية.
المغفور له بإذن الله تعالى فقيد الوطن رسَّخ في ذهن المواطنين البحرينيين قيمة العطاء الوطني، فكان سموه يرحمه الله دائم السؤال حتى عن أمورهم البسيطة والعائلية فكان القريب للناس يشعر بهم، وكان الحاث على أن يعبر المواطن عن آرائه، لأنه يرحمه الله من المؤمنين بأن المخلصين من أبناء الوطن حري بأن يستمع إلى آرائهم، فكان التواصل المباشر طريقاً للتغلب على المنغصات وتجاوز السلبيات، والحوار الدائم في المجتمع الهادف للخير يجد دائمًا من يستجيب لأن الوطن بحاجة إلى هؤلاء المخلصين الذين يضعون المصلحة العامة فوق أي اعتبار، وعزاؤنا فعلاً هو أن نسير على نهج المغفور له بإذن الله تعالى وذلك بالعمل الوطني المخلص وأن تكون أيدينا جميعًا كمواطنين لخدمة الوطن ولما فيه المصلحة العليا مستظلين بالعهد الزاهر لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه، ومؤمنين برسالة ومشروع صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد الأمين نائب القائد الأعلى رئيس مجلس الوزراء حفظه الله ورعاه والذي أطلقه من أجل التنمية المستدامة 2030 لتسير مملكة البحرين نحو النماء والبناء بمشاركة وطنية مخلصة وأمينة.
رحم الله صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء ومثواه الجنة ورضوان النعيم.