منذ سنوات طغى الفكر الضال والتطرف والتهور في بعض ردات الفعل نحو أحداث عدة حدثت في مستوى الإساءة للإسلام أو إلى الأنبياء والرسل.. الأمر الذي أساء للدين، وإلى الأخلاق التي أوصى بها شرعنا الحنيف في مواجهة الآخر إذا تعدى على رمز من رموز ديننا أو الإساءة إلى الإسلام. وبحكم وجودي أكثر من ثلاثة عقود في فرنسا، وجولاتي العملية في دول غربية عدة، وتعايشي مع المجتمعات هناك، لمست أن هناك احترامًا للدين الإسلامي وللشعائر، وأيضًا أسهم الانفتاح الثقافي والفكري بين الشعوب في معرفتهم بقيمة الإسلام ومعانيه السامية وتوجيهاته التي تصب في صالح الفرد والمجتمع؛ الأمر الذي رفع معدلات المسلمين في أوروبا، وقلل أيضًا من النظرة السوداوية المرتبطة بالعنف والتطرف التي أفرزتها أحداث 11 سبتمبر. وقد عانى المسلمون بعدها كثيرًا حتى عادت الأمور إلى طبيعتها بعد أن خفت معدلات الإرهاب في الغرب، وتم محاصرة القاعدة والجماعات المحظورة، واعتقال أرباب الضلال من قادتها.
وبعد الحدث الأخير الذي أوضح فيه الرئيس الفرنسي وجهة نظره وتداعيات خطابه إلا أن هناك العديد من الأحداث التي أعقبت الأمر مما سيوسع الفجوة بين العلاقة المبنية على احترام الأديان بين القارات التي يجب أن تعود إلى ما كانت عليه من الصفاء والود والاحترام المتبادل.
وديننا الإسلامي يوصينا بالخطاب المعتدل، ويوجهنا بالتعامل الحسن مع كل الديانات. وهذا أمر يجب أن يتم توظيفه وإشاعته وتوعية الجميع به، وخصوصًا الجاليات المسلمة في الخارج، وأيضًا في كل البلدان، أن ردة الفعل تجاه الإساءة يجب أن تكون بالحكمة والموعظة الحسنة والتوجيه السليم بعيدًا عن التهور والاستعجال وإلباس المسلمين لباسًا لا يعكس جوهر دينهم وأخلاقهم، ويعمم النظرة السلبية من جديد مما يعيد الخوف والحذر والتباغض إلى مستوياته السابقة.
الأمر مرتبط بالسفارات والقنصليات وجهات الدين ومنصات الرأي في كل البلدان بأن توعي الناس بأهمية احترام الديانات وضبط النفس، والتعامل بروية وبالخطاب والحوار المعتدل الواعي الإنساني أمام أي حدث حتى نحقق مقتضيات وأهداف ديننا الحنيف الذي ينبذ العنف ويمقت التطرف ويشيع الإحسان والتسامح والتصالح مع كل فئات البشر، وتقويم الأخطاء بالطرق السليمة الواعية المبنية على الدين والعقل والمنطق.