استطاع الماليزيون بجدهم وتخطيطهم من نقل «فن الباتيك» أي «فن الرسم على القماش» من مجرد كونه صناعة يدوية تراثية محلية... إلى جعله صناعة تنتشر عالمياً على يد مصممي الأزياء الإيطاليين العالميين... إذ ركز المصمم العالمي الإيطالي روبرتا ديكامرينو في أزيائه هذا العام على أقمشة الباتيك... فأبدع بما قامت به الأيدي الماهرة المدربة من الماليزيين الذين تتشكل غالبيتهم من النساء... في تصميم موديلاته لموسم الصيف تحت إشراف خبرائه ليصل عملهن الفني إلى مستوى الحرفية الإيطالية العالمية فكانت أزياؤه رمزاً للرقي والجمال من خلال «فن الباتيك» الذي شاهدت عروضه في مجلاتهم.
وعملت مصممة أزياء إيطالية عالمية هي ماريلا فيريرا على الاستفادة من الرسم اليدوي المتقن للعاملين والعاملات الذين قاموا بتطبيق ما يضعه المصممون من رسومات على القماش والجلود عملن على إتقانها تحت إشراف خبرائها لتشمل به عروضها للأقمشة والأحذية والشنط الجلدية هذا العام بتوافق في الألوان وصل إلى مستوى تقني عالمي... واستخدم مصممو أزياء «فندي» المعروفة العالمية أقمشة «الباتيك» هذا العام أيضاً لتتميز بألوان راقية لا تقل مستوى عن صناعة الأقمشة الإيطالية العالمية إن لم تكن أفضل منها كما أخبرني المصمم البحريني العالمي وفيق صليبيخ.
وهكذا تعمل مؤسسة «بوديياسنك» الخيرية الماليزية على مساعدة المصممين الماليزيين والحرفيين في «فن الباتيك» للوصول إلى دول العالم ومنافسة الأقمشة الراقية حتى يتجه إليه مصممون عالميون آخرون... وتستفيد الأيدي العاملة التي تزداد مع زيادة انتشار هذا الفن على أساس تعاون المصممين الماليزيين مع المصممين العالميين... وبالتالي إنتاج آلاف الأمتار مشغولة بأيدي آلاف السيدات والرجال الذين يعملون بعد أن استطاعو الحصول على شهادات «المؤسسة القومية للصناعة الحرفية» التي انشئت أخيراً لتنفيذ هذا البرنامج على أساس من التخطيط وتدريس سبل استخدام التكنولوجيا والكمبيوتر في هذه الحرفة وغيرها من الحرف الأخرى مثل الحفر على الخشب والحديد وطباعة الألوان على الأقمشة عن طريق الآلات... وغزل النسيج... وصناعة السيراميك... إلا أنني لاحظت إقبال الطلبة الأكبر على دراسة «الباتيك»، إذ يحصلون على شهادات تتراوح بين «شهادة البرنامج» و«دبلوما البرنامج»... ويصبحون بفضل هذا الفن وانتشاره فئات منتجة... تصدر إنتاجها عالمياً فيزداد دخلهم سواء كانو نساء أو رجالاً عاملين في هذا المجال... وبالتالي يزداد دخل الدولة الماليزية من تصدير هذا الفن إلى مختلف دول العالم تدريجياً بحسب خطة موضوعة يرعاها رئيس وزراء ماليزيا ومن يقع تحت اختصاصه تشجيع هذا الإنتاج من وزرائه... بعد أن بدأت الطريق زوجة رئيس الوزراء الطموحة المحبة لبلادها التي خطفها الموت قبل أن تنهي مهمتها وتركتها تحت رعاية مؤسستها الخيرية «بوديياسنك» التي ترأستها صديقتها ونائبتها السيدة ليلى محمد علي بعد رحيلها لتكمل رسالتها الوطنية في نشر «فن الباتيك» عالمياً. وها هم القائمون على مهمات هذه المؤسسة الخيرية يعملون بهمة ونشاط كبيرين ينتقلون من دولة إلى أخرى لتعريف مصمميهم على مصممي العالم ليتعاونوا معهم على نشر هذا التراث القومي التقليدي عالمياً... منها زيارتهم إلى البحرين وزيارتهم المقبلة إلى روما لعرض أزيائهم على أيدي مصممين عالميين هذا العام... فهل نتعلم من تجاربهم الناجحة لإنجاح مشروعاتنا؟