لم اشعر اننا غائبون عن وسائل الأعلام الأمريكية مثلما شعرت به خلال زيارتي الأخيرة إلى الولايات المتحدة . ولم أدرك أن الشعب الأمريكي جاهل بقضايا العالم وتاريخ الدول والديانات الأخرى بقدر ما أدركته في هذه الزيارة.. لأنني تعمدت فتح حوار مع أشخاص عاديين ورجال أعمال وربات بيوت ووجدت لديهم جهلاً كاملاً لما يحدث من ظلم للشعب الفلسطيني على يد الأسرائيلين.. وبسياسة أمريكا الخارجية التي تكيل الإرهاب بمكيالين حيث أنها كما نعلم.. لا تعتبر ملاحقة القوات الأسرائيلية لمن تشك فيه وقتله إرهاباً.. وتعتبر العمليات الأنتحارية للفدائيين الفلسطينيين في داخل إسرائيل إرهاباً.. رغم إنها رد على ما يصيبهم من ظلم وإجحاف من زعماء إسرائيل.
وعندما شرحت لهم البؤس والفقر والظلم الذي يعيشه الشعب الفلسطيني في ظل الأحتلال الصهيوني.. ورفاهية الشعب الأسرائيلي الذي يحتل أرضاً غير أرضه.. وما ينتج عن ذلك من رغبة للإنتقام في نفوس الشباب الفلسطينيين بتفجير أنفسهم في عمليات إنتحارية ليزرعو الخوف وعدم الأطمئنان في قلب الشعب الإسرائيلي من أجل الحصول على حقهم في إقامة دولة فلسطينية تتساوى في الحقوق والواجبات مع دولة إسرائيل.. كذلك مدى خطورة أن يشعر المرء بالظلم والفقر والحرمان والبؤس.. حيث ترخص الحياة في نظره فيجد الأنتحار الفدائي سهلاً لكي ينتقم لمن قتل أحباؤه وأهله دون ذنب.. خصوصاً و أنه يعتقد دينياً أنه سيكون من أهل الجنة في العالم الآخر.. لأنه مات دفاعاً عن وطنه.. وافقوني على ما أقول .. كانو في دهشة لكل ما شرحته لهم من حقائق لا يعرفونها.. إلا أني تألمت أكثر لأنهم يجهلونها.. ويعتقدون أن الفلسطينيين يعيشون في بلد ديمقراطي شبيه بالحكم في أمريكا هو إسرائيل.. وأن الأسرائيليين مظلومين لما يرتكبه الفدائيون من عمليات إرهابية في نظرهم في قلب بلادهم.
وقلت لنفسي.. ماذا فعلت الدول العربية وأثرياؤهم بأموالهم الهائلة.. أما كان الأولى بأسامة بن لادن أن يرصد ملايينه لدعم الشعب الفلسطيني وتأسيس قناة عربية إسلامية توضح مبادئ الدين الإسلامي الحضاري وحق الشعوب في العيش بكرامة مثل الشعب الأمريكي.. بدل أن يستخدمها في ترويع الأبرياء والأضرار بمصالح العرب والمسلمين الذين يقيمون في أمريكا.
والغريب أنهم سألوني السؤال نفسه الذي كنت أسأله نفسي "لماذا لا تقومون أنتم يا عرب بكل ما تملكونه من ثروات بامتلاك وسائل إعلامية من تلفزيون وإذاعة وصحف توضح وجهة نظركم مثلما يفعل أثرياء اليهود في أمريكا الذين يسيطرون على وسائل الأعلام بها بواسطة أموالهم "؟
قلت لهم " كثيراً ما سألت نفسي هذا السؤال وأنا أرى العقول الصهيونية تستخدم وسائل الأعلام بمهارة شديدة تجعل الرأي العام الأمريكي يقف إلى جانبهم.. ويؤيد قضاياهم.. لكني أدركت أننا ماهرون في الكلام فقط لا في التنظيم.. بعد أن مررنا بثلاثة قرون من الجهل والتخلف والأستعمار.. حتى ديننا الحضاري تم تشويه تعاليمه وأصبح ما يطبق منها حسب الأعراف التي يسيطر عليها مجتمع الذكور لا حسب ما جاء في القرآن الكريم والأحاديث النبوية)).