تحتفل دولة الإمارات في الثاني من ديسمبر 2020 بالذكرى 49 لتأسيس الإمارات العربية المتحدة، حيث امتدت رحلة دولتنا الواثقة نحو التقدم والتنمية، عبر هذه السنوات المضيئة والحافلة بالأحداث والمهام الكبيرة والإنجازات التي رسم ملامحها الأولى وأرسى دعائمها مؤسس الدولة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه وإخوانه الآباء المؤسسون، وسار على دربه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله.
تأتي هذه المناسبة الغالية على قلوبنا لتذكرنا بالنجاحات والعديد من الإنجازات، التي تحققت خلال مسيرة الـ 49 عامًا تحت راية واحدة وروح واحدة.
إن هذا اليوم لدولة الإمارات هو مناسبة وطنية مهمة، نقول فيها شكرًا من أسعد شعب إلى قيادة الوطن، ونجدد من خلالها تأكيدنا على المضي قدمًا على نهج الآباء المؤسسين لتعزيز وترسيخ مؤسسات الاتحاد، وحماية مكتسباته، وإبراز الولاء والانتماء للوطن، وإعلاء القيم، والتمسك بالهوية الوطنية، وتطوير آليات الأداء المؤسسي والعمل المنهجي وفق أسس علمية واستراتيجيات محددة، وصولاً إلى التميز والريادة والإبداع في تحقيق المزيد من الإنجازات النوعية في شتى المجالات.
وشهد العام 2020 إنجازات في مجالات عدة على المستوى الوطني كما على المستويين الإقليمي والدولي، فخلاله دخلت دولة الإمارات بشكل رسمي السباق العالمي لاستكشاف الفضاء الخارجي، عبر إرسال أول مسبار عربي وإسلامي إلى كوكب المريخ، أطلق عليه اسم «مسبار الأمل»، وبذلك تكون دولة الإمارات واحدة من بين تسع دول فقط تطمح لاستكشاف هذا الكوكب، وانطلق المسبار في مهمته بتاريخ 20 يوليو 2020، ومن المخطط أن يصل إلى المريخ بحلول العام 2021، تزامنًا مع ذكرى مرور خمسين عامًا على قيام اتحاد الإمارات العربية المتحدة.
أما على صعيد السلام والأمن في المنطقة والعالم، فحققت الدولة إنجازًا دبلوماسيًا تاريخيًا مع دولة إسرائيل مما يفتح المجال أمام إمكانات كبيرة في المجالات الدبلوماسية والعلمية والثقافية والاقتصادية.
فقد وقّع سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي، الاتفاق الإبراهيمي للسلام بين دولة الإمارات ودولة إسرائيل في 15 سبتمبر 2020 ما يفتح صفحة جديدة من العلاقات بين الدولتين، ويحفز على تضافر الجهود لتعزيز الاستقرار والأمن في منطقتنا.
وأقبلت دولة الإمارات على هذا الاتفاق لتحقيق أكبر فائدة للمنطقة ولشعوبها بعد أن فشلت المقاربات السابقة في تحقيق النتائج المرجوة، إذ عملت الدولة عبر العقود الماضية على بناء مجتمع متنوع ومتسامح يتطلع نحو المستقبل، ومركز عالمي للابتكار والثقافة والأعمال. وسيكون هذا الاتفاق خطوة مهمة لنقل هذه الرؤية إلى جميع أنحاء المنطقة.
ولقد حظي الاتفاق بدعم دولي واسع، فهو يتفق مع قرارات الأمم المتحدة التي تدعو الدول الأعضاء إلى تكثيف الجهود لتحقيق سلام شامل وعادل ودائم في الشرق الأوسط، كما أنه خطوة مهمة في دفع جهود صنع السلام لصالح المنطقة، ويعزز التزام دولة الإمارات العميق وطويل الأمد تجاه الشعب الفلسطيني.
واستطاعت دولة الإمارات في هذا العام – الذي شهد أكبر أزمة تواجهها البشرية منذ عقود بسبب جائحة فيروس (كوفيد 19) أن ترسخ نهجها الإنساني والذي يُعدّ ركيزة أساسية من ركائز السياسة الإماراتية، ولا سيما في تعاونها الدولي وتضامنها مع المجتمعات المحتاجة.
وقامت وزارة الخارجية والتعاون الدولي منذ بداية تفشي فيروس كورونا المستجد حول العالم بالتعاون مع جميع الدول ومد يد العون للمجتمعات التي تحتاج إلى الدعم والمساعدة، ضمن توطيد أواصر التعاون الدولي والمتعدد الأطراف وترسيخه في ظل الظروف الاستثنائية التي يمر بها العالم اليوم.
وقامت الوزارة بدور جوهري في التنسيق مع المنظمات العالمية والجهات الخارجية في مختلف الدول لتأمين المساعدات الحيوية لمواجهة الأزمة الناجمة عن تفشي الجائحة عملاً بالنهج الذي لطالما اتبعته الدولة في تعزيز التعاون بين مختلف الأطراف لتخطي التحديات القائمة.
وقدمت دولة الإمارات في إطار عملها الدؤوب والمستمر في دعم الجهود العالمية الرامية إلى الحد من انتشار (كوفيد-19) المساعدات الطبية والمستلزمات الوقائية إلى 120 دولة حول العالم، واستفاد منها أكثر من 1.6 مليون من العاملين في القطاع الصحي لدعم جهودهم في احتواء الوباء.
ولم يقتصر الدور الإنساني للمساعدات الإماراتية على إرسال المساعدات للدول المحتاجة، بل قامت بالتنسيق مع المنظمات الدولية المعنية وهيئاتها المتخصصة وخاصة منظمة الصحة العالمية، وبرنامج الغذاء العالمي للمساعدة في إيصال المستلزمات الطبية والغذائية لبعض الدول، والمساعدة في تعزيز قدرة تلك المنظمات في الوصول إلى كل الدول المتضررة في بقاع الأرض.
وفي هذا الصدد، أصبحت دولة الإمارات الشريان الرئيس للعمليات اللوجستية للمنظمات الدولية حيث تتواجد مخازنها الاستراتيجية في المدينة العالمية للخدمات الإنسانية في دبي والتي تعد المستجيب الأول للأزمات العالمية وخاصة المساعدات المرتبطة بجهود مواجهة الفيروس.
وتحرص دولة الإمارات على أن تكون مركزًا لوجستيًا لتوزيع لقاح (كوفيد-19) عالميًا في إطار جهودها لمساعدة العالم لمواجهة فيروس كورونا وتمهيد الطريق لتعافي الاقتصاد العالمي.
وفي خضم الأزمة الناجمة عن جائحة (كوفيد-19) التي ضربت العالم، تم تأجيل انعقاد إكسبو 2020 دبي، إذ تظل صحة وسلامة جميع المشاركين على رأس أولويات الدولة، ولا سيما بسبب تأثر دول العالم إلى حد كبير بتفشي الفيروس، حيث أعربت عن حاجتها إلى تأجيل افتتاح إكسبو 2020 دبي لمدة عام لتمكينها من التغلب على هذا التحدي، وقد أيدت دولة الإمارات هذا الاقتراح في اجتماع اللجنة التوجيهية بروح من التضامن والوحدة.
وتفتخر دولة الإمارات باستضافة إكسبو الدولي 2020 دبي، إذ ستتزامن استضافته في أكتوبر من العام المقبل والذي سيستمر لمدة ستة أشهر مع احتفالات دولة الإمارات بمناسبة مرور 50 عامًا على تأسيس الاتحاد. ما سيسمح لجميع المشاركين بتجاوز تبعات (كوفيد-19)، ويتيح فرصة استثنائية للتركيز على الرغبة المشتركة في صياغة فكر جديد لإيجاد الحلول لمجموعة من أكثر التحديات إلحاحًا.
إن العلاقات الأخوية المتميزة بين دولة الإمارات ومملكة البحرين شهدت تناميًا خلال الفترة الماضية وتطابقت مواقف البلدين السياسية في العديد من الملفات والقضايا والمستجدات وأمتد التعاون المشترك إلى آفاق جديدة شملت المجالين الطبي والثقافي.
إن دولة الإمارات ومملكة البحرين اتخذتا قرارات شجاعة نحو تعزيز السلام وتحقيق الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، كما تعاون البلدان الشقيقان في الخطوات والإجراءات المتخذة لمواجهة جائحة فيروس كورونا، وقد تبادلا الخبرات والمعلومات في هذا المجال، وتوسع التعاون بين الجانبين حتى شمل إجراء اختبارات المرحلة الثالثة من التجارب السريرية للقاح كورونا غير النشط على متطوعين في البلدين تحت شعار «لأجل الإنسانية».
وحرصت بصفتي سفير لدولة الإمارات في المنامة على تعزيز دور الشباب ودعم كل المبادرات التي تخدم تطوير مهاراتهم و قدراتهم، حيث استضفت في الجلسة الحوارية المرئية التي نظمتها سفارة الدولة لدى البحرين بعنوان «مهمة طموح زايد» و رائدي الفضاء الإماراتيين هزاع المنصوري وسلطان النيادي وبمشاركة سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة ممثل جلالة الملك للأعمال الإنسانية وشؤون الشباب في الجلسة الحوارية بهدف تشجيع شباب البحرين لتطوير ذواتهم والإبداع في مختلف المجالات بما فيها ولوج عالم الفضاء. كما نظمت سفارة الدولة العديد من الورش الافتراضية بالتعاون مع المجلس الأعلى للمرأة وشخصيات متخصصة بعناوين مختلفة. وتابعت بصفة شخصية مشروع ترميم المواقع التراثية في محافظة المحرق بالتعاون مع الشيخة مي بنت محمد آل خليفة رئيسة هيئة البحرين للثقافة والآثار بما يحقق الفائدة المشتركة للشعبين الشقيقين.
من جهة أخرى، فإن العلاقات الاقتصادية بين البلدين تشهد تطورًا ملحوظًا في مجالات التبادل التجاري والاستثمارات المشتركة والتعاون في قطاعات المال والأعمال والسياحة والنفط والطاقة، في ظل تبادل الزيارات الرسمية بين البلدين على أعلى المستويات، والوفود التجارية والاستثمارية.
إن احتفالنا بهذه المناسبة فرصة لكي نشكر الله سبحانه وتعالى على ما أنعم به علينا من قيادة رشيدة لا تدخر جهدًا في سبيل رفعة الوطن، وتحقيق رفاهية وسعادة المواطن والمقيم، وإننا نعاهد الله أن نواصل مسيرتنا بالمزيد من العزم والإصرار على بناء المستقبل الذي تتطلع إليه دولة الإمارات، والذي يرسخ الولاء للوطن وقيادته، واحترام الدستور، والامتثال للقانون، والالتزام بقيم المجتمع وإرساء قيم التسامح والإخاء.
كل عام والإمارات العربية المتحدة في تقدم وتطور وازدهار، وشعبها بخير وأمان ورفعة. “الأيام” البحرينية