أرسل لي الزميل الإعلامي محمود يوسف الدوي عبر وسيلة الاتصال (الواتس أب) WhatsApp صورة مؤثرة لحصان في إحدى الدول الغربية كما يبدو وهو يزور المرضى في المستشفيات والبيوت وبحركاته يدخل السرور على نفوسهم ويواسيهم بحركات عفوية فيخفف عنهم الآلام في تعاطف بين الإنسان والحصان (الحيوان) ولذلك فليس من المستغرب في ثقافتنا أن نصف بعض الحيوانات بالأليفة بالإضافة طبعاً إلى الطيور والإنسان كان له دور في استئناس الحيوان.
تذكرت هذا الموقف من الحصان بالأولئك البشر الذين نذروا أنفسهم لزيارة المرضى في المستشفيات والبيوت ومواساتهم أتذكر أنه منذ زمن عندما افتتح مركز السلمانية الطبي في الستينات كان أحد المواطنين من القرى يقوم يوميًا بزيارة المرضى في المستشفيات بمبادرة ذاتية منه وأصبح معروفًا لدى الأطباء والممرضين والممرضات بأنه من مهماته أن يزور المرضى الذين يعرفهم أو لا يعرفهم، ويقرأ بعض الآيات القرآنية عليهم كما يدعو لهم بالشفاء وكان يجد فيما يقوم به راحة نفسية يقابلها المرضى بكل ترحيب وتقدير وشكر، وكذلك أهالي المريض الذين وجدوا في هذا الشخص بادرة طيبة، وإحساس إنساني بحاجة المريض إلى المواساة وفعل ذلك لا يقل ربما عن الدواء، فالراحة النفسية عند المريض تدفع به إلى التفاؤل والذي هو يسهم في العلاج، كان هذا الرجل معروفًا لدى الجميع ومع الأسف لم أتعرف على اسمه والمنطقة التي يسكنها وكان يستحق أن تجرى معه مقابلة ليكون النموذج في مجتمعنا الذين نذروا أنفسهم لزيارة المرضى والتخفيف عنهم.
علمت في هذا الزمن إن مجموعة من الناس الأصدقاء كانوا يقومون بزيارة المرضى ممن يعرفونهم، ويرتبون الزيارة للمريض مع إدارة المستشفى، لأنه من المهم معرفة إن كان المريض يستطيع أن يقابل الزوار والوقت المسموح به للزيارة أعلم أن هذه اللفتة الكريمة تقوم بها النساء والرجال في مجتمعنا على حد سواء، وما أعلمه أنه في زمن التواصل الاجتماعي الذي نتعامل به أنه يتم إخبار الجروبات الرجالية والنسائية بحالة المرضى، وطلب الدعاء لهم بالشفاء العاجل وزيارتهم ما أمكن، كما أنه من المواقف الإنسانية الاجتماعية وبالتنسيق طبعًا مع المستشفى طلب التبرع بالدم من الجنسين من خلال بنوك الدم الموجودة في المستشفيات وهذا عمل يثاب عليه المرء، كما أنه يدخل السرور إلى نفس المتبرع.
وأتذكر أنه في زمن كنا من خلال الإذاعة والتليفزيون وبالتنسيق مع مركز السلمانية الطبي أن يتم الإعلان عن حاجة بنك الدم إلى فصيلة معينة من الدم مطلوبة، وقد لمسنا من خلال هذه التجربة سرعة تجاوب المواطنين والمواطنات وبأعداد تفوق قدرة بنك الدم على الإستيعاب، والمتبرع يشعر بواجبه الوطني والإنساني ويتسابق لأداء هذا الواجب بكل نفس رضية.
إن الإنسان يكون في أضعف حالاته وهو على سرير المرض، ويسعد بزيارة أهله وزيارة أصدقاؤه ومعارفه وأهل حيه أو فريجه، وزيارة المريض واجبة ويثاب عليها المرء، وشريعتنا الغراء تحثنا على زيارة المرضى.
كانت لفنة كريمة من مجلس الأخ مبارك عبدالله المغربي ومن بعض مجالسنا في المدن والقرى بزيارة المرضى في المستشفيات أو البيوت، وكذلك امتد هذا التواصل إلى الأصدقاء المتقاعدين الذين انقطعوا عن المجالس لظروف صحية أو كبر السن فتتم زيارتهم في بيوتهم، وكان لي شرف زيارة بعضهم ووجدت مقدار السعادة على محياهم وفرح أهلهم بهذه الزيارة التي يتم فيها ذكر مناقبهم ودورهم الإجتماعي والثقافي، والإنساني عموماً أمام أبنائهم وأحفادهم.
نحن في مجتمع يعرف بعضه بعضًا وإذا كنا مجتمعين في كامل صحتنا وعافيتنا فالأولى أن يستمر هذا التواصل بيننا حتى في ضعفنا وعدم قدرتنا على مواصلة النشاط المعهود فينا. علمنا ممن سبقنا في مجتمعنا أن الآثار النفسية على من أعطوا وبذلوا للوطن والمواطنين أثناء زيارتهم والجلوس معهم وتذكر أيامهم الجميلة يدخل السرور والحبور والفرح عليهم وعلى أسرهم، فنحن بحاجة إلى المواساة في كل مراحل حياتنا، والواجب الوطني يحتم علينا أن نبذل الغالي والنفيس من أجل أن تظل شعلة العطاء الوطني متقدة وأن يكون للمواطن الإسهام في البناء والنماء إن لم يكن بالفعل فبالتوجيه والتشجيع وغرس الأمل في النفوس المتعبة.