رغم الإعلان الرسمي عن نتائج انتخابات الرئاسة الأمريكية بفوز المرشح الديمقراطي جو بايدن، لا يزال الرئيس الحالى، دونالد ترامب، يواصل محاولات استصدار حكم قضائي بإلغاء نتائج بعض الولايات. رُفضت طلباته على مستوى محاكم الولايات ثم المحكمة العليا، وعندما استأنف قررت المحكمة النظر في طلبه بعد 20 يناير، أي بعد تنصيب جو بايدن، وكأنها تخبره بقرارها مسبقًا.
على الرغم من شخصيته العنيدة، إلا أن كل ما قام به ترامب من إجراءات ضد منافسه تعبر عن التزامه، بل وخضوعه واحترامه لنصوص القانون. قد يكون التشكيك في نتائج الانتخابات أمرًا غير مألوف، لكنه مكفول بحكم القانون والدستور الأمريكي.
أيام ويتولي جو بايدن مقاليد الحكم، وكسبًا للوقت شرع -فور تأكيد فوزه بالانتخابات- في تسمية المسئولين مُراعيًا تنوع أطياف بلد يضم أكثر من ثلاثين مجموعة عرقية أبرزها الأمريكيين البيض، والأفارقة، والآسيويين، والسكان الأصليين، واللاتينيين. فنائبته كاميلا هاريس ابنة لمهاجرين، أب جاميكي وأم هندية، ولويد أوستن، من أصول إفريقية ومرشح لمنصب وزير الدفاع، وأليخاندرو مايوركاس، من أصول كوبية ومرشح وزيرًا للأمن الداخلي، وريما دودين، الفلسطينية الأصل، عُينت نائبًا لمدير مكتب الشؤون التشريعية في البيت الأبيض، وغيرهم ليؤكد باختياراته صدق شعار (أمريكا للجميع).
راهن الناخب عليه وصار على بايدن إثبات أنه الأنسب للفترة القادمة. كانت تبعات فيروس كورونا رأس حربة هاجم به ترامب؛ اتهمه بعجز القطاع الصحي، وتأخر الإجراءات، وارتفاع معدلات الوفيات؛ سجلت أمريكا نحو 20 مليون مصاب وأكثر من ثلاثمائة ألف حالة وفاة، واللُقاحات قشة في بحر هائج، تحور الفيروس وظهرت سلالات أسرع انتشارًا وأشد فتكًا. فهل سينجح في مهمته، ربما؟.
الرعاية الصحية؛ ثاني أهم تحديات بايدن وأحد مفاتيح فوزه بعد ما ركز خلال حملته الانتخابية على الجوانب السلبية لسياسات ترامب الصحية، وأهمها حرمان نحو عشرين مليون أمريكي من غطاء التأمين الصحي، حال إلغاء قانون (أوباما كير)، الذى سبق وأقره الرئيس الأسبق باراك أوباما عام 2010.
تتطلب الموائمة بين تداعيات كورونا ونمو الاقتصاد مرونة عالية وبدائل استثمار متعددة، يبدو الأمر معقدًا في أسواق حولها ترامب إلى ساحات حرب تجارية ضد ألد أعدائه؛ الصين، فضلا عن تنصله من العديد من الاتفاقيات الدولية أبرزها؛ اتفاقية التجارة الحرة لشمال أمريكا (نافتا)، اتفاقية الشراكة التجارية عبر المحيط الهادئ، ومنظمة الصحة العالمية، واليونسكو، واتفاقية باريس للمناخ والتى يُنتظر أن تعكس الأخيرة التزام جو بايدن بزيادة نسبة مشاركة المصادر المتجددة والحفاظ على المناخ والمساعدة في إجراءات التخفيف والتكيف.
من جهة أخرى، قد لا تشهد سياسته الخارجية تغيرًا كبيرًا تجاه دول مثل روسيا، وإيران، والاتحاد الأوروبي. ربما تتغير الأدوات وسبل التعامل مع الدول ولكن تظل الأهداف واحدة.
وأخيرًا، في العادة يعمل الرئيس المنتخب مُراعيًا كسب أصوات تساعده عند الترشح لفترة ثانية وأخيرة، بحسب الدستور الأمريكي، أما بايدن، والذي سيكون قد بلغ 82 عام بحلول نوفمبر 2024 –موعد الانتخابات الرئاسية القادمة- فترشحه لفترة ثانية يطرح احتمالية مغادرة المنصب عند سن 86، حيث لياقة صحية أقل، لذا يتوقع أن يعمل على تمهيد الطريق لخليفته؛ كاميلا هاريس، نائبته الحالية، 56 عام، بمعني إشراكها في العمل الرئاسي بشكل فعال يُكسبها خبرات تراكمية إيجابية ويمكنها من منافسة غريمها الجمهوري المنتظر، وإن صح هذا التوقع فربما نجد أنفسنا عام 2024 أمام أول امرأة سمراء تُرشح للرئاسة، وربما أيضًا، أول مرشح يحمل لقب رئيس سابق، دونالد ترامب، من يدري؟.