يمثل تاريخ الرابع من يناير محطة مفصلية مهمة في تاريخ دولة الإمارات العربية المتحدة، ففي هذا اليوم من عام 2006 تولى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، رئاسة الحكومة الاتحادية، ليبدأ لتحقيق رؤيته الطموحة لقهر المستحيل، وإحداث نقلة نوعية في منظومة العمل الحكومي مهّدت الطريق أمام تحقيق سلسلة متصلة من الإنجازات التي عزّزت مكانة الإمارات، ورسخت نموذجها التنموي والحضاري الرائد إقليمياً وعالمياً.
لقد أحدث صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، تحوّلاً جذرياً في فلسفة وأسلوب ونوعية العمل الحكومي، ليس في دولة الإمارات فقط، وإنما في العالم كله، بعد أن حلت حكومة الإمارات في المرتبة الثانية عالمياً في مؤشر مرونة الحكومات وقدرتها على التكيّف مع المتغيّرات، والثانية عالمياً أيضاً في مؤشر الكفاءة المالية، وغيرها عشرات، وربما مئات، المؤشرات الدولية التي تؤكد ذلك.
وهذا التحوّل استند إلى رؤية ثاقبة وبعيدة المدى تعلي من قيم الابتكار والإبداع في تقديم الخدمات الحكومية، وتنشد رضا الناس وسعادتهم ورفاهيتهم باعتبارها مقياس النجاح، وتستثمر في قدرات وطاقات الشباب، وترفض الجمود والثبات، وتؤمن بأن كلمة المستحيل لا وجود لها في قاموس الساعين إلى تحقيق رفعة وتقدم وتميّز أوطانهم.
لقد أصبح نموذج العمل الحكومي الذي وضع أسسه ومرتكزاته صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم لتنفيذ الرؤى الطموحة لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وبدعم قوي وثابت من أخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، هو النموذج الذي تسعى الكثير من دول المنطقة والعالم إلى الاقتداء به، ومحاولة الاستفادة منه في تحقيق نهضتها التنموية وخططها المستقبلية، وكمثال على ذلك جاءت اتفاقية الشراكة الاستراتيجية بين الإمارات ومصر عام 2018 لتطوير الأداء الحكومي في مصر، بما يسهم في تحقيق استراتيجية مصر 2030.
وعوامل تميّز هذا النموذج وأسباب ريادته الإقليمية والعالمية حدد بعضها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نفسه في رسالته التي وجهها إلى شعب دولة الإمارات بمناسبة الذكرى الـ15 لتوليه رئاسة الحكومة الاتحادية، ومن هذه العوامل، حرص سموه على ترسيخ مبادئ التخطيط الاستراتيجي في الحكومة كأساس للتخطيط للمستقبل وصناعة التميز فيه عبر إقرار خطط بعيدة المدى لتحقيق التميز والريادة في العمل الحكومي في المجالات كافة على النحو الذي جسدته رؤية الإمارات 2021، التي أعلنها سموه عام 2009، وترسيخ ثقافة التميز والتنافس والإبداع كثقافة سائدة في مؤسسات الحكومة كافة، وترسيخ ثقافة العمل الجماعي التضامني عبر آلاف فرق العمل من المستويات الاتحادية والمحلية التي عملت كفريق واحد لتحقيق الرؤية الطموحة لقيادتنا الرشيدة، والاهتمام بالإنسان وتحفيزه وتعزيز منظومة القيم الإنسانية التي يستند إليها، وفوق كل ذلك وقبله الولاء لدولة الاتحاد، باعتبارها العنوان والهوية الأصلية والروح التي تحرك كل الجهود والإنجازات التي يصعب حصرها.
إن مناسبة الرابع من يناير هذا العام مميزة، ليس فقط لأنها تتزامن مع مرور عقد ونصف العقد على تولّي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد قيادة حكومة الإمارات بكل ما حققته من إنجازات تحتاج ربما لمجلدات لرصدها، ولكن أيضاً لأنها تأتي في العام الذي تستعد فيه الإمارات للاحتفال بيوبيلها الذهبي، وتضع الخطط للانطلاق نحو الخمسين عاماً المقبلة، وتحقيق طموحات قيادتنا الرشيدة في أن تكون الإمارات الرقم واحد عالمياً في جميع المؤشرات التنموية والحضارية على الإطلاق خلال نصف القرن المقبل، وهو هدف لا يمكن أن نشك في قدرة قيادتنا الرشيدة وحكومتنا على تحقيقه، إذا ما نظرنا لحجم الإنجازات الجبارة التي تحققت بالفعل في فترة الـ 15 عاماً الماضية، والتي جعلت من دولة الإمارات نموذجاً رائداً وملهماً للعالم كله.