اصغ لابنك وأعد مشاعره تمتص غضبه
ماذا يريد الطفل من والديه عندما يكون متذمراً متضايقاً ليستعيد هدوءه وتوازنه النفسي؟
يؤكد العالم الأمريكي النفساني المعروف “ فيتزوف ديدسون” في كتابه الناجح “ كيف تكون حازماً بالحب “ إن هناك طريقة حديثة ذات تأثير فعال في امتصاص ضيق الطفل أو غضبه تقوم علي ثلاثة أسس رئيسية هي :-
١- إصغاؤك باهتمام لما يقوله لك ابنك
٢- محاولتك تشكيل ما يريد أن يعبر عنه في ذهنك
٣- إعادتك لمشاعره أمامه من خلال تعبيرك الخاص بك
عندئذ يدرك طفلك انك فهمت مشاعره لأنه سيسمعها مرة أخري صادرة منك وسيساعده ذلك علي استعادة هدوئه النفسي ونظرته الموضوعية لما آثار ضيقة
ولكي ندرك أهمية استخدام هذا الأسلوب في تعاملنا مع أبنائنا سأورد مثالاً سأعيده مرتين في المرة الأولي سأستعرض من خلاله الطريقة التقليدية السلبية التي يستخدمها اغلب الآباء وفي المرة الثانية سأوضح مدي تأثير هذه الطريق التقليدية السلبية التي يستخدمها اغلب الآباء وفي المرة الثانية سأوضح مدي تأثير هذه الطريقة الحديثة الإيجابية علي امتصاص ضيق الابنة لتواجه مشكلتها بأسلوب موضوعي .
هناء فتاة في العاشرة من عمرها كانت خائفة وقلقة من امتحان الرياضيات الذي ستقدمه في اليوم التالي وكانت تريد أن تتحدث مع والدتها حول ما يضايقها لكن والدتها استخدمت الأسلوب السلبي فيكف دار الحوار؟ وكيف كان تأثيره علي نفسية الابنة؟
سألت هناء والدتها : أمي هي استطيع أن اتحدث معك عن شيء يضايقني ؟
أجابت الأم: طبعاً هيا أخبريني .. ماذا يضايقك؟
ردت الابنة : لدينا غداً اختبار حساب وأنا خائفة منه جداً .. أخاف أن ارسب في هذه المادة
قالت الأم: ما هذا التفكير السخيف يا هناء لقد قدمت من قبل العديد من هذه الاختبارات وكانت علاماتك جيدة أتذكر أن أسوأ درجة حصلت عليها لم تكن اقل من ٨٠٪ هل حصلت قط علي علامة اقل من هذه؟
ردت هناء: لا يا أمي ولكن
أجابت الأم: ولكن ماذا لقد مررت بنفس مشاعرك هذه عندما كنت في سنك كنت أتصور أن كل الأشياء السيئة ستقع لي اتركي عنك الأنين والشكوى واتجهي إلي التفكير الإيجابي قولي لنفسك انك قادرة علي أن تجتازي هذا الامتحان بشكل جيد لأنك لم تفشلي في امتحان للرياضيات من قبل .. وتصوري نفسك وانت تحلين مسائل الحساب بسهولة ويسر فكري بإيجابية وادرسي جيداً ستؤدين الامتحان بتفوق .
قالت هناء بعد أن يئست من توصيل ما يضايقها لأمها : إذا كنت تعتقدين ذلك سأحاول .
لو استعرضنا المثال السابق سنجد أن والدة هناء كما يفعل أغلب الآباء لم تحاول أن تعرف سبب مشاعر الخوف من الامتحان عند ابنتها ولماذا هي يائسة هذه المرة .
وانما بدلاً من ذلك قدمت لها أفكارًا ونصائح اعتقدت أنها ستساعدها لكنها مع الأسف لم تساعدها وإنما جعلتها تفكر هكذا طريقة حل مسائل الحساب مختلفة هذه المرة لكن أمي لا تفهم حقيقة شعوري .
ولو عدنا للمثال السابق نفسه علي أساس الأسلوب الحديث الذي يطرحه العالم النفساني “ فبتزوق ديدسون” لوجدنا مدي تأثيره الإيجابي علي نفسية الابنة وكيف امتص ضيقها وجعلها تواجه مشكلتها بطريقة موضوعية سليمة .
سألت هناء والدتها: أمي هل استطيع أن اتحدث معك عن امر يضايقني ؟
أجابت الأم: طبعاً هيا اخبريني ماذا يضايقك ؟
ردت الابنة: لدينا غداً اختبار حساب وأنا خائفة منه جداً أخاف أن أرسب في هذه المادة .
اجابت الام متبعة الأسلوب الحديث في معالجة مثل هذا الموقف: هل يمكنك أن تخبرين اكثر لماذا انت خائفة من الفشل هذه المرة في تلك المادة رغم أني أتذكر أن أسوأ درجة حصلت عليها من قبل لم تكن اقل من ٨٠٪ .
أجابت هناء: أعلم أني كنت احصل علي علامات جيدة في هذه المادة من قبل لكن الامتحان هذه المرة مختلف علينا أن نحل مسائل الكسور بطرق جديدة لم نطبقها من قبل لأنها تتبع طريقة جديدة في حل مسائل الحساب وأنا خائفة جداً من ذلك .
قالت الأم وهي تعيد نفس عبارات ابنتها وقد صاغتها بطريقتها: هذا الامتحان يخيفك لأنه مختلف عن أي امتحان قمت به من قبل لأنه يتبع طريقة جديدة في حل مسائل الحساب وعليك أن تحلي الكسور بهذه الطريقة المختلفة تماماً وهذا الامر يخيفك .
أجابت هناء بحماس بعد أن شعرت أن أمها فهمت سبب خوفها : هذا ما اشعر به بالضبط لقد درست طريقة حل هذه الكسور ٤ مرات لكني مع ذلك لم أفهم كيف تحل .
ردت الأم: خوفك أمر طبيعي لأنك درست طريقة الحل عدة مرات لكنك لم تفهميها بعد. قالت الابنة: هل يمكنك يا أمي أن تساعديني في حل المسائل الصعبة لو فهمت المبادئ الرئيسية حول كيفية حلها سأطمئن.
ردت الأم: إذن ما يضايقك أنك لم تفهمي بعد المبادئ الرئيسية في حل هذه المسائل أليس كذلك ؟
أجابت هناء: هذا ما يضايقني بالضبط.
قالت الأم: وأنا يسعدني أن اساعدك بالطبع لم اجرب من قبل طريقة حل المسائل الحسابية بهذه الطرق الحديدة لذلك قد اجد صعوبة في فهمها في البداية لكن سنحاول معاً وسنصل إلي نتيجة جيدة .
لاحظنا إذن أن الأم في المثال الثاني كانت تقوم بإعادة مشاعر ابنتها لكي تشعرها أنها تشاركها مشاعرها وتريد أن تستمع إلي المزيد منها عما يضايقها حول امتحانها القادم لتصل إلي حل عملي يساعدها بدل أن تقدم لها أفكارًا ونصائح وتأكيدات حول مقدرتها علي التفوق دون أن تعلم ماذا يضايق ابنتها مثلما فعلت الأم في المثال الأول.
لقد اخذت الام في المثال الثاني مشاعر الخوف لدي ابنتها بجدية لم تحاول أن تقلل من شأنها وانما اعادتها لابنتها بعباراتها الخاصة الأمر الذي جعلها تدرك أن أمها فهمت سبب ضيقها وعندما عبرت هذه الأبنة عن تلك المخاوف وجدت تجاوباً وتعاوناً من أمها لكي تساعدها علي فهم القواعد الجديدة الصعبة في امتحان الرياضيات الذي ستقدمه في اليوم التالي وارتاحت بذلك نفسية الابنة وواصلت دراستها بروح متفائلة إيجابية راغبة في التفوق.