آخبار عاجل

بايدن.. من المدرسة إلى البيت الأبيض .. بقلم: محمد مصطفى الخياط

28 - 01 - 2021 11:22 369

كعادتها لحظات الوداع، مؤثرة مكتنزة بالشجن، تتسارع فيها العبرات والدموع هربًا من العيون الحزينة والسعيدة على سواء. لم يملك الرئيس الأمريكى جو بايدن حبس دموعه وهو يودع مواطنى ولايته. على العكس، كان ترامب متماسكًا، كعادته، وهو يلقى كلمة وداعه فى مؤيديه. مؤكد أنه لا يظنه فراقًا، بل استراحة يعقبها لقاء قريب. 

منذ فاز بايدن بمقعد ولاية ديلاوير عام 1973، وهو فى عمر الثلاثين، وحتى توليه منصب نائب الرئيس فى يناير 2009 ظل المقعد قاصرًا عليه. الحفاظ على مقعد فى مجلس الشيوخ لأكثر من ثلاثين عامًا فى بلد ديموقراطى لا يأتي بالتزكية، بل بتجديد وتطوير أداء النائب بما يتوائم مع تطلعات ولاية ذات استقلال مالى وتخضع لحكم فيدرالى.

بايدن القادم من ثانى أصغر ولاية، لم تمنعه مشاكل التلعثم فى صغره من امتلاك أحقية الحلم. وهل للحلم حدود. (لو بطلنا نحلم نموت). بدأ حلمه بأم تشجعه وتبث فيه روح الأمل، رسخت فى ذهنه أنه ذكى وينتظره مستقبل واعد شريطة السعى إليه. واكتمل الحلم بنظام تعليم قادر على استيعاب ودمج أطفال تتفاوت احتياجاتهم الحسية والذهنية، لا إقصاء.

فى جلسة ضمت بعض الأصدقاء، حكى صديق مهاجر كيف يدرس ابنه، الذى يعانى من مشاكل فى السمع، إلى جوار زملاءه الطبيعيين. أرسل مستشفى التأمين الصحى خطابًا إلى المدرسة باحتياجاته وما يجب على المدرسين مراعاته؛ للطفل سماعة مدفونة فى أذنه وللمدرس ميكرفون صغير يثبت أعلى السترة وبطارية جيب. وبسلاسة، يتكرر الأمر مع كل صف دراسى جديد. انتهى الأمر.

للقصة أكثر من دلالة؛ نظام معلومات تنتشر أطرافه فى كافة قطاعات الدولة، يضمن ويؤمن تواصل مراكزه المختلفة فيما بينها، تصنف وتتراكم فيه البيانات، وتطلع فيه كل مؤسسة على ما يخصها -طبقًا للمسموح لها به- يجد فيه الطبيب التاريخ الطبى للمريض، والمدرسة والجامعة السجلات الدراسية للطالب  إلى جانب ملاحظات مدرسيه، خلاف شركات الخدمات؛ الكهرباء، والمياه، والغاز.

المدرسة بوتقة دمج الأفراد فى المنظومة الأكبر؛ الوطن. الإقصاء يرسخ فى وجدان وعقل الجميع التمييز وفكر (الجيتو). ما يبدأ لأسباب خِلقية يمتد عقائديًا، وسياسيًا، وفكريًا. يُصنف الأفراد، وقبل اختبار قدراتهم ومواهبهم يُستقصي عن إلى أى فئة ينتمون. ومن ثم يتحدد الموقع؛ إما فى الزاوية أو فى الصدارة.

ربما تكون البيئة التى نشأ فيها بايدن، هى السبب فى اختياره سيدة ذات أصول هندية جامايكية نائبة له، رغم سابق منافستها له فى الانتخابات التمهيدية داخل الحزب الديموقراطى، وربما أيضًا أن تضم إدارته مزيج من شخصيات تتنوع أصولها، ومذاهبها، وخلفياتها الثقافية، وتوجهاتها. بيئة جعلته يضع يده على الإنجيل ويقسم اليمين الدستورية، ويضع عاطف قَرنى ورشيدة طليب أيديهما على المصحف ويؤديا اليمين الدستورية، الأول وزيرًا للتعليم بولاية فرجينيا، والثانية نائبة فى الكونجرس.

يكمن تميز أمريكا فى قدرتها على استيعاب الفرقاء وصَفِهم على مسافة واحدة من القانون. صدرت مجلة الإيكونوميست البريطانية هذا الأسبوع بغلاف يقف فيه بايدن متأهبًا بأدوات النظافة أمام البيت الأبيض وقد اتسخت واجهته، فى إشارة للمهمة المنتظرة منه. فرغم اعتراض ترامب على نتائج الانتخابات، وما تلاها من انقسامات، فرض القانون نفسه، ووقف بايدن يؤدى القسم ومن خلفه ثلاث رؤساء سابقون؛ جمهورى وديموقراطيان. 

من المتوقع، أن تشهد الأربع سنوات القادمة من حكم بايدن اختلافات رأى حول قراراته، لكنه سيظل ابن بيئته التى نشأ فيها، بيئة قادرة على الدمج أكثر منها للإقصاء، (رئيسا لكل الأمريكيين) كما قال فى خطاب تنصيبه.



شبكة Gulf 24 منصة إعلامية متميزة تغطى أخبار دول مجلس التعاون الخليجي والوطن العربي والعالم تضم بين صفحاتها الرقمية وأبوابها المتنوعة كل ما تحتاجه لتصبح قريباً من ميدان الحدث حيث نوافيك على مدار الساعة بالخبر والتحليل ونسعى أن نصبح نافذتك إلاخبارية التى تمنحك رؤية راصدة تجعل العالم بين يديك ومهما كانت افكارك واهتماماتك. سواء في حقل السياسية، الاقتصاد، الثقافة

جميع الحقوق محفوظه لشبكه Gulf 24 الاخبارية

Gulf 24 © Copyright 2018, All Rights Reserved