بسبب التدابير الاحترازية لمنع تفشي فيروس كورونا (كوفيد 19) يدخلُ العامُ الدراسي الجديد فصله الثاني عبر آلية التعليم عن بُعد، وقد جرى تحوّل رقمي واسع، هدفه الحفاظ على العملية التعليمية دون أي عوائق أو تحديات، ودخلت المنظومة التعليمية بأكملها عبر فضاء الإنترنت، لتكمل مشوارها بأسلوب جديد، وكان جميع المعنيين قبل بدء العام الدراسي يتساءلون: كيف سيصبح التفاعل من خلال التدريس عن بُعد؟ بخلاف التعليم النظامي، وأجاب أعضاء الهيئة التدريسية والمختصون عن جُل هذه التساؤلات الواردة في هذا الشأن، وقد رأوا بعد التطبيق العملي للتدريس عن بُعد أنّ التجربة ناجحة ومتميزة، وأكدوا أنّ منظومة هذا النوع من التعليم قد نجحت في تسيير العام الدراسي، دون مشكلات معقدة تُذْكَر، وكان ذلك هو الاختبار الفعلي، مع أزمة فرضت نفسها على المجتمعات، ووضعت شروطها على جميع مناحي الحياة، وبعثت المؤشرات على التفاؤل مع ظهور منصات للتعليم عن بُعد، ومع الاستمرار بهذا النظام بدأ اعتياد الطلاب على نظام التعليم عن بُعد، وبدأ حجم الفاقد التعليمي يتقلّص ما بين التعليم المباشر والتعليم عن بُعد، كما أنّ مهارات المعلمين التقنية تطورت بشكل متقدم، ناهيك عن زيادة وعي أفراد الأسرة بضرورة تعلم مهارات جديدة ومتابعة أبنائهم، مما زاد من نسبة تفاعل الطلاب، وظهرت مكاسب ومزايا عدة لم تكن متوفرة من قبل، وأصبحت العملية التعليمية مسؤولية مشتركة، بين مؤسسات التعليم متمثلة بالكادر التعليمي وأولياء الأمور، لاسيما في المراحل الدنيا.
ويؤكد خبراء في التعليم أنّ التعليم عن بُعد سيكون الملاذ المستقبليّ، عند الطوارئ، وأصبحت الاستفادة من منصات التعليم الإلكترونية المختلفة فيما بعد الوباء حلّاً وعـوضاً عن تعليق الدراسة في أثناء تقلبات الطقس، بحيث يجري التعليم عن بُعد بدلاً من التعليق الكلي، ذلك لما أبداه التعليم عن بُعد من تغلّب واضح على طول المسافات، وأصبح حلّاً مثالـيّاً لمن لديه مشكلة في التنقل والحركة، ولاسيما من هم في القرى والمناطق النائية.
وهكذا يبدو أنّ أكثر المتداخلين في العملية التعليمية قد بدأوا يدركون ضرورة التعامل المرن بسبب الأوضاع التي فرضها وباء كورونا، حيث يجري الدمج بين التعليم الافتراضي في الأمور التي يغلب عليها الطابع النظري، ويجري التعليم الحضوري للتخصصات التطبيقية، والمختبرات العملية، عندما تكون الإجراءات الصحية متوفرة.
ومن الجدير بالذكر أنّ دولة الإمارات العربية المتحدة من الدول التي استمرت فيها عملية التعليم دون انقطاع منذ حلول الجائحة وفي كل مناطق الدولة بلا استثناء، بينما بلغ عدد الطلاب الذين انقطعوا عن التعليم في المدارس والجامعات في العالم بسبب انتشار جائحة كورونا ثمانمائة وخمسون مليون طالب وطالبة، وذلك بحسب التقرير الذي أصدرته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو).