الفص الثاني
كيف نوجه الانتقاد للطفل ليطور سلوكه؟
الانتقاد الإيجابي = تطوير شخصية الطفل
إلي ماذا تهدف عندما ننتقد سلوك أطفالنا؟
إننا نهدف بكل بساطة إلي مساعدتهم علي تطوير شخصياتهم وتنمية قدراتهم الذاتية لمواجهة المواقف التي تواجههم كل يوم ولكي نصل إلي هذا الهدف ليس أمامنا من وسيلة إلا الانتقاد الإيجابي الذي يحرك عند الطفل هذا المحرك الذاتي لكي يطور نفسه لأن انتقادنا فقط لأخطائه.. لكي يتخلص منها دون أن نذكر الجوانب الإيجابية في شخصيته ..يشعره بأنه إنسان فاشل لا فائدة ترجي منه وهذا الشعور يفقده الثقة بنفسه مع الوقت كما أنه يدعم السلوك السلبي لديه فالأطفال عادة يأخذون مسألة انتقاد أباءهم لهم بطريقة شخصية فهم يشعرون أنهم مهاجمون من قبل أشخاص يريدون إعجابهم لا هجومهم بل أن هذا الانتقاد يجعلهم يعتقدون بأنهم عاجزون عن تغيير سلوكهم .
لكن كيف يمكن للانتقاد أن يكون بناءً وإيجابياً؟ الانتقاء معناه أن نحكم ونقيم ونلوم ونأمر بالنهي عن تكرار سلوك سيء فهل نستطيع بالانتقاد أن نبني روح المسئولية والمناقشة والمثابرة لدي أطفالنا ؟ نعم نستطيع ذلك عن طريق الانتقاد البناء الذي سيساعدهم علي تطوير شخصياتهم بأنفسهم .
ولكي أوضح مدي تأثير الانتقاد السلبي علي نفسية الطفل وكيف يدفعه إلي العناد وعدم التطور سأذكر هذا المثال .
جلست الأم مع ابنها علي البالغ من العمر عشر سنوات لكي يستعرض امامها السطور التي حفظها ليؤديها في مسرحية المدرسة .
بدأ علي يمثل بثقة ثم بدأ يغلط في بعض الكلمات فشعر بالإرتباك وأخذ يخطئ في نطق كلمات أخري .
قالت الأم: لا تسرع في لفظ الكلمات .. قلها ببطء ووضوح هذه سطور سهلة جداً
رد علي : سأحاول
لكنه لم لبث أن عاد إلي أرتكاب الأخطاء
قالت له والدته وهي تلومه : لو انك درست الدور جيداً وطبقته كل يوم مثلما كان عليك أن تفعل فإنك لن تنسي هكذا
أجاب علي وقد بدا الضيق علي وجهة: كفي يا أمي سأحفظ دوري قبل أن يحين موعد المسرحية .
ردت الأم بقلق: وأين الوقت لكي تحفظ دورك المسرحية ستعرض الأسبوع القادم فكيف ستحفظه في هذ المدة القصيرة أحمد حفظ دوره كله؟
أجاب علي غاضباً: دعيني وحدي لا اريد مساعدتك
كانت هذه الأم سلبية في انتقادها لذلك جاءت النتيجة التي تريدها عكسية إذ غضب علي ولم يرد مساعدتها فهي عندما قالت له :
لا تسرع في نطق الكلمات قلها ببطء ووضوح هذه سطور سهلة جداً .
كأنها تقول له:
أنت غير قادر علي حفظ الدور رغم سهولته.
وعندما قالت لابنها: لو أنك درست الدور وطبقته كل يوم مثلما كان عليك أن تفعل فإنك لن تنسي هكذا كأنها تلومه علي كسله.
وعندما قارنت بينه وبين صديقه أحمد الذي أنتهي من حفظ دوره فإنها جعلته أقل ثقة بنفسه لذلك ثار عليها غاضباً بقوله:
دعيني وحدي لا أريد مساعدتك
والواقع أننا عندما نعلق علي ما يبذله الطفل من مجهود وهو يؤدي واجبه أو هو يدرس ويتمرن علي حفظ دوره في مسرحية ما بأن نقول له إن ما يقوم به امر سهل فإننا بذلك نهبط من عزيمته ونقلل من ثقته بنفسه لذلك علينا من خلال الانتقاد الإيجابي أن نقول العكس لكي نحرك فيه روح المثابرة والثقة بالنفس بأن يقول الأب لابنه مثلاً:
إن ما تقوم به ليس سهلا أليس كذلك؟ لكني اراهن علي أنك قادر علي القيام به لقد شارك الأب هنا ابنه شعوره ثم وضع في نفسه الثقة علي أنه قادر علي إكمال العمل الذي يقوم به وحرك بذلك الدافع الذاتي لديه لكي يثابر ويطور عمله بنفسه.