دخلت بدرية غرفة نومها وجلست علي سريرها تفكر ماذا فعلت بابنها ؟ لماذا غضبت عليه كل هذا الغضب لأنه لم يؤد واجبه الدراسي كان عليها أن تشعره بمسئوليته نحو واجباته الدراسية وتتفق مع مدرساته علي عقابه إذا لم يكمل واجبه  وبالتعاون بينها وبين معلماته  سيتقدم في دراسته لأنه سيشعر أن نجاحه بها مسئوليته وحده  وسيتحمل نتيجة اهماله لها أما هذا الغضب والشجار اليومي حول أداء واجباته الدراسية فإنه لن يأتي بالنتيجة المطلوبة بل أن ابنها سينام الآن مقهوراً وربما لن يدرك أن سبب غضبها عليه كان لكي يهتم بدراسته لماذا لا تتدارك خطاها بعد غضبها عليه كثيراً تلك الليلة وتذهب إلي غرفته وتجري معه حواراً هادئاً توضح له من خلاله استياءها من اهماله لواجباته المدرسية وأن حبها له وحرصها علي مصلحته دفعها إلي الغضب والثورة عليه بسبب تكرار شكاوي مدرساته منه وخصوصاً مدرستي مادتي اللغة العربية والحساب .
 عادت بدرية إلي ابنها كان يستعد للنوم وقد بدأ الضيق والحزن علي وجهه اقتربت منه قائلة: تعالي يا أحمد اجلس بجانبي .
جلس أحمد بجانب أمه منتكس الرأس أحاطته بذراعها وانحنت عليه لتقبله علي خده ثم قالت له: هل تعلم أنني أحبك كثيراً؟
 رد عليها ابنها: لماذا إذن تغضبين علي هكذا؟
اجابته ببساطة وهدوء: لأنني أحبك واريدك أن تهتم بدراستك وأنت تهملها وخوفي عليك كأم يدفعني إلي الغضب عليك عندما يتكرر اهمالك لواجباتك الدراسية وتصلني الشكاوي من مدرساتك لعدم انتباهك في الفصل رغم أنهن يؤكدن لي أنك ذكي جداً أي أنك لا تستخدم إلا ربع ما منحك الله من ذكاء هل تعلم ماذا سيحدث لذكائك إذا لم تستخدمه كله؟
تساءل أحمد بفضول: ماذا سيحدث له؟
 أجابت الأم: سيعلوه الغبار والصدأ وتحرم من الجزء المهمل منه مثل أي آلة لا نستخدمها مدة طويلة ألا يعلوها الغبار والصدأ ولا نستطيع إصلاحها واستخدامها ؟ هذا ما سيحدث لذكائك هل تريد أن يحدث له ذلك ؟
أجاب بحماس : لا بالطبع لا أريد 
 وعادت الأم لتكمل حديثها حتي تصل إلي الهدف منه؟ إذن عليك أن تستخدمه كله وكلما استفدت منه كلما ازداد حيوية وستحصل علي نتائج ممتازة في الدراسة وفي حياتك القادمة عندما تكمل دراستك الجامعة وتتجه إلي العمل وعندئذ سأكون فخورة بك كثيراً .
ثم سألته : والآن ألا تريد أن تكون متفوقاً في دراستك؟
أجابها فوراً: نعم أريد
 قالت الأم: إذن دعنا نتعاون علي أن تكون الأول في الفصل أنت تذاكر وأنا هنا اساعدك عندما تحتاج لي هل تعدني بأنك ستهتم بدراستك ؟
 اجابها بحماس: أعدك يا أمي لكنني لا أعدك بأن أكون الأول في الفصل سأكون من الطلبة الأوائل .
ضمته أمه إلي صدرها وقد اضحكتها طريقة تعبيره ثم قالت له: وأنا موافقة علي ذلك وواثقة أنك سوف تحقق ما وعدتني به وسنفتخر أنا ووالدك بك .
 واستلقي ابنها علي سريره وانحنت أمه لتقبله علي خده واحتواها بذراعيها ليقبلها هو الآخر علي خدها ونظراته تقول لها: إنه ممتن لما فعلته وتفعله دائما من أجله وأنه يحبها كثيراً.
 وبالتدريج بدأت علامات ابنها تتقدم في جميع مواده الدراسية كما أنه أصبح أكثر اهتماماً بأداء واجباته المدرسية دون تذكير دائم منها وكانت الأم علي اتصال دائم مع مدرساته لتعاونهن علي فهم نفسية ابنها وأفضل السبل للتعامل معه من أجل تحريك قدراته العقلية إلي المزيد من التفوق الدراسي الذي بدأ واضحاً علي اوراق التقييم التي ترسلها كل مدرسة مع ابنها مع نهاية كل أسبوع .
ولو حللنا ذلك الموقف بين الأم وابنها لوجدنا أن أحمد فهم من والدته سبب غضبها عليه ولمس حبها له واهتمامها به ثم أن ما قالته في جلستها معه اشعرته بثقته بنفسه لأنها قالت له أن مدرساته قد أكدن لها قدرته علي التفوق في دراسته وتزيد منه أن يدرك ذلك جيداً ليتقدم في دراسته بقرار يقرره هو بنفسه ويلتزم به امامها .
 وقد قرر أحمد بالفعل أن يتحمل هذه المسئولية.
لقد استطاعت بدرية بهذه الجلسة الهادئة المشبعة بالحب والإخلاص في أداء دورها كأم أن تصل إلي قلب ابنها وعقله لتحقق الهدف الذي تسعي إليه وهو تحمل ابنها لمسئولية دراسته وتفوقه بها.