ثمانية أشهر تفصلنا عن مؤتمر الأطراف السادس والعشرين Conference of Parties, COP26 المزمع عقده في جلاسجو بإسكتلندا. حراك عالمي تقوده بريطانيا لحشد القوي لإنجاح المؤتمر، بخلاف أهميته، وكونه منصة عالمية لمراجعة ما وصل إليه هدف اتفاقية باريس عام 2015 القاضي "بالإبقاء على ارتفاع متوسط درجة الحرارة العالمية في حدود أقل بكثير من درجتين مئويتين فوق مستويات ما قبل الحقبة الصناعية"، طبقًا لما نصت عليه المادة 2-أ من الاتفاقية.
أيضًا، ينظر المؤتمر في تجديد التعهدات البيئية لكوكب اعتلت صحته وتنتفخ رئتيه بالكربون بمعدلات خطية، نجم عنها ارتفاع حرارته بنحو 0,7 درجة مئوية بما ينذر بكارثة بيئية حال استمرار أنماط نفث غازات الدفيئة بذات الوتيرة. ومع عودة أمريكا إلى اتفاقية باريس، يتوقع لمؤتمر هذا العام إقرار أهداف أكثر طموحًا. 
وتعد مؤتمرات الأطراف أحد نتائج الاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة لتغير المناخ الهادفة إلى تثبيت تركيزات غازات الدفيئة عند مستويات آمنة، كما تعمل كسلطة مسئولة عن مباشرة ومراقبة التقدم نحو أهدافها. 
ويأتي المؤتمر في توقيت غردت فيه بريطانيا خارج سرب الاتحاد الأوروكما ترغب بريطانيا في تأكيد مكانتها كدولة رائدة في إجراءات مكافحة تغير المناخ، وقدرتها على حشد توافق دولي يحافظ على صحة كوكب ينذر مستقبله بحاجته إلى المزيد من الأكسجين. في سبيل ذلك قام السيد آللوك شارما وزير الدولة البريطاني للشؤون التجارية والطاقة، والذى تم تعيينه رئيسًا لمؤتمر COP26، بجولات مكوكية بين بلدان العالم بهدف توحيد الرأي، وحث الدول على رفع مستوي تعهداتها البيئية.
 كالعادة، لا ينتظر أن تكون الاجتماعات القادمة سهلة، فالدول المتقدمة ترغب في وضع التزامات على الجميع، بينما تطالبها الدول النامية بالوفاء بتعهداتها البيئية والمالية كونها المتسبب الرئيسي فيما وصلت إليه مستويات الانبعاثات الحالية جراء الثورة الصناعية.
بنظرة عامة، يتم العمل على محورين الأول إجراءات تخفيف، والثاني تَكَيُف، علمًا بأن الصين تتصدر قائمة الانبعاثات الدولية بنحو الثلث، تليها أمريكا، فالاتحاد الأوربي، بنسب 14%، 8%، على الترتيب.
كانت الانبعاثات العالمية لثاني أكسيد الكربون قد انخفضت بنحو 7% خلال عام 2020 تأثرًا بتباطؤ الاقتصاد العالمي جراء جائحة كورونا، والذى تنامت معه الدعوات لمزيد من إجراءات التصالح مع البيئة، ففي قمة العشرين بالرياض نوفمبر الماضي، تركز الاهتمام على الاقتصاد الدائري للكربون، اعتمادًا على أربعة محاور، الأول خفض انبعاثاته من خلال رفع مشاركات الطاقات المتجددة وتحسين كفاءة استخدام الطاقة والاعتماد على بدائل جديدة مثل الهيدروجين الأخضر، والثاني إعادة الاستخدام بضخ الكربون في آبار النفط والغاز بما يحسن من انتاجيتها، وثالثًا إعادة تدويره بدخوله في بعض القطاعات الصناعية، وأخيرًا التخلص منه، بزيادة مساحات الغابات والأشجار القادرة على امتصاص الكربون، ويطلق على هذه الإجراءات 4R، نسبة إلى Reduce, Reuse, Recycle, and Remove.
على إثر ذلك، أطلقت العديد من الدول مبادرات وطنية للوصول إلى الحياد الكربوني، أو صفر انبعاثات، منها، استراليا بحلول عام 2040، وأمريكا وكندا والدنمرك وفرنسا وألمانيا واليابان وبريطانيا بحلول 2050، الصين والبرازيل عام 2060. 
بارتفاع الزخم الدولي بقضايا المناخ، يعد توسيع رقعة الالتزام بالحياد الكربوني أحد تحديات قمة جلاسجو، ليظل الأمر مرهونًا بمستوى وفاء الدول المتقدمة بتعهداتها المالية بما يساعد الدول النامية على صياغة سياسات طويلة الأمد تخفف الالتزامات عن كاهلها، خلاف محور آخر يعتمد على ما ستقدمه معامل الأبحاث من تقنيات متطورة يسهل دمجها في نسيج الطاقة، مثل تقنيات الهيدروجين الأخضر، وتخزين الطاقة.