سيهل علينا بإذن الله تعالى شهر رمضان شهر الخير والمغفرة، وشهر الإحسان والبذل والعطاء، شهر تتغير فيه حياتنا إلى الأحسن نفرح بأيامه ولياليه ونستبشر بأنواره وبما يحمل من بشرى خير للصائمين.
العام الماضي مع جائحة كورونا تغيرت عاداتنا في رمضان، والتزمنا بالإجراءات والتعليمات من فريق البحرين الطبي الوطني بما يحفظ مجتمعنا وناسنا، والتزمنا بكل ما يشيع الأمن والاستقرار، وندعو الله جلت قدرته أن يحفظنا هذا العام وتنزاح عنا هذه الجائحة وهذا لا يكون إلا بالالتزام بنصيحة القائمين على حماية صحتنا وسلامتنا من كل شر.
رمضان بكل القيم التي يحملها تجعل منا الأقدر على تقديم كل ما يشيع الطمأنينة في قلوبنا... كانت موائد رمضان في كل دول العالم الإسلامي مشهود لها بالفضل والتميز وإن اختلفت بعض الإجراءات والعادات والتقاليد، ولكن الكل كان يفرح بهذه الموائد التي كانت تقام أما في الطرقات والشوارع أو في مجالس أهل الخير، كما إنه في السنوات الأخيرة وجدنا بعض أهل الخير وهم يحملون بعض الأغراض لتقديمها للسائرين في الطريق أما مشيًا على الأقدام أو المستقلين السيارات، وكانت الفرحة تغمرهم وهم يقدمون ما تجود به نفوس الخيرين مما يساعد على إفطار صائم.
كما نشهد هذه الأيام الاستعدادات لتقديم سلة رمضان من أهل الخير للأسر المحتاجة وغير المحتاجة رغبة في إشاعة الأمن في النفوس واشعارًا بقيمة وعظمة أن نكون مع بعض شعورًا وإحساسًا، وميزة رمضان أن يعرف المرء قيمة ما يقدمه للمحتاجين، وأصبحت الآن سلة رمضان وما يتم فيها من تفنن في تقديم الخير لإشعار الأهل والجيران والأصدقاء بأن رمضان هو الآن الأقرب زمانيًا، والأقرب إلى الروح والعقل والعاطفة بما يحمله من مضامين روحانية.
من عادات رمضان المشاركة في الإفطار في بعض البلدان بينما تكون الغبقة أو السحور هي ما تقوم به بعض البلدان ومن بينها دول الخليج العربي حيث يتم دعوة الأصدقاء، فليالي رمضان عامرة بكل القيم التي يفرح بها الصائمون، وقراءة القرآن هي من النعم التي يقدم عليها الصائمون، وإن كان القرآن العظيم ولله الحمد معنا في كل وقت وآن وطوال السنة وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
كنا أطفالاً نفرح برمضان ونحاول أن نقلد الصائمين ما استطعنا وكان الآباء والأجداد يفرحون عندما نصوم ونحن بعد لم نبلغ التكليف الشرعي غير أن التعود ولو حتى نصف الوقت يبشر بالخير للمستقبل وعندما نبلغ التكليف الشرعي، كنا أطفالاً نلعب بالقرب من المسجد وعندما يؤذن المؤذن نجري لنبلغ أهلنا بآذان المغرب إيذانًا بالإفطار والأهل يشجعوننا على ذلك رغم علمهم بالآذان إما عن طريق دخول الوقت أو الاستماع إلى مدفع الإفطار أو من خلال الإذاعة.
رمضان يفرح الجميع بمقدمه، فخيراته لا تعد ولا تحصى. وخيرًا فعلت الأسر في أيامنا هذه بتحضير هدية «سلة رمضان» لتوزيعها على الأصدقاء والمعارف، وكذلك على الأسر التي تجد فيها أجمل هدية يقدمها الجيران والأصدقاء والمعارف، فنحن مأمورون بإشاعة البهجة والسرور إلى نفوس من نعزهم ونقدرهم ونشاركهم الفرحة بالأيام الجميلة.
تذكرني هذه الأيام بالفطور الذي يعده لنا سنويًا المرحوم الحاج حسن بن محمد الدوسري بوأحمد، فهو يرحمه الله كان يملك باصًا يأخذنا من البديع إلى مدارسنا الإعدادية والثانوية من البديع إلى المنامة وكانت من عاداته السنوية في رمضان أن يدعونا نحن الطلبة إلى مأدبة إفطار في منزله بالجنبية ويقدم لنا أشهى المأكولات وكنا سنويًا نفرح بهذه السانحة ونرى على محياه الفرحة والسعادة بهذه الدعوة، فهو يرحمه الله كان يعتبرنا أبناءه الذين يحرص على جدهم واجتهادهم وتفوقهم...
بيوت ومجالس كثيرة كنا نشاهدها في المدن والقرى وهي عامرة بالناس الفرحين بمقدم رمضان وأيامه ولياليه الجميلة.
ورغم الصعاب التي قد تواجهنا صحية وغيرها إلا أن فرحتنا بمقدم رمضان ستزيل عنا إن شاء الله ضيقة الصدر جراء كورونا، قطعًا سنلتزم بما يوجهنا القائمون على سلامتنا الصحية فهم الأدرى بسلامتنا والأحرص على أن تسود في بيوتنا الطمأنينة والأمن والاستقرار، وشعورنا بقيمة رمضان وروحانيته ستدخل إن شاء الله علينا السرور والغبطة ودعاؤنا الخالص لمن فارقنا إلى جنة الخلد إن شاء الله ويغفر الله لهم، وندعو الله للمرضى بالشفاء العاجل.
يحمينا الله من كل شر ويوفقنا إلى القيام بواجب الطاعة من صلاة وصيام وقراءة القرآن.
وكل عام والجميع بخير وعافية ورمضان كريم وخيره عميم على المسلمين وأن تشع أنواره على الكون كله، ففيه العبرة والموعظة وكل القيم الخيرة.