التدليل سوس ينخر في شخصية أبنائنا
أن نحب أطفالنا ونريدهم أن يكونوا سعداء لا يعني أن نحقق لهم جميع رغباتهم فهذا النوع من الحب لا يبني شخصية الطفل بطريقة إيجابية إذا يضعف التدليل احساسه بالأمن والطمأنينة ويدفعه إلي التفكير في ذاته فقط أي أن يصبح انانياً كما أنه قد يتجه إلي السرقة عندما لا تتحقق رغباته عندما يكبر ويرتفع ثمن ما يرغب فيه من أشياء ويجد الوالدان صعوبة في الاستجابة لها مادياً
إذن علينا كآباء أن نضع حدوداً لرغبات أطفالنا أن نعلمهم الفرق بين التصرف الصحيح والسلوك الخاطئ إلا أننا لا نتوقع أيضا أن يكون ابناؤنا سعداء بهذه الحدود لن يبتسم الطفل لوالده ويقول له : شكراً يا أبي لأنك طلبت مني أن اترك اللعب لكي ادرس أو يقول له: اشكرك ياوالدي لأنك امرتني أن اجمع العابي واعيدها إلي مكانها بعد أن انتهي من اللعب .
كما أن الأب الذي يريد أن يعلم ابنه معني المشاركة فيطلب منه أن يشارك اخته في قطعة الحلوي التي معه لايتوقع أن يكون ابنه فرحاً ويقول له : اشكرك ياأبي لانك طلبت مني أن اقتسم قطعة الحلوي مع أختي من الطبيعي أن يتضايق أطفالنا من الحدود التي نضعها لهم وعلينا أن نتوقع اجاباتهم الغاضبة أو عبوس وجوهم أو تجاهلهم لأنهم يكرهون قوانينا وحدودنا التي نضعها لهم كما أنهم لا يحبوننا في تلك اللحظات إذ من الصعب علي الاطفال أن يفصلوا بينا وبين تصرفاتنا وعندما نصر علي أن يفعلوا شيئاً لا يريدون هم أن يفعلوه أو عندما نرفض أن نستجيب لتوسلاتهم فإننا كثيراً ما نسمع منهم هذه الجمل الغاضبة أنت لئيم أنت غاضبة إلي حد أن تقولي بأنك لن تحبيني بعد اليوم إلا أنها جعلتها ملزمة بقبول تلك الحدود من أجل مصلحتها .
والدة محمد لم تفعل ذلك وانما استسلمت لابنها لأنه اشعرها بالذنب إذا لم تدعه يشاهد برنامج لم تلزم ابنها الحدود التي وضعتها بطريقة حازمة مثلما يتضح لنا من عرض هذا المثال :
قال محمد لوالدته : أريد أن أشاهد البرنامج القادم
أجابت أمه: لكنك لم تتوقف عن مشاهدة التليفزيون منذ أن عدت من المدرسة
رد محمد: اعلم ذلك لكن ليس لدي أي واجبات مدرسية اليوم
قالت الأم : ولو لقد شاهدت التليفزيون ما فيه الكفاية
قال محمد : ارجوك يا أمي إنه استعراض عظيم
اجابت الأم: لكن عيناك متعبتان من طول مشاهدتك للتليفزيون
عاد محمد يلح عندما لاحظ أن أمه بدأت تلين لمطلبه: البرنامج لن يتجاوز نصف الساعة ارجوك يا أمي
إلا إن امه عادت تقول: لكني اعتقد أن البرنامج غير مناسب لسنك
هنا بدأ الابن يضغط علي شعور والدته بقوله: إن اصدقائي يشاهدونه كل اسبوع سأكون الشخص الوحيد الذي لم يشاهده.
عندئذ استجابت الأم لالحاح ابنها وسمحت له بمشاهدة البرنامج فهي لاتريده أن يكون غير سعيد ووقعت دون أن تشعر في مصيدة اسعاد الطفل عندما كسرت الحدود التي وضعتها لابنها لكن الأم تخطئ في تربية طفلها إذا فعلت ذلك إذ كان المفروض أن تعالج هذا الموقف مع ابنها بالاسلوب الذي اتبعته والدة سهير لكي لا تقع في مصيدة الحرص علي ارضاء ابنها بصورة مؤقتة قد يكون لها تأثير سلبي علي شخصيته مستقبلاً عندئذ سيجد الطفل نفسه مضطراً للالتزام بهذه الحدود حتي لو لم يرضي بها لأنها تهدف من ورائها إلي مصلحته وبهذا الاسلوب الحازم المقنع في التربية ينشأ الطفل بنفس متوازنة تدرك الحدد التي تقف عندها في سبيل تحقيق رغباتها .