أينما يَمَّم العالم وجهه لغرس بذور العطاء وجد أن دولة الإمارات سباقة وقد حطت برحالها باذلة الغالي والنفيس لكل محتاج ومستغيث، كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء، تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها، مستلهمةً قيمها الإنسانية من المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان، طيب الله ثراه، الذي عرفته الإنسانية بالقائد العظيم الذي كان ديدنه التعاطف والتآخي وغرس بذور العطاء، تاركاً معين خير ترتوي به هذه الأرض الطيبة، فبات هذا النهج دستوراً خالداً تحذو حذوه المؤسسات الإنسانية والخيرية في الدولة.
والتي لم تدخر جهداً في رأب صدع خطوب القريب والبعيد، وكانت بلسماً بعطائها حينما تخبط العالم في غوغاء جائحة أتت على كل شيء، كانت الإمارات بصيص النور ومشكاة الأمل.
فرغم ما جلبه عام 2020 من تحديات على مستوى العالم، ورغم التدهور الصحي والاقتصادي والسياسي الذي عانت ويلاته دول كثيرة، ظهر جوهر دولة الإمارات وقيادتها الرشيدة الأصيل أمام العالم أجمع، بمد يد العون للجميع، ومساندة جهود التصدي للجائحة فيروس كورونا المستجد، «كوفيد 19»، بنموذج يحتذى به في العمل الإنساني.
نهج إنساني
وفي إطار توحيد الجهود الوطنية للتصدي لوباء فيروس كورونا (كوفيد 19)، وتجسيداً لمضامين التلاحم المجتمعي الذي يسود مجتمع الدولة، جددت دولة الإمارات التزامها الدؤوب بدعم التعاون الدولي بنهج إنساني بعدما قدمت 1760 طناً من المساعدات الإنسانية في فبراير الماضي، وتفانت بعطاء من خلال دعم 1.7 مليون من العاملين في الرعاية الطبية.
هذا بالإضافة إلى تسيير أكثر من 182 رحلة من رحلات المساعدات الطبية المرسلة لـ 129 دولة على مستوى العالم، راسمةً صورة مشرقة من التلاحم الإنساني، ومرتكزة على النهج السامي الذي رسّخه المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي آمن بالمسؤولية الجماعية في تقديم يد العون والمساعدة لمصلحة البشرية، بغض النظر عن العرق والأيديولوجيا والدين.
كاشفةً عن الرؤية الثاقبة لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، التي لم تتغير حينما انتشرت الجائحة في أرجاء العالم، فقد ضاعفت دولة الإمارات من مساعداتها لجميع الدول المحتاجة بكل إمكاناتها، فضلاً عن مواجهة التحديات الصحية الداخلية.
48 ساعة
وفي أقل من 48 ساعة، وبفضل موقعها الجغرافي المتميز وبنيتها التحتية اللوجستية الممتازة، جهزت دولة الإمارات مدينة إنسانية، لتستقبل العالقين من رعايا دول عربية وأجنبية الذين جاء إجلاؤهم من مقاطعة هوبي الصينية، بؤرة فيروس كورونا، وبلغ عدد رحلات الإخلاء 1806 رحلات.
فيما بلغ عدد رحلات الإجلاء 249 رحلة لأكثر من 66 وجهة، وبلغ عدد الأشخاص الذين تم إجلاؤهم 7395 من المواطنين ورعايا الدولة، كما تم إخلاء ما يزيد على 251468 شخصاً، الذين احتوتهم مدينة الإمارات الإنسانية في أبوظبي بالتجهيزات والمستلزمات التي تم تجهيزها بكل المتطلبات الضرورية، وإجراء الفحوص الطبية اللازمة لرعاية الدول الذين تم إجلاؤهم، للتأكد من سلامتهم، ووضعهم تحت الحجر الصحي لمدة لا تقل عن 14 يوماً.
وخلال هذه الفترة، وفرت لهم منظومة رعاية صحية متكاملة من قبل كوادر طبية وخدمية على مدار 24 ساعة، بما يتوافق مع معايير منظمة الصحة العالمية، إلى حين التأكد التام من سلامتهم، حيث حثت دولة الإمارات المساعي للتأكيد على نهجها الإنساني الاستباقي في مساعدة الأشقاء ومد يد العون لهم في الظروف الطارئة، وعلاوةً على ذلك، قامت دولة الإمارات في إطار مساعداتها الإنسانية، بتأسيس 3 مستشفيات ميدانية في 3 دول.
كما بلغت قيمة المساهمات العينية التي قدمتها دولة الإمارات لمنظمة الصحة العالمية أكثر من 10 ملايين دولار، وأشادت المنظمة بالجهود الإغاثية والتجربة الإنسانية العظيمة التي تبذلها دولة الإمارات من خلال مواصلة عملها في مساعدة الدول وإغاثتها في ظل الظروف المستجدة، إذ كانت حاضرة على مستوى العالم وباتت محل تقدير من قبل المنظمات المختصة.
عطاء متواصل
وتواصل العطاء هذا العام بإطلاق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، الحملة الأكبر في المنطقة لإطعام الطعام في 20 دولة في شهر رمضان، لتقديم الدعم الغذائي للمحتاجين والأسر المتعففة في المنطقة العربية وقارتي أفريقيا وآسيا، والمساهمة في التغلب على تحدي الجوع في العالم.
وتلعب «حملة 100 مليون وجبة» دوراً بارزاً في تمكين الجميع داخل دولة الإمارات وخارجها من التبرع لمكافحة الجوع وتوفير الدعم الغذائي للمجتمعات الهشة والفئات الأقل دخلاً، وتتيح للأفراد والمؤسسات والشركات ورجال الأعمال وكل فئات المجتمع والفعاليات الاقتصادية المساهمة في مواجهة تحدي الجوع عالمياً.
وتكريس قيم العطاء في شهر الخير ودعم الحملة الأكبر من نوعها على مستوى المنطقة لتوفير 100 مليون وجبة في أكثر من 20 دولة للمحتاجين والأسر المتعففة والفئات الهشة في المجتمعات الأقل دخلاً، وذلك بالتنسيق مع الشبكة الإقليمية لبنوك الطعام والمؤسسات المعنية في الدول التي تغطيها الحملة عربياً وإفريقياً وآسيوياً.
رعاية أسر المتوفين بفيروس «كورونا»
ومن جهتها، لم تدخر هيئة الهلال الأحمر الإماراتي جهداً في دعم المساعي الوطنية للتصدي لجائحة كورونا، ودعم المتضررين منها، حيث قامت بكفالة ورعاية أسر المتوفين كافة بسبب فيروس كورونا المستجد «كوفيد 19» من جميع الجنسيات في الدولة.
وذلك ضمن مبادرة «أنتم بين أهلكم» التي تتضمن عدداً من المحاور الحيوية وتعزز برامج الهيئة في مجال الخدمات المجتمعية، حيث وفرت الهيئة المتطلبات كافة التي تحتاجها تلك الأسر وتقديم كل ما من شأنه أن يسهم في تعزيز قدرتها على مواجهة ظروف الحياة، وتجاوز محنة الفقد التي لحقت بها.
تمكين
في إطار المساعدات التي قدمتها مؤسسة زايد للأعمال الخيرية والإنسانية، خاصة خلال أزمة جائحة «كورونا»، سواء داخل الدولة أو خارجها، فقد قامت المؤسسة بالتعاون مع جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا بتجهيز شاحنات من المواد العينية الأساسية لتمكين كل منزل خاصة في المناطق الفقيرة والمحتاجة، لمساعدة تلك الأسر على تطور معيشتها في توفير معيشة أفضل لسائر الأسر.
وعليه فقد سعت إلى إرسال شحنات لمختلف الدول الأقل نمواً في أفريقيا وجنوب آسيا لتوزيعها على الجهات المحتاجة، ومساعدة الأسر الفقيرة، والتي تعيش تحت طائلة الفقر في ظروف حياتية صعبة تنوء تحت ويلات الفقر والمرض والحاجة.
تكافل
سطّر برنامج «معاً نحن بخير» أروع قيم التعاون والتكافل الاجتماعي والإنساني، حيث تجاوزت القيمة الإجمالية للمساهمات الواردة للبرنامج، نحو مليار درهم إماراتي؛ مع أكثر من 438 مليون درهم من المساهمات المالية، وأكثر من 600 مليون درهم قيمة المساهمات العينية، وسجل البرنامج أكثر من 100 يوم من العطاء الصادق والتضامن المجتمعي الحقيقي، وشهد استقبال أكثر من 30 ألف مساهمة، تم توجيهها لتقديم الدعم لأكثر من 400 ألف متضرر في مختلف أنحاء إمارة أبوظبي.
وجعلت المساهمات السخية، المادية والعينية المقدمة من أبناء مجتمع أبوظبي، برنامج «معاً نحن بخير» واحداً من أهم برامج الدعم الاجتماعي، ليعكس قيم هيئة المساهمات المجتمعية معاً وأهدافها الاستراتيجية في ترسيخ مبادئ التضامن المجتمعي وتفعيل رؤية الهيئة في إنشاء مجتمع متعاون عبر تحفيز المشاركة والتعاون بين مختلف القطاعات، لوضع حلول مبتكرة للتحديات التي تواجه المجتمع، وهي الغاية الأساسية التي أنشئت من أجلها هيئة المساهمات المجتمعية معاً.
كما وفرت الهيئة أكثر من 20 ألف سلة غذائية عالية الجودة تم توزيعها على أكثر من 40 ألف متضرر من سكان العاصمة أبوظبي، وتضمنت السلال الغذائية المواد الأساسية كالأرز والمعكرونة والتمر والفاصوليا والشاي والمربى والنودلز.
ولضمان استمرارية العملية التعليمية عن بعد عملت هيئة «معاً» بالتنسيق مع 24 جهة حكومية على توفير أكثر من 4 آلاف جهاز كمبيوتر وجهاز لوحي، فضلاً عن تقديم الدعم المادي من خلال تسديد الرسوم الدراسية لأكثر من 8 آلاف طالب في أبوظبي.
وحدة المصير
المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، آمن بوحدة المصير الإنساني، وآمن بأن العطاء وقود النماء والتطور، وأن البذل جسر يربط الإنسانية جمعاء، قيم غرسها الوالد المؤسس في قلوب شعبه، فكان الحصاد اليانع وقت الأزمات والتحديات، ما جعل دولة الإمارات في صدارة الدول التي لم تدخر جهداً لمد يد العون ومجابهة الصعاب وإغاثة الملهوف.