لم يعد العقاب الوسيلة الإيجابية لردع أطفالنا عن السلوك الخاطئ وانما هناك وسائل اكثر تأثيراً ينصح به علماء نفس الطفل من أجل تطوير شخصياتهم إذ يري هؤلاء العلماء أن عقاب الطفل يثير في نفسه الرغبة في الثأر من والديه فيبدأ في التفكير بالطريقة التي سيثأر بها منهما وقد يدفعه ذلك أيضا إلي الاحتيال أو الكذب فلا يعترف بارتكابه للخطأ خوفاً من العقاب كما لاحظوا أيضا أن الآباء الذين يستخدمون العقاب بكثرة مع أبنائهم يميلون إلي الانحراف وعدم الإحساس بالمسئولية .
وعادة ما يتذكر هؤلاء الأطفال عندما يكبرون الطريقة التي استخدمها آباؤهم في معاقبتهم لكنهم لا يتذكرون السبب الذي استحقوا من اجله هذا العقاب .
هدي أم لطفلين تعود والدها أن يستخدم اصبعه في دفع رأسها عندما يغضب عليها أو يعاقبها عندما ترتكب خطأ ما وكانت هذه الحركة تجرح شعورها وتؤلمها نفسياً حتي عندما كبرت فهي تتذكر هذا الشعور البغيض ولا تتذكر السبب الذي كان يدفع والدها لكي يفعل معها ذلك لديك قررت أن لا تكرر أسلوب معاملة والدها لها مع ابنائها .
وفي يوم جاء والدها لزيارتها واقترح عليها أن تدفع رأس ابنها بأصبعها عندما اساء التصرف وتماسكت لكي لا تصرخ في وجهة قائلة : كيف تجرؤ وتطلب مني أن افعل ذلك ألا يكفي ما فعلته بي؟
قد يلجأ الوالدان أحيانا إلي الضرب ليعلما طفلهما درساً في الطاعة لكن هل فكر هذان الوالدان ما هو الدرس الذي تعلمه ابنهما من هذا العقاب ؟
الواقع أنه لم يستفد شيئاً كل ما اورته ذلك الضرب هو عدم شعور الوالدين بالراحة واحساسهما بالذنب وهذا الشعور يؤكد لنا حقيقة واضحة هي : أن الضرب مؤلم للطفل لكن بعض الآباء يلجئون إليه في غمرة غضبهم بصورة عفوية لكنه لم ولن يكون وسيلة إيجابية مؤثرة لتطوير شخصية الطفل وهو الهدف من الأساس من العقاب بل أننا لا نستطيع أن نمنع أطفالنا من الرد علينا بنفس الطريقة إذا كانوا غاضبين أوأن يستخدموا هذا الأسلوب مع اصدقائهم ليتخلصوا من الإحساس بالذنب فالطفل يشعر عندما يعاقب أنه قد دفع ثمن خطئة وهو حر في أن يعيد سوء تصرفه دون أن يشعر الذنب فهل نريد من أبنائنا أن يحسبوا ما ارتكبوا من أخطاء ثم يوازنوا بين جرائهم وعقابهم ؟
الواقع أن الطفل الذي لا يشعر بالذنب عديم الضمير وضميره لا ينمو إذا شعر بالذنب إذا اخطأ التصرف والعقاب يعيق هذا النمو لأنه يسلب شعور الطفل الفرصة ليشعر بالذنب ولا تتاح له الفرصة بذلك لكي يطور دوافعه الداخلية ولنأت بمثال لنوضح ما ذكرنا .
كسر حسن البالغ من العمر ١١ سنة تمثالاً قضي والده ساعات طويلة في نحته وقد اثار ما فعله غضب والده الشديد إلا أنه لاحظ أن ابنه اخذ يجمع القطع التي تكسرت علي مهل ويلصقها بالتمثال لتبدو كما كانت من قبل .
قال له والده واصفاً شعوره: أنا غاضب مما فعلت كان هذا التمثال يعني الكثير لي والآن اراه أمامي مدمراً.
راد حسن بأدب: أنا اسف يا أبي تستطيع أن تحرمني من مصروفي لتشتري به طيناً حتي تصنع تمثالاً آخر
علق والده: أعتقد أنها فكرة جيدة
لقد تصرف الأب في هذا الموقف بطريقة صحيحة إذ أشعر أبنه أنه غاضب لكنه لم يعاقبه لأنه لاحظ أن حسنا كان يحاول أن يصلح خطاه بطريقته الخاصة متحملاً مسئولية ما فعل والعقاب هنا لن يمنحه الفرصة لكي يتحمل نتيجة خطئة فلا يكرره مرة لكن هذا الأسلوب في معاملة الأبناء يحتاج إلي صبر ومرونة وقدرة علي تحمل الغضب وعدم التسرع في انزال العقاب بالطفل وهي أمور نستطيع أن نتمرس علي أدائها بمرور الوقت بعد أن نتعرف علي المزيد من الطرق البديلة للعقاب الهادف إلي تطوير سلوك وشخصية أبنائنا.
أن هذا الأسلوب الحازم يوفر علي الأم اللجوء إلي عقاب ابنها بسبب مماطلته له
لأن العقاب وتهديد الطفل يثير روح التحدي لديه مثلما حدث لسامي عندما هددته والدته بقطع مصروفه الأسبوعي ورد عليها : لا يهمني سأخذه من والدي
وبالطبع جعلت هذه الإجابة أم سامي اقل راحة وأكثر يأساً لذلك يجب عدم لجوء الوالدين إلي العقاب إلا في حالات نادرة لأنه لا يعد وسيلة إيجابية دائما في تأثيرها علي سلوك الطفل .