سيحاول أطفالنا عندما نضع حدوداً حازمة لهم أن يحاورونا وأن يكسروا قوانيننا فماذا نفعل في مثل هذه المواقف؟ اغلبنا يعود إلي الأسلوب الوحيد للردع وهو العقاب إلا أن العقاب لا يحقق الهدف منه في اغلب الأحيان ولنأتي بهذا المثال لأثبات ذلك .
كان علي البالغ من العمر تسع سنوات يحاول طوال اليوم اقناع والده لكي يسمح له بالنوم في بيت احد أصدقائه وكان والده يرفض طلبه قائلاً أنت تعلم أن النوم في بيت صديقك امر غير مسموح به في ليلة المدرسة وكان علي يرد عليه محاولاً مرة اخري:
لكننا سنذهب إلي الفراش مبكرين أعدك بذلك يا أبي .
إلا أن الأب وضع حدوده لابنه وعليه أن يلتزم بها دون نقاش لذلك اجابه قائلاً : علي أنت تعلم بالحدود التي وضعناها أنا وامك لذلك لا تحاول معي أو معها ولا تحاول أن تفتح هذا الموضوع مرة اخري .
أجاب علي غاضباً: أنت لعين وأنا أكرهك
أجاب الأب غاضباً: هذا إذن الآن سوف تعاقب علي قلة ادبك اذهب إلي غرفتك وابق هناك لن تشاهد برامج التليفزيون لمدة خمسة أيام.
ذهب علي إلي غرفته غاضباً وكتب علي الحائط بطبشور كان لديه ثور ثو أبي ثور
هل استفاد علي من هذا العقاب؟ هل جعله يرتعدع أو يصلح من سلوكه المخطئ؟ من الواضح أنه لم يفعل وإنما استجاب إلي العقاب بثورة وغضب وجهها إلي والده
لم يذهب إلي غرفته بهدوء ليتأمل ما فعل لكي يحاسب نفسه علي تعديه للحدود التي وضعها له والداه فيقول لنفسه: أبي علي حق لقد كنت سخيفاً في تصرفي وأستحق عقابه لي .
إن الخطأ الذي ارتكبه أحيانا كأباء اننا عندما نعاقب أطفالنا هو أننا نهاجمهم بطريقة مؤلمة وجارحة لمشاعرهم لذلك لا يكون تأثيرنا إيجابيا علي سلوكهم فهم يتجاوبون معا بأسلوب يقوم علي رد الثأر لنا لا علي أساس احساسهم بذنبهم لكي يحاولوا التخلص منه .
ولو أن الأب استبدل عقابه لابنه بقوله:
أنا اشعر بنك متضايق وتتمني لو نمت في بيت صديقك لكنك تستطيع أن تفعل ذلك في ليلة عطلة لأنك بحاجة إلي النوم مبكراً في ليلة المدرسة لنستطيع الاصغاء بانتباه لشرح المدرس.
فإنه بهذا القول سيشعر أبنه أنه مدرك لامنيته وشاعر بخيبة أمله لكنه ملزم بتطبيق الحدود التي وضعها مع أمه لصالحه.
وهذا مثال اخر يوضح لنا كيفية تجاوب الطفل السلبي لعقاب والديه .
سامي طفل في العاشرة من عمره ترك العابه وملابسة منثورة في الصالة بعد أن ارتدي بيجامته واستغرق في مشاهدة التليفزيون .
قالت له والدته : سامي ضع العابك وملابسك في غرفتك
رد سامي بلا مبالاة: سأفعل ذلك فيما بعد وعاد إلي متابعة التليفزيون
قالت الأم بغضب: فيما بعد هذه هي جملتك المفضلة التي تجيبني بها دائماً اريدك أن تقوم الآن وتنفذ ما أمرتك به .
اجاب الابن بتأفف: أمي ألا ترين أني اشاهد برنامجي المفضل سأفعل ما تريدين بعد أن ينتهي .
لكن سامي لم يف بوعده لوالدته بعد أن انتهي برنامجه وتابع مشاهدته للتليفزيون قالت له والدته بنبرة غاضبة: والآن أنته مما وعدتني به سأصاب منك بالجنوب إذا لم تجمع العابك وملابسك المنثورة في الصالة فسأعاقبك .
رد ابنها متأففاً: أن تعب جداً اليوم سأقوم به غداً
أجابت الأم بغضب: لا ستقوم به الآن
قال سامي: أنت لن ترغميني علي فعل ما تريدين
ردت الأم وقد ازدادت ثورتها : وترد علي بهذه الوقاحة إذا لم تجمع العابك وملابسك الآن فإنني لن اعطيك مصروفك الاسبوعي .
اجابها ابنها سامي بتحد: لا يهمني سأخذه من والدي
إذن لو قالت الأم لابنها بنبرة حازمة منذ بداية الحوار : مكان هذه الملابس في غرفتك واريد أن اراها هناك الآن هل سمعت ما أقوله؟
فإنه سيشعر بنبرتها الحازمة وحتي لو افترضنا أنه حاول المراوغة ليتابع مشاهدة برنامج عندئذ من الافضل أن لا تترك له والدته الفرصة ليفعل ذلك حتي يؤدي ما عليه من واجب نحو ترتيب ونظافة البيت كما أن علي الوالدين الاتفاق حول طريقة تربيتهما لابنائهما حتي لا يؤدي الاختلاف في الرأي بينهما إلي تذبذب الطفل بين معاملتين مختلفتين فيستغل الجانب الاضعف ليحصل علي ما يريد وفي هذا اضرار كبير لشخصيته مستقبلاً.