يتجه بعض الآباء إلي تسجيل مشاجرات ابنائهم لكي يخففوا من حدتها حيث يشعر ابناؤهم بالخجل من التلفظ بابية أو من علو اصواتهم الغاضبة عندما يسمعونها مسجلة فيعمدوا إلي تخفيفها فيقل عنف الشجار فيما بينهم .
وهناك ايضا وسيلة اخري لمعالجة معارك الابناء تقوم علي تسجيل الأب أو الأم كتابياً ما يدور من شجار بينهم فتقول الأم مثلاً : دعونا نكتب هنا سبب شجاركم .. مني اكتبي ماذا فعل بك محمد وأنت يا محمد أكتب شكواك من مني
ستلاحظ الأم عندئذ أن المعركة قد هدأت ولم يدفعها أحد ابنائها لكي تكون حكماً بينهم طريقة اخري تخفف الشجار بين الاخو تتلخص في أن تكتب الأخت الغاضبة مشاعرها نحو أخيها في رسالة .
كتبت سعاد إلي أخيها أحمد قائلة: عزيزي الأحمق أحمد: كيف حالك أتمني أن لاتكون بخير هل تعلم ماذا يفرحني؟ أن اضربك لكمة تجعل أنفك يسيل دماً وأسنانك تتكسر ثم ارفسك لاشعر بالسعادة
أختك التي لاتحبك سعاد
وبالطبع لا ترسل سعاد هذه الرسالة إلي أخيها وإنما ستشعر أن غضبها قدر زال بعد أن افرغت بهذه الوسيلة ما في نفسها من غضب علي أخيها وسنري سعاد تلعب مع أخيها في المساء وكأنه من أعز اصدقائها.
ويلجأ بعض الإباء إلي تشجيع ابنائهم لكي يفرغوا شحنة غضبهم علي اخوتهم بطريقة اخري لتخفيف المشاجرات ذكرتها احدي الامهات قائلة : اشتريت مخدة خاصة للضرب لابني ليفرغ فيه شحنة غضبه علي أخيه عندما يضايقه واستطعت بذلك أن أخفف مشاجرات ابنائي ورغم أن الآباء يكرهون شجار ابنائهم إلا أن له جوانب ايجابية قد لايشعرون بها لكنها تفيد هؤلاء الابناء فهم يتعلمون كيف يتعاملون مع الآخرين مستقبلاً من خلال احتكاكهم ببعضهم البعض .
ورغم ما تحمله مشاجرات الابناء من مشاعر متوترة إلا أن اكثرها وضوحاً الرغبة في الجدال والشعور بالغيرة لأنهم يعبرون عنها بصوت مرتفع
كما علينا أن لا ننسي بأن هذه المشاجرات تتيح لهم فرصة التعبير عن عواطفهم المختلفة التي قد تدهشنا في بعض الاحيان بسبب تناقضها نحو بعضهم البعض حيث يلعن الاخ اخاه وبعد عدة دقائق نراه يلعب معه بسعادة لذلك يفضل خبراء التربية أن نكون محايدين حتي يتجاوز ابناؤنا صراعاتهم بشكل طبيعي ليستعيدوا علاقاتهم الحميمة فيما بيهم وسيدركون عندئذ أن في علاقات الابناء يتعايش الحب والغضب معاً
كما لاحظت هذه الأم من خلال حوار دار بينها وبين ابنها البالغ خمس سنوات عندما سألها بسبب غيرته من أخته قائلاً: من تحبين أكثر أنا أم أختي؟
ردت الأم: أحبكما معاً
قال لها ابنها بإلحاح : لابد أن تحبي واحدا منا أكثر من الآخر
سألته أمه: من تظن أنت؟
رد عليها هامساً: أظن أنك تحبينني أكثر لكن لاتدعي أختي تعلم بذلك حتي لا تجرحي شعورها إذن علي الآباء أن يساعدوا ابناءهم علي أن يدركوا بأن مشاعر الحب والغيرة هي مشاعر طبيعية ومقبولة وعندما يعود الآباء ابناءهم علي ايجاد حلول لمشاكلهم بأنفسهم فإنهم يعدونهم بذلك التعامل مع علاقاتهم المستقبلية وهم كبار كما أن علي الاباء أن يدعموا المشاعر الايجابية بين ابنائهم ويساعدوهم علي التعامل بسهولة مع مشاعرهم السلبية مثلما فعلت هذه الأم التي لاحظت أن طفلها الاكبر ذهب ليأتي ببطانية أخيه المفضلة عندما طلبها بمدحته قائلة: أخوك محظوظ لأن لديه آخاً مثلك يفكر فيما يحتاجه ويأتي له به أي أنها رسخت بمديحها لطفلها مشاعرة الايجابية نحو اخيه .
وتذكر احدي الامهات في احدي ورش العمل التي تعقد للآباء في امريكا مهارة أمها في التعامل مع مشاجراتها مع اخوتها قائلة: كنت في الثامنة من عمري وكان اخي في سن الثالثة عندما انجبت أمي طفلها الثالث كان واضحاً لدينا أن هذا الأخ يغار كثيراً من أختي الجديدة
وفي يوم فوجئنا بصراخ اختي ينطلق عالياً من غرفتها فركضنا انا وأمي اليها لنجد سريرها المعلق مرمياً علي الارض وأختي بداخله تبكي وأخي بجانبها وقد بدا الخوف علي وجهه إلا أن أمي لم تصرخ في وجهه وتتهمه بالاعتداء علي أخته وانما اخذت الطفلة ووضعتها في حضنه قائلة: انظر اليها كم تبدو صغيرة وضعيفة بينما أنت كبير وقوي أن أختك بحاجة لك لكي تحميها لسنوات كثيرة قادمة وأنا واثقة بأنك ستكون معها لطيفاً جداً
واستمع أخي إلي حديث أمي ولم يقل شيئاً لكنه اصبح صديقاً حتي اليوم .
لقد كانت هذه الأم ذكية عندما تغلبت علي غيرة ابنها من أخته فلم تشعره بالذنب لما فعله معها وجعلته يدرك أنه يستطيع ايضاً أن يحب اخته بقولها: أنت كبير وقوي وأختك بحاجة لك لكي تحميها
عندئذ شعر الأخ بأن مشاعره الايجابية نحو اخته بدأت تزهر في نفسه وازدادت ازدهاراً مع الأيام .