يعتقد بعض الآباء أن العدل والمساواة في معاملة الأبناء سوف يضع حداً للنقاش والمشاجرة بينهم حول مايريد أن يحصل عليه احدهم أكثر من الآخر أو قبلة وأيهم أفضل لدي آبائهم إلا أننا مهما بذلنا من جهد لكي نكون عادلين فإننا لن ننجح ابداً وحتي لو صدقنا أننا حقاً عادلون فإن اطفالنا لن يوافقونا علي ذلك ومادمنا قد علمنا عدم نجاح أي من الآباء في مسألة العدل والمساواة بين الابناء فالأفضل إذن عدم تطبيقها لأن كل طفل يختلف بشخصيته عن الآخر كما أن كل سن تتطلب معاملة تتناسب مع العمر الزمني والعقل للطفل .
وسوف ندرك من خلال تجربة هذه الأم كيف فشلت في تطبيق المساواة والعدل في معاملتها لولديها رشاد ومحمد .
قال رشاد لأمه: هذا ليس بعدل كيف تسمحين لمحمد أن يذهب مرتين للتزحلق علي الجليد وأنا لم آذهب إلا مرة واحدة دعيني أذهب عندما اشفي من مرضي .
اجابت والدته: لا تقل لي ماذا علي أن افعل هذه ليست غلطتي أن تصاب بالحصبة وعليك أن لا تلوم احداً كم مرة ذهبت أنت للتزحلق علي الجليد في الاسبوع الماضي؟
أجاب رشاد: مرتين
قالت الأم: وكم مرة ذهب محمد ؟
قال الابن: مرتين
ردت الأم وهي تؤكد عدلها بين ولديها: لا لم يذهب إلا مرة واحدة اترك الحماقة عنك .
رد رشاد : أنت غير عادلة ولا يهمك شعوري
إذن مادامت هذه الأم قد قررت أن تعامل ولديها بطريقة متساوية فإنها لن تنتهي من محاولة الاثبات لهما بأنها عادلة لأنهم سيظلون يحسبون عليها عدد المرات التي سمحت لكل منهما القيام بما يريد وكيف حصل احدهما أكثر من الاخر وسيحاول كل منهما أن يحصل علي مثل ما حصل غيره دون أن يضع في اعتباره فرق السن بينه وبين أخيه.
الحل إذن إذا اشترت الأم كتاباً أو لعبة لابن ولم تشتر للاخر فإن عليها أن تقول له : أنت تتمني لو جئت لك ايضا بلعبة في المرة القادمة إذا رأيت شيئاً مناسباً لك سأفاجئك به
جون ويس أحد الخبراء في مجال تربية الاطفال ذكر في كتابه ابنك الثاني ما يؤكد عدم امكانية تحقيق العدل الكامل بين الابناء حيث قال: برغم أن الاطفال يذكرون أمام آبائهم أنه يريدون العدل والمساواة إلا أنهم لا يقبلون به عند تطبيقه عليهم في شئون حياتهم اليومية ومن الصعب علي الوالدين ايضا تطبيقه لقد اثبتت التجارب التربوية أن تحقيق كل شيء بشكل متساوي بين الابناء لا يمنع الشجار بينهم والسبب أن الاخوة لا يتعاركون بسبب مايعطيه الوالدان لاحدهم دون الآخر وانما من أجل التأكد من حصولهم علي حبهم لذلك من الافضل بدل أن نكون عادلين في جلب الاشياء لاطفالنا هو أن نعامل كل طفل علي حدة بما يتناسب مع شخصيته إذا جاء الأب بدراجة لابنه في عيد ميلاده الرابع ليس من الضروري أن يأتي لابنه الاصغر بدراجة في عيد ميلاده إذ ربما يفضل هذا الابن الحصول علي بيانو أو جيتار فالاطفال لا يتشابهون في أذواقهم لذلك فهم لايريدون اشياء متشابهة كل واحد منهم يريد هدية تتناسب مع ذوقه وسنري أننا سنحاول الاستفادة من أخطائنا مع الابن الاول بأن نتفاداها مع الابن الثاني وهكذا بالنسبة للطفل الثالث وقد يكون من السهل وقوع الوالدين في مصيدة الحرص علي معاملة الابناء بالتساوي لكن ذلك غير ضروري بل إنه مستحيل
عبرت احدي النساء عن شعورها نحو ما كانت أمها تقوم به من مساواتها بأختها قائلة: كان علي أن اذهب دائماً إلي النوم مع اختي رغم أني أكبر منها وعندما اصبحت قادرة علي أن اضع احمر الشفايف سمحت أمي لاختي بنفس التصرف كنت اكره في تلك اللحظات هذه الاخت وأكره مساواتها بي لأن لكل منا شخصيتها المختلفة عن الاخري كما أن اعمارنا مختلفة فكيف تحصل اختي علي ما أحصل عليه دائما؟
وكان والد محمود ماهراً في تعليقة علي احتجاج ابنه البالغ من العمر ٨ سنوات لبقاء اخيه البالغ من العمر ١٠ سنوات اكثر منه بساعة عندما قال له : اعتقد انك تستطيع الانتظار حتي تبلغ العاشرة من عمرك لتبقي حتي الساعة التاسعة مثل اخيك
بدل أن يقول له : اخوك في العاشرة وأنت في الثامنة
لأنه عندما فعل ذلك جعل ابنه يتطلع بأمل الوصول إلي سن العاشرة دون أن يشعر بتقليل شأنه لأنه في سن الثامنة
وكانت ندي أم ذكية عندما جابت ابنها الذي سألها ايهم أحب اليها من اخوته الثلاثة قائلة: أحبكم جميعاً لأنكم مثل اصابعي كل واحد منكم يختلف عن الآخر لكنني أحتاج اليهم جميعاً لاقوم بعملي .