نظراً لاهمية مواجهة غضبنا علي ابنائنا بالتعبير عنه بالكلام دون المساس بشخصية الطفل ساورد مثالاً آخر يوضح لنا كيفية استخدامه.
باسل طفل في الثالثة من عمره دخل احد المحلات مع والدته ألح عليها لكي تشتري له بعض الحلوي وكان الوقت قريباً من وجبة الغذاء لذلك رفضت أمه شراء ما يريد لكنه اصر علي طلبه وبدأ يئن فآخذ غضبها يتزايد لكنها كتمته وعالجت الموقف بمهارة فماذا فعلت؟
قال باسل لأمه وهو غاضب: أنت لعينة وحمقاء إذا كنت لا تشترين لي هذه الحلوي أنا أكرهك
واختارت أمه رداً لا يجرح شخصيته حيث قالت: سأزعل جداً إذا شتمتني هكذاا
ردعليها ابنها : أنا لا يهمني أنت كريهة وغبية
اجابت أمه بطريقة حازمة: أنا لا اسمي هذه الاسماء ولا اشعر حتي أنني اريد أن استمع لشخص يحدثني بهذه الطريقة
قال باسل غاضباً : وأنا لا أريد أن اكلمك ابداً بعد الآن
أجابت والدته : أنا اعلم انك غاضب جداً الآن ربما شعرت أنك تريد أن تتكلم معي فيما بعد
وواسلت سيرها إلي مكان دفع النقود وباسل يتبعها وفي طريق العودة إلي البيت قال لها ابنها: ماما أن آسف لأنني ناديتك بهذه الاسماء هل لازالت غاضبة مني .
نلاحظ في هذا الموقف أن أم باسل لم تغضب عليه عندما أساء التصرف وانما تجاوبت معه باسلوب هادئ لكنهااستطاعت به أن تطورسلوك ابنها وهو ما نهدف اليه عندما يثير اطفالنا غضبنا بتصرفاتهم السيئة فهي رغم غضبها الداخلي لم اطلقه عليه انها من اوصاف إلا أنها كتمت غضبها وردت عليه باجابات قصيرة بما تشعر به قائلة : سأزعل كثيراً إذا شتمتني هكذا
وكان تستطيع عندما شتمها قائلاً : أنها كريهة وغبية بأن ترد عليه غاضبة : كيف تجرو وتطلب علي هذه الاوصاف يا قليل الادب
إلا أنها ختارت أن تعبر عن شعورها نحو سلوكه السلبي معها بجمل قصرية دون أن تجرح شخصيته ثم احسنت القول عندما اشعرته بمشاركته مشاعره عندما قالت له: أنا أعلم أنك غاضب جداً الآن ربما شعرت أنك تريد أن تتكلم معي فيما بعد
لقد تأكد ابنها أنه لن ينال ما يريد بهذه الالقاب السيئة التي يرميها في وجهها وقد خجل من نفسه في طريق العودة إلي البيت واعتذر لأمه وطلب رضاءها عنه والابناء يريدون دائماً رضاء آبائهم عليهم .
ولكن لنفترض أننا طلبنا من الطفل أن يعبر عن غضبه بالكلام بدلاً من الركل والضرب والانين فعبر عنه بكلام وقح ضايقنا علي الأم عندئذ أن لا تثور علي ابنها وانما توضح له أنها لاتحب أن تسمع مثل هذه الالفاظ لكي يبتعد عنها لأنها إذا عاقبته وهي التي طلبت منه التعبير عن غضبه لن يثق بها مرة اخري ولن يعبر بالكلام عن ذلك الغضب ما دام سيعاقب عليه
كما أن كثيراً ما يقول الطفل لأمه اثناء غضبها: انت لا تحبينني
وغالباً ما ترد عليه الأم: بالطبع أحبك بينما هي في الحقيقة لا تشعر بهذا الحب بسبب شدة غضبها فيشعر ابنها بذلك ولا يستطيع أن يصدقها لذلك من الافضل أن تقول له في مثل ذلك الموقف : أنا اشعر حالياً بالغضب من تصرفك ولا اريد أن أتكلم عن الحب وإنما عن الالعاب التي لم تضعها في مكانها بعد أن انتهيت منها وضربك لاخوتك الذي يجب أن يتوقف .
وعندما يزول غضب الأم فيما بعد تستطيع أن تقول لطفلها : إنها لاتحب تصرفاته السيئة لكنها تحبه هو كثيراً وهذا ما يريد ابنها أن يشعر به لتطمئن نفسه ويسعي إلي تطوير سلوكه.